هلا نيوز – عمان
عقب حادثة جسر ماركو بولو (Marco Polo) يوم 7 يوليو 1937، تابع العالم عن كثب تطور الخلاف الياباني الصيني الذي سرعان ما تحول لعملية غزو عسكري قادته قوات الإمبراطورية اليابانية ضد الصين التي عاشت منذ سنوات على وقع حرب أهلية طاحنة بين الشيوعيين، بقيادة ماو تسي تونغ، وقوات الكومينتانغ (Kuomintang) القومية.
وفي خضم هذه الحملة العسكرية اليابانية، صدم العالم عقب تناقل وسائل الإعلام لصورة رضيع شنغهاي الذي جلس باكيا، وهو يعاني من حروق بليغة، بمحطة القطار على إثر قصف جوي شنته الطائرات اليابانية على المدينة.
في خضم هذه الحرب اليابانية الصينية الثانية، تقدمت القوات اليابانية صوب مدينة شانغهاي المصنفة كأكبر مدينة صينية من حيث عدد السكان. ومع احتدام المعارك حول شانغهاي، تهافت عدد كبير من المصورين والصحفيين نحو المدينة لالتقاط صور لحجم الدمار والخراب الذي خلفته عمليات القصف المتبادل بين الطرفين. ومن ضمن هؤلاء المصورين، تواجد المصور الصحفي الصيني وانغ (H. S. Wong) الذي امتلك متجر آلات تصوير بشانغهاي وعمل لصالح عدد من الصحف.
يوم 28 أغسطس 1937، استعد المصورون بشانغهاي لالتقاط صور لتوثيق أهوال الحرب بالمدينة عقب سماعهم لإشاعات حول قصف ياباني محتمل في حدود الساعة الثانية مساء. إلى ذلك، عاد هؤلاء المصورون وهم يجرون أذيال الخيبة بحلول توقيت القصف حيث تخلفت الطائرات اليابانية عن هذا الموعد. وفي الأثناء، فضّل المصور الصحفي وانغ البقاء في عين المكان أملا في الحصول على صور أخرى للخراب الذي لحق بشانغهاي بالأيام الفارطة.
مع بلوغه محطة القطار المدمرة، لاحظ وانغ رجلا يرفع رضيعا ليضعه على رصيف السكة الحديدية. وعلى حسب وانغ، كان الطفل يبكي ويصرخ بصوت عال تزامنا مع معاناته من حروق بليغة بمختلف أرجاء جسمه. وعلى الفور، باشر هذا المصور الصيني بالتقاط مجموعة من الصور، لآثار القصف، كانت من ضمنها صورة لهذا الطفل الرضيع الذي سرعان ما لقب برضيع شنغهاي الباكي.
وعلى حسب تصريحاته، حاول وانغ الاقتراب من الرضيع لمساعدته ليتفاجأ بعودة الرجل، الذي لم يكن سوى والد هذا الطفل الرضيع، عقب تأكده من وفاة زوجته تحت الأنقاض التي خلفها القصف.
عقب نقله لصورة رضيع شانغهاي لمكاتب شاينا براس (China Press)، أرسل وانغ هذه الصورة لمانيلا عبر إحدى السفن الحربية الأميركية المتواجدة على مقربة من شانغهاي. وبفضل ذلك، وجدت هذه الصورة، رفقة العديد من الصور ومقاطع الفيديو الأخرى، طريقها نحو مدينة نيويورك الأميركية حيث عرضت بدور السينما قبل أن تطبع فيما بعد بالصحف بمساعدة شركة هيرست الإعلامية. وعلى حسب التقديرات، شاهد خلال الأسابيع الأولى ما لا يقل عن 80 مليون شخص، نصفهم من الأميركيين، حول العالم صورة رضيع شانغهاي الباكي وتعاطفوا معه واصفين الصورة بأسوأ وأتعس صورة بالتاريخ البشري ومعبرين عن غضبهم من استهداف اليابانيين للمدنيين.
بحلول شهر أكتوبر 1937، شاهد نحو 132 مليون شخص حول العالم صورة رضيع شانغهاي الباكي التي نشرت أيضا بغلاف مجلة لايف (Life). ومع تحقيقها لهذا الرواج الهائل على الصعيد العالمي، استخدمت هذه الصورة لحشد الدعم بالولايات المتحدة الأميركية ضد السياسة اليابانية بشرق آسيا.
فضلا عن ذلك، دعا عدد من النواب الأميركيين حكومتهم للتحرك لإنهاء سياسة العزلة العالمية واتخاذ إجراءات رادعة ضد اليابان.
من جهتها، وصفت السلطات اليابانية صورة رضيع شانغهاي الباكي بالمفبركة ورصدت مكافأة بقيمة 50 ألف دولار لمن يقتل المصور الصيني وانغ أو يدل على مكانه.