تداول مستخدمون على شبكات التواصل الاجتماعي منذ عدة أيام مقطعا مصورا يظهر فيه رئيس مجلس النواب الأردني، أحمد الصفدي، والذي يقول فيه إن “الأردن يحمي حدود السعودية، ولو حدث للأردن أي شيء لسقطت دول الخليج”.
وبعد أيام على انتشار الفيديو زار الصفدي السفير السعودي لدى عمّان، والذي أكد خلاله على “عمق العلاقات السعودية الأردنية”. فيما لم تصدر أي تصريحات رسمية من المملكتين حول حديث الصفدي السابق.
لكن محللين قلّلوا من تأثير هذه التصريحات على العلاقات الأردنية-السعودية، مشيرين إلى أنها “قديمة”، وأنه تم “استجرارها” عبر شبكات التواصل الاجتماعي لإحداث نوع من “الأزمة” بين المملكتين.
“استجرار لتصريحات قديمة”
المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، قال إن “ما بدر من تصريحات طائشة من رئيس مجلس النواب الأردني وإن كانت قديمة، لن تؤثر على العلاقات ما بين البلدين”.
ويرى في حديث لموقع “الحرة” أن “هذه التصريحات تم استجرارها بعدما صحح رئيس مجلس الشورى السعودي لحديث رئيس مجلس النواب الأردني خلال اجتماع البرلمان العربي التي عُقد في بغداد مؤخرا”.
ويؤكد آل عاتي أن هناك “تنظيمات معادية للعلاقات العربية-العربية، وتحاول استغلال كل فرصة لنبش أي تصريحات حتى وإن كانت قديمة، بهدف إيجاد شرخ في العلاقات”.
وصحح رئيس مجلس الشورى السعودي، لتفسير آية قرآنية استشهد بها رئيس مجلس النواب الأردني خلال حديثه وربطها بالعراق خلال جلسات الاتحاد البرلماني العربي التي عقدت في بغداد أواخر فبراير الماضي.
وذكر الصفدي خلال كلمته الآية القرآنية: “رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات” (سورة البقرة – الآية 126)، وأشار إلى أن ذلك الدعاء هو للنبي إبراهيم وأن البلد المقصود هو العراق، وذلك في إطار إشادته بالبلد الذي يستضيف جلسات البرلمان العربي.
وفور انتهاء كلمة الصفدي، طلب رئيس مجلس الشورى السعودي، عبدالله آل الشيخ، مداخلة إيضاح مشيرا إلى أن البلد المذكور في الآية، يقصد به مكة المكرمة.
المحلل السياسي، الكاتب الأردني، عامر السبايلة، يؤكد أن “المقطع المصور قديم وأخرج من سياقه، وهو يرتبط بحادثة أحدثت ضجة في الأردن قبل عدة سنوات تتعلق بخطبة لإمام الحضرة الهاشمية حينها”، موضحا أن “تحوير هذه التصريحات يأتي بعد اجتماع البرلمان العربي التي استضافها العراق مؤخرا”.
ويبين في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن التحركات “الأردنية تتناقض مع ما يتم تسويقه عبر شبكات التواصل، خاصة في ظل وجود تحركات أردنية نشطة لتعزيز العلاقات مع السعودية والعراق وبقية الدول العربية، وتعزيز وحدة الصف العربي”.
ويرى السبايلة أن “هناك رغبة في إخراج التصريحات القديمة من سياقها”، مشيرا إلى أن زيارة رئيس مجلس النواب الصفدي للسفير السعودي في المملكة تأتي “للتأكيد على الجهود التي يسعى إليها الأردن بتعزيز العلاقات العربية-العربية”.
العلاقات السعودية-الأردنية
ولا يعتقد المحلل السعودي، آل عاتي أ،ن مثل هذه التصريحات قد تؤثر على “العلاقات السعودية-الأردنية، وما يجمع بين المملكتين أقوى من أن تؤثر فيه مثل هذه المطبات” على حد تعبيره.
وأكد أنه رغم “الجدل الذي شهدته شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن القيادات في كلا البلدين كانوا أكثر تعقلا، إذ تم التركيز على ما الجوانب التي تجمع بينهما أكثر من التركيز على تصريحات تعزز الخلافات”.
وأشار آل عاتي، إلى أن زيارة “رئيس مجلس النواب الأردني الصفدي، إلى السفير السعودي في العاصمة عمّان، أكدت على أهمية وقوة العلاقات بين المملكتين، وتجاوز كل ما يعزز الخلافات”.
ووفق تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس”، الثلاثاء، استقبل السفير السعودي لدى الأردن، نايف السديري، الصفدي، حيث بحثا “العلاقات الأخوية بين البلدين والتعاون المشترك”.
وأكد الصفدي خلال اللقاء على “عمق العلاقات السعودية الأردنية، والحرص المستمر على تطويرها”، مشيرا إلى أن “ما يجمعهما من قضايا ومصالح مشتركة وعلاقات أخوية راسخة ومتجذرة يدفعهما إلى تعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة”.
من جانبه أكد السديري “على عمق العلاقات.. وأهمية التكاتف والتعاضد”، مشيرا إلى أن “هناك تنسيقا وتشاورا متواصلا بين قيادة البلدين”.
ويتفق السبايلة مع رأي آل عاتي، وقال “إن تلك التصريحات القديمة، لن تؤثر في العلاقات الأردنية-السعودية”، مشيرا إلى أن “رئيس مجلس النواب الأردني الصفدي له تحركات دبلوماسية عديدة خلال الفترة الماضية لتعزيز العلاقات مع برلمانات الدول العربية الأخرى”.
ويرى أن “حادثة هذا الفيديو القديم عارضة، ولن تغير في مسار العلاقات القوية بين المملكتين” على حد وصفه.
ويعتمد اقتصاد الأردن الذي يعاني من شح في الموارد الطبيعية، بشكل كبير على المساعدات خصوصا من دول الخليج على رأسها السعودية، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
ويعاني الأردن أوضاعا اقتصادية صعبة فاقمتها جائحة كوفيد، فارتفعت نسب البطالة عام 2021 إلى نحو 25 في المئة وفقا للأرقام الرسمية، بينما ارتفعت بين فئة الشباب إلى 50 في المئة.
كما ارتفعت نسبة الفقر إلى 24 في المئة وتجاوز الدين العام 47 مليار دولار، أي بنسبة تزيد عن 106 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي يناير الماضي، قرر البرلمان الأردني فصل نائب أثار الجدل برسالة وجهها إلى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يطالبه بها بوقف دعم الأردن ماليا، لأن الأموال “تذهب إلى جيوب الفاسدين”، على حد تعبيره.