هلانيوز – عمان
استهل “صالون السبت الثقافي”، الذي اطلقته امانة عمان الكبرى مساء اليوم السبت أولى أمسياته باستعراض كتاب “الحب في القرآن الكريم” لكاتبه الباحث سمو الأمير غازي بن محمد، حيث القي الضوء في الأمسية الحاشدة بجاليري رأس العين على المعاني الجامعة لقيمة ومفهوم الحب التي تناولها كتاب الامير غازي بالشرح والتفصيل. واستعرض متحدثون ما تركه الكتاب القيم والمحكم للامير غازي، والذي حصل بموجبه على رسالة الدكتوراة من جامعة الأزهر الشريف العام 2010 ، من آثار وفضائل في التعريف بالاسلام والقران الكريم، وما حواه من نصوص وقيم راقية عن عاطفة الحب بكل اشكاله، وتصديه لتحريف المحرفين والمتطرفين والجهلة لقيم الاسلام باعتباره دين رحمة وحث على الحب ونبذ الكراهية والتعايش بين بني البشر. واستهل وزير الأوقاف الأسبق الدكتور وائل عربيات الحديث حول كتاب “الحب في القران الكريم”، وقال أن “هذا الكتاب العظيم والسفر المكنون خرج من شخصية مرهفة مملوءة بالإحساس، فكاتبه سمو ألأمير غازي بن محمد حفظه الله”، واشار إلى ان الأمير “واضح ان ذاته الكريمة والعظيمة قد انعكست عندما اختار هذا الموضوع الذي يدلُّ على شخصية مرهفة مملوءة بالاحساس والمحبة، صادقة في اللهجة، عطوفة رقيقة انعكست على الكتاب ومحتواه”. واضاف عربيات “كأني بسموه ينظر الى ما عليه الكثير من البشرية من الكره والعدوانية، وفي المقابل فانه يعود إلى أصل الخلق والإنسانية الربانية التي أضفى عليها ثوب الرحمة ما انعكس على الفطرة السوية التي تقود البشر إلى الحب الذي هو أصل الخلق، فلولا أن الله أحب الخلق لما خلقهم”. وراى عربيات ان الامير “يسترسل في تعريف الحب تعريفا دقيقا وكريما، ويذكر بأنّ هذا الشيء، وهو الحب، مرتبطٌ بالشعور والإحساس، فهو شيئٌ لا يمكن إحاطته بتعريف مبتسر، ولكن الحب شيء حقيقي لأن الله عز وجلَّ قد ذكره في كتابه العزيز”. وقال ان سموه “ألف كتابه القيم في زمنٍ ضربت فيه الكراهية وخطابها. وبعض اهل زماننا بالكره منشغلون وبنشر البغض سائرون وعن الحب وأهله منصرفون، حتى غدت لفظة الحب للسخرية غرضاً ويُغضُّ الطرف عنها عند أصحاب خطاب الكراهية”. واضاف ان سموه “ألف الكتاب وأجاد في تأليفه وأفاد في توصيفه، وقد جاء الكتاب متميزاً في وصفه وإحاطته بالموضوع وهو الحب في القرآن الكريم وبأسلوب شيق”. وراى عربيات ان الكتاب “جاذب سهل ميسر محيط بالآيات البينات ومحملاَ ومحلقاً برسوخ على رصين وتحليل دقيق وابداعات في استحداث واستنباط لطيف دون ليٍ لأعناق النصوص بل بفتح آفاق للاجتهاد والمبني على قواعده وأصوله”. واكد هذا السفر العظيم ان الحب “هو كل ما في هذا الكون؛ فهو أصل الخلق فأودعه الله في كل شيءٍ وأضفى سبحانه على الخلق جميعا حبه”. مشيرا الى انه عزل وجل “أودع في فطرتهم وجيناتهم الحب ليتبادل العالم والكون الحب بالحب حتى أنه، أي الحب، سبب في إطالة الأعمار، “فمن أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره ويبارك له في رزقه فليصل رحمه”. واوضح عربيات ان “الرحمة هي الحب، والانسان حينما يولد من رحم أمه يولد معه الحب لأنه