تستضيف السعودية الجمعة، اجتماعًا لتبادل وجهات النظر بشأن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية، في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية كبرى يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتفاق الرياض وطهران على استئناف العلاقات الشهر الماضي.
ويُعقد اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي في مدينة جدّة وتشارك فيه أيضًا مصر والعراق والأردن للبحث في مسألة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها منذ 2012، قبل شهر من انعقاد القمة العربية في السعودية.
وقال دبلوماسي عربي في الرياض الخميس لوكالة فرانس برس مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، إن “الغرض من الاجتماع تذليل الخلافات الخليجية حول سوريا قدر الإمكان”.
واستقبلت السعودية الأربعاء في آنٍ، وفدًا إيرانيًا للتحضير لإعادة فتح البعثات الدبلوماسية الإيرانية في المملكة العربية، ووزير الخارجية السوري فيصل المقداد للمرة الأولى منذ بداية النزاع في بلده.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إنّ وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره السوري ناقشا “الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقّق المصالحة الوطنية، وتسهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي”.
وإثر اندلاع النزاع في 2011، قطعت دول عربية عدة على رأسها السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وعلقّت جامعة الدول العربية عضوية سوريا.
والشهر الماضي، أعلنت الرياض أنها تجري محادثات مع دمشق تتعلّق باستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين.
وأفاد دبلوماسي عربي آخر أن “هناك احتمالًا” أن يحضر المقداد اجتماع جدة “لعرض وجهة النظر السورية”، موضحًا أن الدول المشاركة لم تستلم بعد جدول أعمال الاجتماع.
موقف قطر
أكّد الدبلوماسي الأول أنّ “السعودية هي التي تقود هذه الجهود بشكل كامل ولكن تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي”.
وصرّح أن “السعوديين يحاولون على الأقل ضمان عدم اعتراض قطر على عودة سوريا إلى الجامعة العربية إذا طُرح الموضوع على التصويت”، مشيرًا إلى أنه لا يتوقع اتخاذ موقف موحّد في هذه المسألة.
وفي معرض إعلانه مشاركة الدوحة في الاجتماع، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري الثلاثاء، إنّ تغير الموقف القطري من سوريا “مرتبط أساسًا بالإجماع العربي وبتغير ميداني يحقّق تطلعات الشعب السوري”.
ومساء الخميس، اعتبر رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مقابلة تلفزيونية، أنّ الحديث عن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية “تكهّنات”، مشدّداً على أنّ أسباب تعليق عضوية دمشق لا تزال قائمة بالنسبة للدوحة.
في الآونة الأخيرة، تُبذل جهود إقليمية لإنهاء عزلة سوريا. ففي الشهرين الماضيين، زار الرئيس السوري بشار الأسد سلطنة عُمان والإمارات، وهما البلدان العربيان الوحيدان اللذان زارهما الأسد منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011.
حراك دبلوماسي كثيف
قبل زيارة الوفد الإيراني السعودية، زار وفد سعودي السبت، طهران، لمناقشة آليات إعادة فتح بعثات المملكة العربية الدبلوماسية في الجمهورية الإسلامية.
وكان قد التقى وزيرا خارجية أهم قوّتَين إقليميّتَين في الخليج في بكين الأسبوع الماضي، بموجب الإعلان المفاجئ عن اتفاق استئناف العلاقات بين البلدين برعاية صينية الشهر الماضي.
وأعلنت طهران والرياض في 10 آذار التوصل إلى الاتفاق بعد قطيعة استمرت 7 سنوات إثر مهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران على خلفية إعدام رجل الدين السعودي نمر النمر.
ويُتوقع أن يزور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الرياض بعد تلقيه دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في حين أجرى السعوديون محادثات مع الحوثيين المدعومين من إيران هذا الأسبوع لوضع حدّ للحرب في اليمن.
ومنذ آذار 2015، تقود السعودية تحالفًا عسكريًا دعمًا للحكومة المعترف بها دوليًا في مواجهة الحوثيين بعدما سيطروا على صنعاء ومساحات واسعة من البلاد ويُتوقع أن تبدأ عملية تبادل أسرى الجمعة بين الطرفين، وفق ما أفاد مسؤول يمني الأربعاء.