قال ممثل مفوضية اللاجئين في الأردن دومينيك بارتش، إن للإعلان عن “تخفيض محتمل” للمساعدات الغذائية التي يديرها برنامج الأغذية العالمي “تأثيرا كبيرا جدا” على اللاجئين في الأردن، مبديا قلقه من أن يؤدي هذا التخفيض إلى “أزمة إنسانية جديدة”.
وأضاف، في مقابلة إن المساعدة الغذائية عنصر حاسم في كيفية دعم اللاجئين لأنفسهم، وبذلك قد يؤدي نقصانها إلى التحول إلى وضع يحاول فيه اللاجئون التعايش مع هذا الوضع المالي، من خلال آليات التكيف السلبية.
“على سبيل المثال، قد تضطر عائلات إلى إخراج أطفالهم من المدارس، في محاولة منهم لتأمين دخل إضافي صغير للعائلة”، حسب ما أورد بارتش في مثال على تخفيض المساعدات، مشيرا إلى أن الأمر “لن يصب في مصلحة أحد أبدا”، لأن التعليم أحد أهم ركائز التقدم الاقتصادي.
وأبدى بارتش “قلقا شديدا” كون هذا الأمر سيضيف مزيدا من الضغط على أسر اللاجئين، وسيؤدي إلى وضع يتفاقم فيه الفقر.
ويستضيف الأردن قرابة 60 ألف لاجئ عراقي مسجلين لدى المفوضية، وأكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة السورية في 2011، بينهم نحو 657 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى المفوضية، وتقول المفوضية إن 736159 لاجئا مسجلين لديها من الجنسيات جميعها عدا اللاجئين الفلسطينيين الذين يتبعون لوكالة الأونروا، وذلك حتى الثاني من آب 2023.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي في تموز الماضي، عن تقليص مساعداته الغذائية الشهرية لـ465000 لاجئ مستفيدين في الأردن، مستثنيا قرابة 50 ألف لاجئ من تلك المساعدات.
بارتش، قال إن مفوضية اللاجئين تعمل في الأردن منذ أكثر من 40 عاما، ووسعت نطاق عملها ووجودها إلى حد بعيد في أعقاب الحركة الكبيرة للاجئين إلى الأردن في عامي 2011-2012، موضحا أنه “منذ تلك الفترة والمفوضية تقدم المساعدة عبر توفير الاحتياجات الأساسية للاجئين”.
وأضاف أن “المساعدة الأساسية تشمل النقدية؛ وهي طريقة فعالة جدا لتقديم المساعدة للاجئين؛ مما يمنحهم الشعور بالكرامة ليقرروا بأنفسهم ما هي الأولوية والأمر الأكثر أهمية بالنسبة لهم”.
وأشار بارتش إلى أن المفوضية تعمل من كثب مع الشركاء في برنامج الأغذية العالمي والعديد من المنظمات غير الحكومية والهيئات الدولية التي تدعم اللاجئين لـ”حشد التنسيق للاستجابة والتأكد من عدم وجود ثغرات حرجة مكشوفة والتأكد من وجود إحساس مشترك بالأولويات حول الأنشطة الأكثر أهمية لدعم اللاجئين”.
وأكد أن المفوضية حققت مع الحكومة الأردنية “تقدما كبيرا للغاية”، في مساعدة اللاجئين على الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم وسوق العمل، الأمر الذي ساعد العديد من اللاجئين على الوقوف على أقدامهم وعدم الاعتماد على المساعدات فقط.
– أزمة إنسانية جديدة –
وعبّر بارتش عن خشيته من “تغير الوضع حاليا”، لأن العديد من المانحين الدوليين الذين يقدمون المساعدة للمفوضية والشركاء الآخرين “يرون أولويات أخرى” في ظل وجود حالات طوارئ أخرى في العالم تستدعي الدعم، مثل الأزمات في السودان وأوكرانيا.
“نخشى أن يتزايد الضغط على أسر اللاجئين، مع هذا التغيير في الدعم المالي، ونخشى أن تكون العديد من أسر اللاجئين قد استنفدت بالفعل ديون الأسرة، وبدأت بالحصول على قروض، وتواجه ضغوطا اقتصادية”، وفق ممثل مفوضية اللاجئين في الأردن.
وأبدى قلقه من أن يؤدي الوضع الحالي إلى “أزمة إنسانية جديدة”، بعد سنوات عديدة من وصول اللاجئين إلى ما هم عليه حاليا.