خرج من الرحم والرحم من الرحمة وهي الحب”. وقال “فكل من خرج عن أصل الحب الى غيره كان خارجاً عن الفطرة السويّة وعن سنن الكون فكان معبره الى الزوال”. ولفت عربيات الى ان الكتاب “قد عُرض على أهل العلم فانشرحت صدورهم وأبدوا من جميل ولطيف الملحوظات ما زاد في بهجته وجميل رونقه”، وقال “وكان سموه حفظه الله ورعاه بجميل صبره وكريم تلبثه قد استطاع أن يسدي إلى المكتبة العربية والاسلامية نفيسه هذا لعلَّ كل من اطلّع عليه ونظر فيه مفيدا ومستفيدا أن يجد فيه ما تقرُّ به عينه وتطمئنُّ به نفسه”. ودعا عربيات الى ان تكون هناك مادة “كمتطلب إجباري” في الجامعات الاردنية تسمى مادة “الحب في القران الكريم”، وكذا في المدارس ومناهج التربية والتعليم “تعزيزا لثقافة المحبة والتسامح”. كذلك حث على “ترجمة الكتاب إلى لغات متعددة لتعلم الانسانية مدى الحب الذي هو ركن ركين وهو أصل للإنسانية جميعا وليس للمسلمين فحسب، فتضاف الى رسالة عمان العظيمة ويكون الكتاب معززاً وسنداً لرؤية هذا البلد الهاشمي في تعزيز تواصل الانسانية نحو التسامح والعيش المشترك وكلمة سواء والمحبة والتآلف الانساني”. من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي انه “لتذوق روعة الحب, ووضع النقاط فوق الحروف, والعيش في عالم الحب, نستمتع ونقرأ ونبحث في كتاب سمو الأمير غازي بن محمد “الحب في القرآن الكريم”، حروفا وكلمات اشرقت درراً، وجمعت معاني الحب في عبارات وفقرات عاش في تنسيقها وتذوق نتائجها وتحليلها، آيات قرآنية خالدة عاش معها الأمير الهاشمي منذ نعومة إظفاره, رافقته في حله وترحاله, في كل مرحلة من مراحل عمره المديد بإذن الله, كانت له هادياً ونبراسا وطريقا”. واكد الخزاعي، في مداخلته، انه “ما احوج البشرية جمعاء للحديث بالحب وعنه، ما احوجنا للتحلي بمكارم الاخلاق ، وحسن النوايا وصدق التعاملات والمعاملات” . وراى ان “لا سعادة من غير حب, لا في الدنيا ولا في الآخرة, هذه أسرار الحب, ومن يريد السير في ركب السعادة فعليه أن يصل إلى شاطئ الأمان, أن ينهل من بحر الكلمات, ويتفكر في الكون وما به من جمادات ومخلوقات, سخرها الله سبحانه وتعالى لخدمة الإنسان وسعادته، وتوجيهه لحسن استخدامها ليصل إلى السعادة المنشودة”. وشدد على أهمية كتاب الامير غازي وما اشتغل عليه من بحث، وقال “ولأن العلم والبحث والتحليل والتأليف لا حدود لها في قاموس سموه, منحها جل وقته ومتابعته، ليهدي العالمين العربي والإسلامي هذا الكتاب “. واضاف الخزاعي ان “القارئ والمدقق والمحلل يجد في كل صفحة من صفحات هذا الكتاب معاني غزيرة, وجهدا كبيرا, وصبرا على البحث العلمي, وأمانة وصدقا, وخدمة الحق, والتنزه عن المغريات الخادعة, والبعد عن المآرب والأهواء, والربط بين السور والآيات القرآنية, انتقاء المفردات والكلمات, وتنسيقا ووصولا إلى لب الفكرة والمعنى والمغزى, جهد ملموس تجد فيه نكهة خاصة في تذوق حلاوة وروعة الإيمان وصلة الخالق بالمخلوق, وشد القارئ وجذبه وعشقه للدين ومنطلقاته”. وأوضح ان “السعادة في الدنيا والآخرة بسّطها سموه بروح امتلكتها غزارة المعنى وروعة