هلا نيوز
علقت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها على أحداث السبت في روسيا، قائلة إن مشاكل بوتين لم تنته بعد. فمع توقف تمرد فاغنر سريعا إلا أن التداعيات ستردد في روسيا وخارجها.
وقالت إن يفغيني بريغوجين، زعيم فاغنر للمرتزقة، أوقف مسيرته نحو موسكو بشكل مفاجئ يوم الأحد، تماما كما بدأها يوم السبت. إلا أن عصيان فاغنر مهما كان قصيرا، إلا أنه أدى لتآكل صورة فلاديمير بوتين في عين النخبة والرأي العام الروسي.
فقد سيطر المرتزقة على القيادة العسكرية للحرب في أوكرانيا بمدينة روستوف، وساروا نحو العاصمة، مما أجبر بوتين على التحذير من “تهديد قاتل على الدولة” وحث عمدة موسكو السكان على التزام بيوتهم.
وفي الوقت الذي كان تحرك بريغوجين محاولة يائسة لمنع دمج قواته في القوات النظامية، فإن البعض يتساءل إن كان خلف التمرد، نزاع داخلي وسط النخبة الحاكمة في روسيا. فقد أظهر بريغوجين وقاحة وجرأة في نقده لوزير الدفاع سيرغي شويغو، وقائد القوات الروسية في أوكرانيا فاليري غيراسيموف. وبدا الأمر وكأنه يتحرك بموافقة من بوتين.
وفي يوم الجمعة، لم ينتقد بريغوجين طريقة إدارة الحرب في أوكرانيا فقط، بل المبرر لها أيضا، هذا قبل أن يزعم أن القوات الروسية قتلت عددا من جنوده في هجوم صاروخي وطالب بانتقام من القيادة العسكرية “الشريرة”. وبعد يوم من اتهام بوتين له بالخيانة، تحدى بريغوجين سيده علانية.
وتعلق الصحيفة أن “غرور بريغوجين مثير للدهشة، فصعوده غير المحتمل بدأ من بلطجي صغير إلى بلطجي على نطاق أوسع، فمن خلال كشك لبيع النقانق إلى متعهد وجبات طعام للجيش. ويعتقد أن شبكة فاغنر أرسلت مرتزقة إلى 30 دولة، وأنشأ بريغوجين عمليات تخريب على الإنترنت واتهمته الولايات المتحدة بالتدخل في انتخابات الرئاسة عام 2016.
وكانت فاغنر شبكة تعطي موسكو ستارا من الإنكار، ونفى مؤسسها أي علاقة بها وتقدم بدعاوى قضائية ضد من تحدث عن رابطة له معها، هذا قبل أن يعترف بعلاقته الوثيقة بها في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وتعلق الصحيفة أن زعم بريغوجين أنه قرر وقف مسيرة جنوده حقنا للدماء مثير للدهشة، في ظل نزعة القتل والجرائم التي ارتكبوها في أوكرانيا وسوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى والدول الأخرى. وتقول: “يبدو أنه اكتشف عدم قدرته على حشد دعم كاف، ولكنه لم يعاقب، على الأقل حتى الآن، ويقال إنه سيذهب إلى بيلاروسيا، بعد الوساطة التي قام بها الرئيس ألكسندر لوكاشينكو. وسيتم العفو عن المقاتلين الذي دعموا العصيان، أما البقية فسيتم دمجهم في الجيش كما هو مخطط.”
وربما كان انهيار فاغنر علامة أمل لأوكرانيا وحملتها العسكرية المضادة، وكذا لحرف نظر القيادة الروسية. والأهم من كل هذا، هو أثر الحادث على معنويات القوات الروسية والعلاقات بين النخبة الحاكمة. فالصفقة ونجاة بريغوجين من عصيانه يعني ضعف بوتين.
وفي يوم السبت، قارن بوتين بين العصيان الأخير وعام 1917، حيث اندلعت الحرب الأهلية التي دمرت الدولة والجيش، وقارن آخرون مع التحرك في التسعينات ضد ميخائيل غورباتشوف. وهناك قلة تفترض أن بوتين سيواجه نفس المصير، إلا أن سيطرته على الحكم تبدو واهية فلم تواجه البلاد تهديدا كهذا طوال حكمه.
وخلال 18 شهرا، واجه بوتين ضربتين، عمليته الفاشلة للسيطرة على كييف والآن تمرد تابعه وجماعته المسلحة التي دعمها. وعدم اليقين والإهانة يجعلان أكثر خطرا. وربما انتهى عصيان بريغوجين إلا أن تداعياته بدأت تتكشف.