ودعا بارتش إلى مضاعفة الجهود لتذكير المجتمع الدولي والمانحين باستمرار الدعم وتكثيفه والالتزام بذلك، مضيفا “نحتاج أيضا إلى التذكير والتركيز على الوضع السياسي، فنحن لا نستطيع تحمل وضع يتم فيه ترك الأردن بمفرده بصفته دولة مضيفة سخية”.
وأشار إلى أن الأردن استقبل عددا كبيرا من اللاجئين، داعيا إلى وجود التزام متجدد، قائلا “طالما أن الأردن يستضيف مثل هذا العدد الكبير من اللاجئين، فإنه يتطلب دعما مستمرا من المجتمع الدولي وتضامنا مستمرا”.
وأوضح بارتش أنه “غير متأكد تماما” من وجود علاقة مباشرة بين المبادرات السياسية وأنماط الإنفاق للحكومات المانحة الرئيسة، مشيرا إلى أن المانحين ملتزمون التزاما واضحا جدا بالتركيز على الاحتياجات الإنسانية، وهذا أساس تحديد أي موقف يتطلب تمويلا.
وتابع “لا تُستخدم المساعدات الإنسانية حقا كأداة سياسية للتعبير عن الدعم أو عدمه”، مؤكدا أن المفوضية منفتحة على أي مبادرة قد يكون لها تأثير إيجابي في نهاية الأمر لتأمين عودة اللاجئين إلى سوريا”.
وفي رده على تأمين عودة اللاجئين، قال “ربما لسنا الأفضل الآن للتعليق على تفاصيل مناقشة مبادرة عودة اللاجئين لسوريا، ولكن بالتأكيد إذا تمت معالجة المخاوف التي يعبر عنها السوريون، فإننا نرحب بهذه المبادرات”.
وأكد بارتش أن “لدى المفوضية سجلا واضحا للغاية للقضايا التي تحتاج إلى معالجة، من أجل ضمان وتأكيد أن الوضع آمن بالفعل لعودة اللاجئين إلى موطنه، داعيا أن يعود اللاجئون الذين يرغبون بالعودة الطوعية آمنين، وقادرين على بناء حياتهم، وضمان حماية الدولة لهم.
وأشار إلى أن الغالبية العظمى تعتقد أنهم “سيكونون قادرين على العودة إلى ديارهم يوما ما”، مضيفا “في الوقت ذاته إذا سألنا اللاجئين هل ستعودون خلال الـ12 شهرا المقبلة، فإن ما نسبته 1% فقط يؤكدون استعدادهم للعودة إلى ديارهم، وما نراه في ذلك، هو أنه من منظور اللاجئين، الوضع ليس سليما ومناسبا الآن”.
وأكد أن انعدام الأمن “لا يزال موجودا”، ولا تزال هناك قضايا متعلقة بالعفو وقضايا تتعلق باستمرار التجنيد الإلزامي، وبالطبع من المهم للغاية ضمان وجود المفوضية في جميع أنحاء سوريا من أجل التمكن من مرافقة حركة العودة الطوعية هذه.
وبيّن أن المفوضية تضاعف جهودها مع الحكومة للتأكد من أن الاستجابة لعودة الاجئين ممولة، وأن “هناك إثباتا مستمرا للالتزام في المجتمع الدولي، وأننا نفعل أفضل ما في وسعنا في هذا الشأن”.
وقال بارتش “بصفتنا المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، نحاول جلب الشركاء، والتأكد من أننا نجري محادثة جيدة مع الجهات الفاعلة في مجال التنمية التي تدعم الأمور الحاسمة للغاية من أجل الاستجابة للاجئين”.
وبيّن أن استجابة اللاجئين “ليست إنسانية حصرا”، موضحا أن هناك شركاء يدعمون أمورا معينة، على سبيل المثال هناك جهات تدعم وزارة التربية والتعليم في إدارة مدارس الفترتين، وهو قرار مبدع ومبتكر للغاية اتخذه الأردن عند وصول اللاجئين لأول مرة، وتستمر هذه الجهات بدعم المتطلبات الإضافية في قطاع التعليم، من حيث الغرف الصفية الإضافية والمعلمون الإضافيون الذين يتعين دفع رواتبهم.
“ما يقلقنا هو أن كل هذا يجب أن يكون منسقا بشكل جيد، وأن يكون هناك تواصل دائم بين الوكالات الإنسانية والجهات التنموية الفاعلة للتأكد من أننا نركز طاقتنا على تقديم الدعم للاجئين وللحكومة في الأردن”، وفق ممثل مفوضية اللاجئين في الأردن دومينيك بارتش.