نفى حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة، الجمعة، في ختام جلستي استماع إليه بحضور محققين أوروبيين تحويل أي أموال من مصرف لبنان إلى حساباته الشخصية داخل وخارج البلاد، منتقداً ما وصفه بـ”سوء نيّة وتعطّش للادعاء” عليه من جهات عدة.
وأنهى محققون أوروبيون الجمعة اليوم الثاني من الاستماع إلى سلامة بإشراف القضاء اللبناني، في إطار تحقيقات أوروبية في قضايا غسل أموال واختلاس في لبنان مرتبطة به، وفق ما أفاد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس.
وتشكّل ثروة سلامة (72 عاماً)، أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم، محور تحقيقات منذ عامين في لبنان والخارج، حيث تلاحقه شبهات عدة بينها اختلاس وغسل أموال وتحويلها إلى حسابات في الخارج.
وأوضح سلامة في بيان، في ختام جلسة استماع استمرت أكثر من ثلاث ساعات أنه حضر الجلسة بصفته “مستمَع إليه لا كمشتبَه به ولا كمتّهم”.
وشدّد على أن “حسابه الشخصي في مصرف لبنان غير مرتبط بالحسابات التي تودع فيها الأموال العائدة إلى المصرف”، مضيفاً “لم تُحوّل إلى حسابي أي أموال من مصرف لبنان”.
وأكّد أن “التحويلات إلى الخارج الخاصة بي، ومهما بلغت، مصدرها حسابي الشخصي”.
وتركّز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة “فوري أسوشييتس” المسجّلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها شقيق الحاكم رجا سلامة.
ويُعتقد أن الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوند من مصرف لبنان عبر تلقّي عمولة اكتتاب، تمّ تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج.
لكن حاكم المصرف المركزي قال في بيانه الجمعة “المبالغ الدائنة المدوّنة في حساب المقاصّة المفتوح لدى مصرف لبنان والذي حُوّلت منه عمولات إلى فوري، كانت سُدّدت من أطراف أخرى”. وتابع “لم يدخل إلى هذا الحساب أي مال من مصرف لبنان”.
وندّد سلامة بما وصفه “سوء نية وتعطّش للادعاء” عليه منذ أكثر من عامين، عبر تقديم إخبارات ضده في لبنان وخارجه.
ينفي سلامة باستمرار الاتهامات الموجهة إليه، معتبراً أن ملاحقته تأتي في سياق عملية سياسية وإعلامية “لتشويه” صورته. ويؤكد أنه جمع ثروته من عمله السابق طيلة عقدين في مؤسسة “ميريل لينش” المالية العالمية ومن استثمارات في مجالات عدة.
واستمرت جلسة الاستماع الجمعة أكثر من ثلاث ساعات، غداة جلسة أولى دامت أكثر من خمس ساعات، دحض خلالها “كل الشبهات التي تتهمه بغسل الأموال”، وفق ما قال مصدر قضائي لفرانس برس الخميس.
وكان المحققون الأوروبيون استمعوا في كانون الثاني في بيروت إلى شهود، بينهم مدراء مصارف وموظفون حاليون وسابقون في مصرف لبنان.
وقبل عام، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية “يوروجاست” أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمّدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه، بتهم غسل أموال و”اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021″.
وفي سياق تحقيق محلي منفصل، تقدّمت الدولة اللبنانية الأربعاء ممثلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، بادعاء شخصي بحق سلامة وشقيقه ومساعدته ماريان الحويك “بجرائم رشوة وتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال وإثراء غير مشروع وتهرّب ضريبي”. وطلبت اتخاذ إجراءات عدة بحقهم بينها “توقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية” ومنعهم من التصرّف بعقاراتهم.