أنجبت رسمية التوائم الأربعة “عبد الرحمن، وركان، وريان، ونجاح” عبر نطفة مهربة من زوجها الأسير الفلسطيني أحمد شمالي، المعتقل منذ أكثر من 15 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
أحمد الذي يقبع في سجن “نفحة” الصحراوي، هرّب نطفة استقبلتها عائلته على حاجز بيت حانون، بإشراف طبي، ونجحت العملية فأنجبت رسمية 3 ذكور وأنثى.
وقالت رسمية، بلغة لم تخل من فخر، إن عملية التهريب والزراعة لم تكن الأولى: “فشلت المرتان السابقتان لأسباب طبية لكن الثالثة نجحت وعوضت سابقاتها”.
وآثرت العائلة عدم الكشف عن طريقة التهريب لإعطاء الفرصة لغيره من الأسرى.
وأشارت زوجته، التي وصلت قبل يومين منزلها في حي الشجاعية بمدينة غزة، إلى أن المسألة ليست فقط إنجاب لكنها تحدٍ للسجان بكل المعايير، فالسجن إعدام بطيء، لكن أحمد قرر أن يستغل الوقت، ويحاول أن يعيش كباقي البشر.
ونجح أحمد داخل السجن في دراسته الجامعية والماجستير في الدراسات التاريخية، ونجح كذلك تهريب النطفة كي تستمر الحياة، وفق رسمية.
وأشارت الزوجة التي وصلت من مستشفى المقاصد بالقدس المحتلة، إلى أن عملية التهريب والإنجاب هي مسألة إثبات حق ووجود في الحياة، لا سيما وأن لديهما طفلان، عبيدة (17 عاما)، وعلي (14عاما)، قبل اعتقال زوجها.
وأضافت: “نحن عمليا نتمتع بالأطفال ولكن صارت المسألة أن الاحتلال يريد أن يشل حياتنا ونحن نتحداه”.
ويعج منزل الأسير شمالي بالمهنئين من الجيران والأقارب، ووزعت العائلة الحلوى على الزائرين ابتهاجا بنجاح العملية.
وبجانب صورة كبيرة لوالد الأسير وجده الشهيد وقف عبيدة، الابن الأول لأحمد، ذو بشرة بيضاء وشعر أشقر، يحمل أخاه الجديد “راكان” الذي يشبهه في لون الشعر والبشرة، وقال فرحا إنه أصبح لديه أخوة صغار.
وتابع مبتسما “سيخرج أبي من السجن قريبا ويكون أخوتي قد كبروا، وأصبح لي أخت أيضا”.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أحمد في 2 آب 2008 وحكمت عليه بالسجن 18 عاما بتهمة الانتماء لحركة فتح ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مدير الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينيين عبد الناصر فروانة، إن مسألة تهريب النطف هي حق وغريزة إنسانية في المقام الأول، إضافة إلى أنها عملية تمرد وانتصار على سياسات الاحتلال ضد الأسرى.
وأشار فروانة، وهو أسير سابق، إلى أن عمليات تهريب النطف بدأت تقريبا في 2012 وأنجبت زوجات الأسرى 118 طفلا بعد 78 عملية تهريب.
ويقبع في سجون الاحتلال 4900 أسير فلسطيني (رجالا ونساء) منهم 559 محكوما عليهم بالسجن المؤبد أو عدة مؤبدات، و400 أسير يقبعون في الأسر منذ عشرين عاما وأكثر، وفقا لفروانة.
ومَر حمْل رسمية بفترات خطرة سيما في الشهرين الأخيرين، وانتقلت من غزة لمستشفى المقاصد قبل موعد الميلاد، وضعت التوائم الأربعة في 3 أيار الماضي، وكانوا في وضع “حساس” فنقلهم الطاقم الطبي إلى حضانة خاصة بالمواليد الجدد.
ومكثت في المستشفى لمدة 46 يوما تخللها رعاية ما قبل الميلاد وعملية الولادة والحضانة، وفقا لما قالت.
وتكفلت الحكومة الفلسطينية بالتغطية المالية لمكوث رسمية وأطفالها في المستشفى.
وأشار فروانة إلى أن الأسرى منذ بداية التسعينيات ناقشوا بينهم ومع ذويهم ورجال دين قضية التهريب ونجحت أول عملية على يد الأسير عمار الزبن عام 2012، وكان مشجعا لغيره.
وقالت نجاح شمالي (65 عاما)، والدة أحمد، إن العملية هي هزيمة للسجان الإسرائيلي الذي يتلذذ بتعذيب الأسرى الفلسطينيين وعوائلهم الذين يُحرمون مرارا من زيارة أبنائهم.
وأشارت والدة الأسير إلى أنها حُرمت من زيارة ابنها أكثر من مرة منها 7 سنوات متواصلة دون زيارة واحدة.
وتابعت “كانت آخر زيارة مقررة لي في الثالث والعشرين من أيار الماضي لكن الاحتلال منعني، ومنعني أيضا من مرافقة زوجة أحمد للمستشفى في القدس”.
وحول روح “التحدي” التي يتمتع بها أحمد قالت والدته إنه تربى في منزل باتت فيه مقاومة الاحتلال جزءا من يومياتها فوالده عبد الرحيم منصور شمالي اعتقل واستشهد عام 1987.
وتعبيرا عن فرحتها بالتوائم الأربعة قالت والدة أحمد “شعرت أن جزءا من أحمد سبقه إلى البيت الأمر الذي خفف من ألم الفراق وجعلني أزداد إيمانا أن أحمد سيعود قريبا.”
وقال فروانة، إن ما يشجع عمليات التهريب هو تحمس الأسرى وروح التحدي لدى الأسرى الذين ينظرون لها كوجه من أوجه المقاومة، والأهالي والحاضنة المجتمعية والوطنية والدينية التي تكتنفها، أضف إلى ذلك تطور الطب الأمر الذي يؤهل عمليات الزراعة ونجاحها.
وفا