أن يكون لديك صوت جميل تلك موهبة رائعة أو أن تكون ممثلاً يجسد الشخصيات في الأعمال الفنية المختلفة ذلك أيضاً موهبة مميزة، لكن لا يوجد سوى شادية التي استطاعت أن تجمع بين الغناء والطرب الحقيقي وقوة الأداء التمثيلي في أفلامها السينمائية على مدار مشوار فني تجاوز الأربعين عاماً.
البداية داخل أسوار المدرسة
لم تكن تدري الطفلة فاطمة والتي وُلدت في مثل هذا اليوم 8 فبراير بمنطقة الحلمية الجديدة بالقاهرة أنها ستكون يوماً ما نجمة كبيرة ملء السمع والأبصار في كافة أنحاء الوطن العربي، كان لديها صوت مميز وتحب الغناء منذ طفولتها حتى ساعدتها مُدرسة الموسيقى على الاستمرار في الغناء ولاقت التشجيع من أسرتها التي قدرت قيمة أن يهبهم الله طفلة موهوبة صاحبة صوت قوي وطفولة بريئة أهلتها فيما بعد لتصبح نجمة سينمائية.
إعلان بالجريدة يفتح لها أبواب النجومية
الصدفة وحدها هي ما صنعت بداية الطفلة فاطمة في مسيرتها الفنية حينما وجد والدها إعلاناً بالجريدة عن مسابقة لاكتشاف الوجوه الجديدة تقيمها شركة الفنانين المتحدين أربعينيات القرن الماضي، ليصحبها والدها ويذهب بها للتقديم في المسابقة، وبالفعل تحمس لها ولموهبتها المخرج أحمد بدرخان فيما قرر المخرج حلمي رفلة تبني موهبتها الفنية ويطلق عليها اسم شادية.
البداية في السينما بالغناء
كانت أول تجربة للفنانة شادية مع السينما هي الغناء من خلال فيلم “أزهار وأشواك” عام 1947 والذي شاركت من خلاله فقط بالغناء خلال أحداث الفيلم والذي جسد بطولته هند رستم، عماد حمدي ومديحة يسري ، ولكن حلمي رفلة في نفس العام يعطيها البطولة الأولى أمام الفنان كمال الشناوي في فيلم “حمامة السلام” وتمثل للمرة الأولى، وتثبت أنها ليست صاحبة صوت جميل فقط ولكنها موهبة تمثيلية قديرة أيضاً.
انفتحت أبواب الشهرة والمجد أمام الفنانة شادية لتجسد العديد من الشخصيات خلال الأفلام السينمائية أمام كبار النجوم والمطربين، منهم إسماعيل ياسين، فريد الأطرش، محمد فوزي، كمال الشناوي، عمر الشريف، صلاح ذو الفقار ورشدي أباظة والعديد من الفنانين، وبذلك الوقت اشتهرت بتجسيد شخصية الفتاة خفيفة الظل والمرحة ليطلق عليها لقب “دلوعة الشاشة”.
مسيرة سينمائية كبيرة ومسرحية واحدة
نجحت الفنانة شادية خلال مشوارها الفني أن تصبح من نجوم الصف الأول إلا أنها كانت دوماً ما تراهن على تجسيد الشخصيات الصعبة لتبتعد عن منطقة الفتاة الجميلة فقط، فتقدم فيلم “شيء من الخوف” والذي يعتبر من روائع السينما العربية مع المخرج حسين كمال، وتعاونت مع المخرج العالمي يوسف شاهين في فيلمين وجسدت شخصيات 5 روايات للأديب نجيب محفوظ في السينما المصرية.
كما نجحت شادية في تقديم الأفلام الكوميدية مثل “مراتي مدير عام، الستات ميعرفوش يكدبوا”، وجاء آخر أفلامها في السينما عام 1984 “لا تسألني من أنا” من أروع ما قدمت خلال مشوارها الفني حينما جسدت دور الأم التي تركت ابنتها بسبب الفقر خلال أحداث الفيلم.
وعلى الرغم من معاصرة الفنانة شادية لرموز زمن الفن الجميل وعصر ريادة المسرح المصري والعربي إلا أنها لم تقدم أي مسرحية طوال مسيرتها الفنية سوى عام 1982 وهي مسرحية “ريا وسكينة” والتي حققت نجاحاً كبيراً وعُرضت في عدد من الدول العربية ومستمر نجاحها حتى الأن.
الرحيل
نستطيع أن نقول إن الفنانة شادية رحلت مرتين، الأولى حينما اعتزلت التمثيل والظهور الإعلامي بشكل كامل في عام 1984 وقررت أن تكتفي بحياتها الخاصة إلا أن الجمهور كان دوماً باحثاً عن أخبارها في حالة شوق لرؤيتها، حتى جاءت صدمة الرحيل الثانية عن الحياة بعد تدهور حالتها الصحية في 28 نوفمبر عام 2017 عن عمر ناهز 86 عاماً ليُصاب كل محبيها في أنحاء الوطن العربي بحالة من الحزن، ولكنها ظلت حاضرة في قلوبهم ووجدانهم بأعمالها الفنية التي خلدت اسمها وذكراها في تاريخ الفن العربي.