هلا نيوز
اعتقدت المعارضة التركية أنها قامت بالمهمة الأصعب من خلال توحيد قواها بشكل غير مسبوق ضد الرئيس رجب طيب إردوغان، لكنها لم تحسب حساب محرِّم إنجه الذي أعلن الترشح بمفرده قبل سبعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية.
بالنسبة لكثيرين في تركيا، لا يزال محرّم إنجه الخطيب المفوّه الذي رفع آمال معارضي إردوغان في الانتخابات الرئاسية عام 2018.
لكن إنجه توارى عن الأنظار من دون أن يحيي مؤيديه مساء الجولة الأولى التي شهدت إعادة انتخاب إردوغان بحصوله على 52.6% من الأصوات ليتواصل حكمه المستمر منذ عام 2003.
إلا أن المرشح السابق عن حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة التركي الرئيسي، أعلن في منتصف مارس أنه سيترشح أيضا هذا العام، هذه المرة تحت ألوان حزبه “الوطن”.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول بيرق إيسن لوكالة فرانس برس “هذا خبر غير سار” لمعارضي الرئيس إردوغان والحزب الحاكم.
وتمكن تحالف المعارضة المشكل من ستة أحزاب ذات توجهات مختلفة، من تجاوز خلافاته والاتفاق في بداية مارس على ترشيح زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو.
وحصل الأخير الأربعاء على تأييد ضمني من حزب الشعوب الديموقراطي الداعم للأكراد، وهو القوة السياسية الثالثة في تركيا، ما دفع بعض المحللين إلى القول إن المعارضة قد تنتصر في الجولة الأولى على الرئيس إردوغان الذي أفل نجمه.
يضيف بيرق إيسن “نظرا لقدرته على جذب أصوات ناخبي حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير (التشكيلان الرئيسيان لتحالف المعارضة)، يمكن أن يلعب إنجه دور المعطّل ما سيقود إلى جولة انتخابية ثانية”.
محرِّض
في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، تم تفضيل أستاذ الفيزياء والكيمياء السابق الذي أصبح نائبا برلمانيا، والمعروف حتى ذلك الحين بخطبه المثيرة في البرلمان التركي، على كمال كيليتشدار أوغلو الذي يُعتبر أقل قدرة على حشد الجماهير، لمواجهة إردوغان.
لكن هزيمته في الجولة الأولى بعد حصوله على 30.6% من الأصوات صاحبها إحراج كبير: فبدلاً من الإقرار بهزيمته علنا، اكتفى محرم إنجه ببعث رسالة موجزة إلى صحافي بارز اعترف فيها بفوز إردوغان.
ونشرت تلك الرسالة في إحدى الصحف، ما قوّض شعبيته.
بعد فشله في إزاحة كمال كليتشدار أوغلو من رئاسة حزب الشعب الجمهوري بعد بضعة أشهر، أسس محرم إنجه (58 عاما) حزبه القومي العلماني في مايو 2021.
أظهر المرشح ثقته بنفسه هذا الأسبوع عند تقديم ترشيحه لهيئة الانتخابات.
وقال إنجه الذي واصل الجمعة جمع مئة ألف تزكية ضرورية من ناخبين، “ستذهب الانتخابات إلى جولة ثانية، وسأنُتخب رئيسًا في الجولة الثانية بأكثر من 60% من الأصوات”.
شعبية لدى الشباب
يعتقد المحللون أن محرم إنجه الماهر في التواصل، له صدى بين الناخبين الشباب الذين سئموا من الرئيس إردوغان وغير مقتنعين بترشيح كمال كيليتشدار أوغلو، الموظف العام الكبير السابق البالغ 74 عاما والذي يقدم نفسه على أنه “قوة هادئة”.
يقول بيرق إيسن “يبدو أنه يتمتع بشعبية خاصة لدى أبناء الجيل (زي) الذين يمكن أن يجذبهم بسهولة المرشحون المناهضون للوضع الراهن”.
ويتابع “بالنسبة لهؤلاء الناخبين، لا يجسّد كيليتشدار أوغلو أي تجديد”.
لكن مراقبين يعتبرون أن محرم إينجه ليس له فرصة للفوز بمفرده على الرئيس إردوغان الذي يحمل وزر الأزمة الاقتصادية وتداعيات زلزال السادس من فبراير الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص ودمر مدنا بأكملها.
والأسوأ من ذلك أن ترشحه لن يؤدي إلا إلى الإضرار بتحالف المعارضة.
يقول الصحافي السياسي دنيز زيرك “من غير المرجح أن يستقطب إنجه أصواتا من الحزب الحاكم”.
ويضيف “من هو أكبر مستفيد (من ترشحه)؟ إنه إردوغان”.
قبل خمسين يوما من الانتخابات، ما زالت المعارضة تحاول إقناع محرم إنجه بالانسحاب من السباق.
ويعتبر عمري بكر من مركز أوراسيا غروب للدراسات أن “قراره وقرار حزب الشعب الجمهوري بشأن دفن الأحقاد من عدمه سيكون مفتاح مصير كيليتشدار أوغلو في الجولة الثانية”.
لخص كاتب العمود التركي غوفينتش داغوستون الاثنين عبر صحيفة بيرغون اليومية اليسارية الشعور المشترك في صفوف معارضي الرئيس إردوغان، متوجها لإنجه بالقول “انسحب على الفور. ترشحك لن يجلب لك أي نجاح”.