هلا نيوز
طبق بمذاق حار من الديدان أو آيس كريم لحاء الشجر أونمل أمازوني مقلي، وقبل ذلك طبق مقبلات من السحالي.. كل ذلك غيض من فيض أطعمة باتت تنتشر في أميركا اللاتينية، حيث يزعم المروجون لها أنها أكلات مستدامة وتحافظ على البيئة لاسيما غابات الأمازون التي تعتبر “رئة العالم”.
وتوضح الطاهية البوليفية، ماريشيا تاها، والتي تملك مطعما ذائع الصيت في العاصمة، لاباز، أن تناول اليرقات أو الديدان يبنغي أن يكون أمرا مألوفا مثل أكل سمك القريدس أو التهام شريحة من اللحم البقري.
وتضيف تاها، البالغة من العمر 34 عاما، في حديثها إلى صحيفة “التايمز” البريطانية: “يجب على أن الناس يكونوا أكثر انفتاحا على الثقافات الأخرى”.
وتقول تاها أنها تتعاون مع الشيف البيروفي، فيرجيليو مارتينيز، في طرح قضايا هامة لرفع مستوى الوعي بشأن الطعام الذي يمكن أن يلعب دورًا في منع تدمير الغابات المطيرة، التي فقدت خمس مساحتها على مدار الخمسين عامًا الماضية.
وتشدد على أن الطعام الذي تقدمه كانت مكوناته مصدر الغذاء الرئيسي للسكان الأصليين قبل قدوم الرجل الأوروبي إلى القارة الأميركية في أوائل القرن السادس عشر جالبا معه الأبقار والمواشي، وبالتالي تحويل جزء من أراضي الغابات إلى مراع لها.
وتؤكد تاها أن الحشرات واليرقات هي مصدر بروتين أكثر استدامة مقارنة بلحوم الأبقار التي تحتاج إلى مساحات كبيرة من الأراضي، ناهيك عن تأثيرها الضار على البيئة جراء الغازات الدفيئة المنبعثة من فضلاتها.
كما أن تربية الأبقار تستنزف احتياطات المياه، إذ يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من اللحم حوالي 7400 لتر من الماء، في حين أن نفس الكمية من البروتين المنتج من الصراصير تحتاج فقط إلى أربعة لترات.
حقبة جديدة
ولكن هل يمكن إقناع العالم حقًا بالبدء في أكل الحشرات على نطاق واسع؟
في هذا الصدد، يقترح المؤيدون أن إحدى الطرق لتعديل أذواق الشعوب في تناول الأطعمة، هو البدء بالترويج والتسويق لبعض المنتجات مثل مسحوق البروتين المصنوع من الحشرات.
وتأمل تاها أن يكون مطعمها الصغير رائدًا في تغيير ثقافي أعمق يحتفي بنكهات الأطعمة التي لم تنتشر كثيرا عبر العالم حتى الآن.
وتقول إن زبائن مطعمها متحمسون بشكل عام لقائمة الطعام غير العادية، موضحة: “غالبًا ما نبدأ بإعطائهم يرقة أو نملة لأننا نريد أن نشعرهم بالراحة وأن نبين لهم أن هذا ما سوف نقدمه لهم”.
وأصبحت هذه العملية أكثر سلاسة من خلال حقيقة أن معظم عملائها باتوا يعرفون على نطاق واسع ما يمكن توقعه.
وأردفت: “إنهم من نوع الأشخاص الذين يريدون شيئًا مختلفًا، وليس من فئة الناس النمطيين الراغبين في تناول المعكرونة أو البيتزا، مع كل احترامي طبعا للمطبخ الإيطالي”.
وتحصل تاها على بعض مكونات أطباقها من خلال مشروعها العملي sabores silvestres، أو “النكهات البرية”، والذي عمد المشاركون فيه إلى جمع معلومات عن مئات الحشرات والأسماك والفواكه والمكسرات الصالحة للأكل خلال 15 عامًا من التقصي والبحث والدراسة.
وتنبه تاها إلى وجود “فجوة هائلة بين سكان المدن في بلادها وبين مجتمعات السكان الأصليين”، لافتة إلى أنها تحاول سد هذه الفجوة من خلال جلب مكونات جديدة إلى العاصمة.
وفي البرازيل المجاورة، تسعى المطاعم أيضًا إلى تقديم نكهات جديدة لروادها، فلأكثر من عقد من الزمان، كان الشيف، أليكس أتالا الحائز على نجمة ميشلان، يقدم نمل الأمازون داخل مكونات بعض الأطباق، موضحا: “لقد أحب الزبائن مذاقها الذي يميل إلى الزنجبيل والليمون”.
وتعتقد تاها أنها تستطيع هي والطهاة الآخرون القيام بدورهم في الترويج لثقافة السكان الأصليين وحماية منطقة الأمازون، التي تصفها بأنها “مخزن كبير للطعام”.
وتشدد على أن تلك الأطعمة هي الحل الذي يمكن الناس من الاستمتاع بطعام شهي ومستدام، وفي نفس الوقت الحفاظ على البيئة.