سلطت صحيفة الغارديان البريطانية، الضوء على ما يتعرض له المسلمون في الهند من إساءات في ظل عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في الوقت الذي يستضيف قادة مجموعة العشرين، ويروج أن الهند نموذج الديمقراطية في العالم.
وتشير كاتبة المقال رنا أيوب، إلى اللوحات الإعلانية التي انتشرت في الهند، وخاصة في العاصمة نيودلهي، وهي تحمل صور مودي وترحب بالمشاركين في القمة بالبلد الذي وصفته بأنه “أم الديمقراطية لاستضافة قمة مجموعة العشرين”.
وتضيف الكاتبة أنه على مدار العام الماضي، ومن خلال زيارته الرسمية التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة إلى الولايات المتحدة، ورحلاته الدولية الأخرى بما في ذلك مشاركته في اجتماعات مجموعة الدول السبع، أشاد مودي بفضائل الديمقراطية، وبالأمة العلمانية والشاملة، مع إجلاله للمهاتما غاندي في كل فرصة متاحة. لكن تضيف الكاتبة أن “هذا المسار ما هو إلا واجهة تخفي الواقع القبيح للهند الحالية، ويتمثل في أن الأقليات تتعرض لهجوم لا هوادة فيه”.
وللدلالة على ما تقول، تعطي الكاتبة عدة أمثلة عن اعتداءات حصلت هذا العام، ومنها ما حصل بتاريخ 31 يوليو/ تموز الماضي، عندما فتح شرطي السكك الحديدية، تشيتان كومار سينغ، النار على متن قطار للمسافات الطويلة، مما أسفر أولا عن مقتل ضابطه الكبير، ثم شرع في قتل ثلاثة ركاب مسلمين. وبعد إطلاق النار عليهم، وقف بجانب جثة تنزف بغزارة وهتف باسم مودي وحليفه القومي الهندوسي، يوغي أدياناث، قائلا: “إذا كنت تريد العيش والتصويت في هندوستان (أي الهند)، أقول لك، إن عليك انتخاب مودي ويوغي فقط”.
وتوضح الكاتبة أن هذا الحادث قد يبدو بالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بالواقع اليومي للهند، بأنه مجرد انحراف، ولكن بالنسبة للكثيرين، فإنه ببساطة تعبير شنيع عن واقع جديد في بلد تكون فيه الكراهية ضد المسلمين، هي الطريق السهل للفوز بالانتخابات، واكتساب الشعبية والمقبولية في ذلك المجتمع.
وترى أن الشرطي القاتل، قام عبر إطلاق نار، بالتنفيس عن غضبه ضد المسلمين، بعدما شاهد مسيرات الكراهية ضد المسلمين والتي نظمتها منظمات اليمين المتطرف في جميع أنحاء البلاد.
ومن الأمثلة الأخرى التي تطرحها الكاتبة، ما حصل في الأسبوع الأول من آب/ أغسطس، وسط الاستعدادات لانعقاد قمة مجموعة العشرين، حيث “وقعت أعمال شغب طائفية على بعد ساعة من دلهي، عندما أحرق حشد هندوسي مسجدا للمسلمين، كما صدرت دعوات لمقاطعة اجتماعية واقتصادية للمسلمين في مدينة جورجاون، التابعة لدلهي، من قبل المنظمات القومية الهندوسية اليمينية المتطرفة”.
وتذكر الكاتبة أنواعا أخرى من الإساءة للمسلمين فتقول: “إنه عندما لا يتم إعدامهم (دون محاكمة) بسبب اتهامهم بتناول لحوم البقر أو تهريب الأبقار، يتم اتهام المسلمين بشنّ حرب ضد نظرائهم الهندوس من خلال مؤامرة خيالية تسمى “جهاد الحب”، حيث يُتهم الرجال المسلمون بإغواء النساء الهندوسيات للزواج منهن ثم التخلي عنهن”.
وفي وقت سابق من هذا العام، “جرت العشرات من المسيرات في جميع أنحاء ولاية ماهاراشترا، حضرها قادة من حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي، وتمت المطالبة خلال تلك المسيرات بقوانين ضد الزواج بين الأديان”.
تروي الكاتبة ما عاينته أثناء تجولها في جميع أنحاء المدينة، لتغطية وتوثيق تلك المسيرات، فتقول: “شاهدت نفس العداء تجاه المسلمين الذي شاهدته في غوجارات عام 2002، عندما كان مودي رئيس وزراء الولاية، وتم قتل أكثر من 800 مسلم أمام ناظريه”.
وتوضح الكاتبة:”لا يتم إهانة المسلمين بالهند في الشوارع فحسب، بل يتم شيطنتهم وتشويه سمعتهم على الشاشة الكبيرة. فقد أشاد مودي ودافع عن فيلمين تم تصنيفهما على أنهما معاديان للإسلام بشدة، وخاصة عند استعراض قضية كشمير”.
وتحذر الكاتبة أنه “مع تشبّع الثقافة بالصور التي تصف المسلمين على أنهم خونة مناهضون للهنود، ليس من المستغرب أنه بعد يوم واحد من هبوط مركبة هندية على سطح القمر، أن تشاهد البلاد فيديو تظهر فيه معلمة في ولاية أوتار براديش الشمالية، تطلب من تلاميذها في الفصل الدراسي التناوب على صفع طالب مسلم يبلغ من العمر سبع سنوات. وفي الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع، يقف الصبي هناك يبكي في غرفة مليئة بالكراهية واللامبالاة”.
وتضيف: “تم حجز المعلم في نهاية المطاف من قبل الشرطة، لكن وبشكل مثير للجدل، أوقفت الشرطة المحلية أيضا الصحافي المسلم محمد الزبير، بزعم الكشف عن هوية الطفل من خلال مشاركة الفيديو عبر الإنترنت”.
وتعتبر كاتبة المقال أن مودي يتحدث بلغتين: “الأولى هي التحدث ببلاغة شاملة عن غاندي والديمقراطية عندما يراقبه العالم، والثانية هي لغة الصمت تجاه انحدار بلاده نحو قبضة الأغلبية الهندوسية القومية العنيفة”.
وتضيف الكاتبة: “يقدم رئيس الوزراء نفسه كزعيم عالمي من خلال استضافة الهند لقمة مجموعة العشرين. وتصوره القنوات الإخبارية الرئيسية في الهند بأنه الزعيم الوحيد الذي لديه حل لأزمة أوكرانيا والقضايا العالمية الأخرى، دون التشكيك في عدم قدرته على إصلاح الاضطرابات المدنية في الهند. وفي أسبوع قمة مجموعة العشرين، عندما تحتاج الهند إلى إبراز نفسها كديمقراطية تعددية شاملة، تركز المناقشات الآن على إعادة تسميتها بهارات، ليزعم مودي التحرر من السلاسل الاستعمارية، بينما الوجه الخفي لهذا النقاش هو بطبيعة الحال، رغبة اليمين السياسي في استعادة مجد الأمة الهندوسية”.
وتختم بالقول: “إن الدول الأجنبية التي تسمي الهند أكبر ديمقراطية في العالم من أجل كسب المصالح التجارية والجيوستراتيجية، إنما هي متواطئة في حالة التدهور المتسارع للقيم الديمقراطية في الهند، ففي الوقت الحالي، يترنح مستضيف قمة مجموعة العشرين في ظل واحدة من أكثر الفترات غير الديمقراطية في تاريخ البلاد”.