الإتقان والتقاط الصور والإشارات, وتفاني الجهد, نعم, الديانات السماوية, انزلها الله – تعالى – لسعادة البشر, وهدايتهم الى الصراط المستقيم, ولغرس المعاني الفاضلة في نفوسهم”. وبين ان الحب في القرآن الكريم “دروس مشرقة بأنوار القرآن الكريم, تأليف مبتكر, الأمة بأشد الحاجة إليه في هذا الزمن, زمن الفرقة والانقسام, والتشتت والضياع, زمن تكاثر المفتين والمتصنعين والمدعين في الاستقامة والفتوى والتدين, زمن الفتاوى الالكترونية, وتعلق الأجيال في التكنولوجيا, زمن المعلومات الجاهزة, والإرشادات المضللة, والاشاعات الهدامة المغرضة الكاذبة ، والفيديوهات المفبركة ، والاستغلال السلبي للتكنولوجيا ، وتلاشي دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية”. واعتبر الخزاعي ان سمو الأمير غازي اراد لكتابه ان “يكون بمثابة عقد اجتماعي بين أفراد المجتمع, عهد على التماسك والتلاقي والتكاتف, ففي الباب الأول منه يتحدث عن الحب الآلهي, والكون والحب, حب الله جل جلال لرسله وأنبيائه, حب الله للناس, وفي الباب الثاني يستعرض حب الرسول لله, وحب الرسول عليه السلام للمؤمنين, اما الفصل الثالث فيتحدث عن حب الإنسان لله, وحب المؤمن للرسول عليه الصلاة والسلام, واثر حب الله على الإنسان”. كما يتناول الكتاب –حسب الخزاعي- الحب الآلهي, وحب الآخرين, والحب الزوجي والحب الجنسي, الحب والزنا, والحب والنظر, اما الفصل الرابع فيتحدث عن أنواع الحب, مراحل الحب, الوقوع في الحب, نمو الحب, دائرتي الحب, مراتب جمال الحب, طبيعة الحب, الحب والجمال في الجنة, الباب الخامس يبحث في المحبوب, الذوق, الجمال والحسن ومكوناتها, طبيعة الجمال, اللقاء والرضوان, المقصود الحقيقي وراء الحب. ولفت الخزاعي إلى أن الامير غازي ابرز في كتابه “قضية الحب العائلي”, والتي “تقوم على المودة, وان الله جعل حقوق القرابة ودرجاتها مختلفة وبيّن حقوق كل منها (..)”. وعن حب الآخرين من غير أولي القربى من الناس من بقية المؤمنين والأصدقاء – يقول الخزاعي- فجعل الله بينهم رابطة الأخوة ليحب بعضهم بعضاً, وأمر الله بالرحمة بأهل الكتاب وعدم الإساءة إليهم, وكذلك الناس كافة; نحسن إليهم ونتعرف ونقسط بهم ولا نعتدي عليهم بالقتل أو بأي نوع من أنواع الإساءة لتعم المحبة في البشرية جمعاء.” وختم الخزاعي بالتاكيد على ان كتاب الحب في القرآن الكريم “جهد يستحق الشكر, والاهتمام والقراءة والمتابعة (…) كتاب مليء بالحيوية والرؤى الإيمانية صادرة من قلب مشع بالإيمان محب للإنسانية, وتحتاجه الأمة في العصر الحديث لأنه يهدي إلى كريم التعامل، ومد جسور التواصل بين الشعوب, فهو يمثل إضافة مهمة للفكر الإسلامي في الواقع الحالي, ويساهم في إزالة إشكالية الصدام بين الدين والحب وبين الإيمان وتذوق الجمال”. وكان ميسر الأمسية الزميل ماجد توبة اشار الى ان فكرة كتاب الامير غازي “انبثقت عن المؤتمر العام الرابع عشر لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي الذي عقد على ضفاف البحر الميت عام 2007 تحت عنوان “المحبة في القران الكريم” بمشاركة نحو 200 عالم من 40 دولة اسلامية