بالرغم مما شهده ميلاد مجلس الأمن الغذائي الأعلى من عسر ولادة، إلا أنه تشكل العام الماضي، لكن الحاجة الملحة لفاعليته بخاصة في الوقت الراهن، لم تخرج بشيء، إذ إنه حتى الآن لم يسمع له أي صوت، ولم يعقد أي اجتماع، ولم تقر ميزانيته، وفق خبراء.
ويتخوف الخبراء من تحوله إلى مجرد لجنة كباقي اللجان التي يجري تشكيلها ولا نسمع سوى اسمها، وتبقى من دون أي إنجاز.
بدوره، تساءل مدير اتحاد المزارعين محمود العوران، حول المجلس، إذ يفترض بأن يضع في المرحله الحالية لوحة رصد ومراقبة للأمن الغذائي، إلى جانب خطط استباقية لصدماته وأزماته، من ناحية طرق الإمداد ومنشأ الغذاء، بحيث تتنوع لدرء الخطر من أي صدمة في سوق الغذاء العالمي في ظل استمرار الحرب الأوكرانية الروسية.
وأضاف العوران، وينضاف إلى المجلس مهام أخرى، منها المحافظة على سلامة الغذاء، بخاصة بعد أن ظهرت حالات تسمم غذائي تكررت مؤخرا، ما يهدد ركنا أساسيا من أركان الأمن الغذائي، وهو سلامة الغذاء، داعيا إلى عقد المجلس بأسرع وقت، والسير في الخطط والاستراتيجيات التي وضعت له، عدا ذلك، فيبقى المجلس لجنه كباقي اللجان التي تشكل ولا نرى سوى اسمها.
وقال إن ما ينطبق على مجلس الأمن الغذائي الان ينطبق على المجلس الزراعي الأعلى، إذ مرت عدة أعوام دون أن يعقد جلسة واحدة.
من جهته، دعا وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري، الحكومة لإصدار تقرير إنجازاتها على صعيد استراتيجية الأمن الغذائي، وماذا جرى لغاية الآن، وكذلك رؤية التحديث الاقتصادي بشأن مجلس الأمن الغذائي والتشريعات المتعلقه به، إذ إنه ومنذ إقرار مجلس الوزراء إنشاء مجلس للأمن الغذائي في تموز (يوليو) العام الماضي وحتى الآن لم نحرك ساكنا.
رئيس جمعية التمور الأردنية المهندس أنور حداد، قال إنه لا جدال بأن الأمن الغذائي أصبح متطلبا استراتيجيا للدولة، وعليها ضمان تحقيقه، ولا جدال بأن ذلك مسؤولية وطنية تشاركية بين القطاعين العام والخاص، إذ لا مفر من مأسسة هذه المنظومة في إطار فاعل ديناميكي، قادر على الاستجابة للمتغيرات، ولا مجال للسماح لأي مفاجآت.
وأضاف، لن أتحدث عن أهمية الأمن الغذائي ومنظومته بمفهومها الشامل الاستراتيجي، إذ تشمل القطاعات جميعها، بالإضافة إلى أنه ليس من اختصاص جهة واحدة بعينها، فكل في مجاله، والزراعة واحدة من أهم هذه الجهات، كما الصناعة والنقل والمخزون والتجار، وكلهم عصب العمليات اللوجستية، وقد توافق الجميع مع ما أطلقه جلالة الملك عبدالله الثاني في رؤية التحديث الاقتصادي، وما أراه، أننا لسنا بحاجة للتدخل في شؤون أحد، أو أي جهة، بل مطلوب منا تعزيز دورها بما تقوم به تجاه الأمن الغذائي، فنعزز دور الزراعة والصناعة والتجارة والنقل والمخزون وسلاسل التزويد.
وأكد حداد الحاجة الماسة لجهة تراقب وترصد المتغيرات العالمية في الحروب المحيطة والتغير المناخي والقدرة التخزينية والاحتياطي الغذائي والشحن الدولي وأسعار العملات، على أن تعمل مع كل الجهات، وتضع المعايير والضوابط والهندسة الخاصة للأمن الغذائي.
يشار إلى أن مجلس الوزراء، وافق في تموز (يوليو) العام الماضي على الأسباب الموجبة لمشروع “نظام مجلس الأمن الغذائي لسنة 2022″، وأحاله إلى ديوان التشريع والرأي لعرضه على اللجنة القانونية حسب الأصول، ويأتي هذا المشروع، نظرا لصدور رؤية التحديث الاقتصادي (2022– 2033)، التي نصت في قطاع الصناعات عالية القيمة، على تأسيس جهة متخصصة بالأمن الغذائي، للحد من تأثر المملكة بأزمات الغذاء الدولية، والتغير المناخي الذي يؤثر على منظومة الأمن الغذائي الوطني.
وتأتي أهمية قرار مجلس الوزراء بتشكيل مجلس الأمن الغذائي الأعلى في الأردن، كونه يشكل الإطار القانوني لمراقبة ورصد وتخطيط كل شؤون الأمن الغذائي وما يخصها، من حيث توافر الغذاء وسهولة الوصول إليه وسلامته، وأن يكون صحيا ومغذيا، وأن يضمن استقرار وضع الأمن الغذائي في المملكة.
من جهتها، كشفت مصادر رسمية أن مسودة نظام مجلس الأمن الغذائي لسنة 2022، ما تزال في ديوان التشريع والرأي، منذ تشرين الأول (اكتوبر) العام الماضي لغاية الآن، موضحا أن سبب التأخير في إقرارها، يعود لإلغاء نظام المجلس الزراعي الأعلى، ليحل محله مجلس الأمن الغذائي.
يشار إلى أن نظام مجلس الأمن الغذائي 2022، يتمتع بشخصية اعتبارية، واستقلال مالي وإداري، وله بهذه الصفة القيام بالتصرفات القانونية اللازمة لتحقيق أهدافه، وتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة، وحق التقاضي، وينوب عنه في الإجراءات القضائية المحامي العام المدني أو أي محام يوكله لهذه الغاية.
ويجتمع المجلس مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، أو كلما دعت الحاجة بدعوة من رئيسه أو نائبه في حال غيابه، ويكون الاجتماع قانونيا بحضور نصف أعضائه، بمن فيهم الرئيس أو نائبه، كما يتخذ المجلس قراراته بأكثرية أصوات الحاضرين، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي يصوت معه رئيس الاجتماع.
ويتولى مراجعة وإقرار السياسات والخطط الاستراتيجية والتشريعات والموازنات ذات العلاقة بالأمن الغذائي المقدمة من الجهات المعنية، بما فيها البرامج والمشاريع ورفعها إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها، بالإضافة إلى تنسيق ومواءمة عمل المؤسسات العاملة في مجال الأمن الغذائي من أجل تحقيق أكبر قدر من الكفاءة والفاعلية وتفادي التضارب والازدواجية، ومتابعة وتقييم سير العمل والتقدم المنجز في الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي و خطط العمل المتعلقة بها.