قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء، إنه تحدث إلى رئيس النيجر محمد بازوم للتعبير عن استمرار الجهود الرامية لإيجاد حل سلمي للأزمة الدستورية في الدولة الإفريقية.

وقال في تغريدة: “تكرر الولايات المتحدة دعوتها للإفراج الفوري عنه وعن أسرته”.

وبدا النظام العسكري المنبثق من الانقلاب في النيجر الثلاثاء، غير مهتمّ بعروض الحوار من دول غرب إفريقيا والولايات المتحدة لتجنّب احتمال تدخّل عسكري يهدف إلى إعادة النظام الدستوري.

وقبل يومين من انعقاد قمّة لقادة المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا (إيكواس) للبحث في وضع النيجر، لم يتمكّن وفد مشترك يضمّ ممثّلين لإيكواس والأمم المتحدة والاتّحاد الإفريقي من التوجّه الثلاثاء إلى النيجر، حسبما أعلنت المجموعة الاقتصاديّة مساءً.

وأضافت إيكواس أنّ هذه المهمّة المشتركة أُلغِيَت على أثر رسالة وجّهتها السلطات العسكريّة في النيجر، قالت فيها إنّها لن تستقبل هذا الوفد الثلاثيّ.

في وقت سابق، قالت الخارجيّة النيجريّة في رسالة موجّهة إلى ممثّلية إيكواس في نيامي، إنّ “السياق الحالي من غضب السكّان واستيائهم بعد العقوبات التي فرضتها إيكواس لا يسمح باستقبال الوفد المذكور في أجواء هادئة وآمنة”.

وأضافت الرسالة المؤرّخة الاثنين، وتلقّت وكالة فرانس برس نسخة منها “تبيّن أنّ إرجاء زيارة البعثة المقرّرة” ليوم الثلاثاء “إلى نيامي ضروريّ (…) في هذا الجوّ من التهديد بالعدوان على النيجر”.

في رسالة أخرى، قالت الخارجيّة النيجريّة، إنّ “التصاريح الدبلوماسيّة الدائمة” الممنوحة عام 2023 “لطائرات الدول الصديقة وشركاء النيجر عُلّقت مؤقّتا” من دون تحديد نوع الطائرات أو الدول المعنيّة.

وكانت إيكواس قد هدّدت بالتدخّل عسكريا في النيجر؛ لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة بعدما أطاحه انقلاب في 26 تموز/يوليو.

وجاء هذا التهديد على شكل مهلة مدّتها سبعة أيّام حدّدها قادة إكواس للجيش النيجري في 30 تموز/يوليو. لكنّ هذه المهلة لم تُحترم وقد انتهت مساء الأحد، وبدا واضحا أنّ إيكواس تفضّل سلوك مسار الحوار.

حوار “صعب”

يُضاف تأجيل زيارة الوفد إلى مؤشّر آخر تمثّل في تعيين رئيس مدنيّ للوزراء هو علي الأمين، في ما يُعدّ خطوة أولى نحو تعيين حكومة انتقالية.

ورغم موقف العسكريّين الانقلابيّين، أكّد رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يرأس إكواس أيضا، الثلاثاء، أنّه والقادة في التكتّل الإفريقي “يفضّلون قرارا يتمّ الحصول عليه بسبل دبلوماسيّة، بسبل سلميّة” لكنه شدد في الوقت نفسه على “عدم استبعاد أي خيار”.

بدورها، سعت الولايات المتحدة، شريكة فرنسا في محاربة جماعات مسلحة تقوّض هذا البلد وجزءا كبيرا من منطقة الساحل، إلى الحوار.

فقد زارت مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند نيامي الاثنين، حيث التقت الانقلابيين. لكن الاجتماع لم يحضره الجنرال عبد الرحمن تياني، الرجل القوي الجديد في النيجر. كما أنها لم تلتقِ الرئيس محمد بازوم الخاضع للإقامة الجبرية.

وقالت، إنّ المحادثات التي شارك فيها خصوصا الرئيس الجديد لهيئة الأركان موسى سالو بارمو “كانت في منتهى الصراحة، واتّسمت أحيانا بالصعوبة”.

وذكرت أنّها عرضت “عددا من الخيارات” لإنهاء الانقلاب، مضيفة “لن أقول إنّ هذا العرض أُخِذ في الاعتبار بأيّ طريقة”.

من جهته، قال وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدوليّة الاثنين “من المؤكّد أنّ الدبلوماسّية هي السبيل الأفضل لحلّ هذا الوضع”.

ولاحقا، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية في واشنطن “لا نزال نتأمّل، لكننا أيضا واقعيون جدا” بالنسبة إلى نجاح المسار الدبلوماسي.

طيف موسكو

وأضاف بلينكن: “أعتقد أنّ ما حدث… في النيجر لم يكن من تنظيم روسيا أو فاغنر، لكن … حاولوا الاستفادة منه”.

تُقدّم فاغنر خدمات للأنظمة الإفريقية المتعثّرة؛ ففي مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، تحمي هذه المجموعة السلطة القائمة، وتقدّم التدريب العسكري.

الثلاثاء، أعلنت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي غالبا ما تُهاجم خلال الاحتجاجات في غرب إفريقيا، أنها تدعم “جهود دول المنطقة لاستعادة الديمقراطية” في النيجر.

وتشهد علاقات قادة نيامي الجدد توتّرا مع الدول الغربية ومعظم الدول الإفريقية التي أدانت الانقلاب، إلّا أنّها ممتازة مع مالي وبوركينا فاسو اللتين يقودهما أيضا عسكريون استولوا على السلطة بالقوة عامي 2020 و2022 على التوالي.

وأبدى البلدان تضامنهما مع النيجر، مؤكّدَين أنه إذا تعرّضت لهجوم من إيكواس، فسيكون ذلك بمثابة “إعلان حرب” عليهما.

الثلاثاء، وجّه البلدان رسالتين مشتركتين إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، شدّدا فيهما على ضرورة اضطلاع الهيئتين بـ”المسؤولية” في منع “أي تدخّل عسكري ضد النيجر” ومحذّرين من تداعيات “أمنية وإنسانية لا يمكن التنبؤ بها”.

رويترز