وعربية”. وأوضح انه “كان مؤتمرا هاما وعميقا، وقد اختير موضوع المحبة في القران – كما قدم له سمو الامير غازي حينها – ردا علي البعض الذين لا يرون في الاسلام وحتي في كتاب الله حبا كافيا، ويظنون ظن السوء ان الاسلام دين السيف او العنف “. وقال توبة ان كل الاهداف والمعاني التي تضمنها المؤتمر المذكور “ترجمت بابداع وبحث عميق وتحليل شفاف وصوفي في رسالة الدكتوراة للامير غازي التي عنونت وصدرت في الكتاب الذي بين يدينا اليوم “الحب في القران الكريم”. وراى توبة ان هذا عمل “يجب قراءته ليس فقط من قِبَل المسلمين والمهتمين بالإسلام والقرآن الكريم فحسب بل هو متطلّب لكل من لديه اهتمام بخفايا وأسرار الحب”. يشار الى ان سمو الامير غازي بن محمد له حضوره الفاعل في عالم البحث والعلم، وأيضا في تبنيه لقضية مقدسة هي الدفاع عن الاسلام وحقيقته، وتعرية كل ما شابه من مغالطات وتحريفات احاطها به متطرفون ومنحرفون وجهلاء في الفكر والمعتقد . وقد حصل سموه على درجة البكالوريوس من جامعة برنستون في أمريكا عام 1988 بمرتبة الشرف الأولى. ثم حصل على درجة الدكتوراه من جامعة كمبردج في إنجلترا سنة 1993 ، ثم حصل على شهادة الدكتوراه الثانية (العالمية) من كلية أصول الدين في جامعة الأزهر الشريف في القاهرة سنة 2010 وكان موضوعها كتاب “الحب في القران الكريم”. ويشغل سموه منصب المبعوث الشخصي والمستشار الخاص لجلالة الملك عبدالله الثاني؛ وكبير المستشارين لجلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي لجلالته. وسبق له ان شغل سموه عدة مناصب منها: السكرتير الثقافي لجلالة للملك الحسين طيب الله ثراه؛ وايضا المستشار لشؤون العشائر لجلالة الملك الحسين كما أسس الأمير غازي جامعة البلقاء التطبيقية سنة 1996؛ وجامعة العلوم الإسلامية العالمية سنة 2007؛أنشأ سموه مشروع التفسير الكبير، وهو أكبر مشروع لتفسير القرآن الكريم على الإنترنت، عام 2001، والأمير أيضاً رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي؛ وهو صاحب الرسالة التاريخية «كلمة سواء بيننا وبينكم» في عام 2007؛ وهو كاتب قرار «أسبوع الوئام العالمي بين الأديان» الذي تبنته الجمعية العمومية للأمم المتحدة سنة 2010 وكان امين عمان الكبرى الدكتور يوسف الشواربة قد رعى حفل اطلاق مشروع “صالون السبت الثقافي”، الذي تنظمه الامانة عبر ذراعها الثقافي قطاع التنمية المجتمعية – دائرة المرافق والبرامج الثقافية، وذلك وسط حضور واسع من سياسيين واكاديميين ومثقفين وصحفيين وطلاب جامعات وغيرهم. وتحدث في حفل الافتتاح كل من مدير دائرة المرافق والبرامج الثقافية الزميل الكاتب عبد الهادي المجالي، ومعد ومنسق المشروع الزميل ماجد توبة، وتحدثا عن ان المشروع، الذي يقام مرة شهريا “يستهدف تشجيع القراءة بين الشباب والطلبة، والإسهام في إعادة إحياء قيمة الكتاب كقيمة ووسيلة ثقافية أساسية بعد انتشار حالة العزوف الواضحة لكل صاحب بصيرة للإقبال على الكتب والمطالعة كمصدر ثري وأساسي للمعرفة والثقافة وتنمية الذات”.
https://www.rasidnews.com/post.php?id=13584
نقلا عن موقع راصد