هناك أزمة خطيرة سوف يتعامل معها الأردن بعد أسابيع، وهي أزمة تضغط على عصب الأردن، مثلما تضغط على عصب الفلسطينيين في المسجد الأقصى، الذي بات مهددا.
القصة هنا لها علاقة بمعلومات عما سيحدث من محاولات اقتحام خلال شهر رمضان، الذي سيأتي بعد ستة اسابيع، تقريبا، اي في الثاني والعشرين، او الثالث والعشرين من شهر آذار المقبل، والمؤشرات منذ هذه الأيام، تقول ان هناك تسخينا لوضع مفتوح على كل الاحتمالات.
الحكومة الاسرائيلية تتحدى بكل الوسائل في القدس، وغيرها، وبشأن الرعاية الدينية فإن المعلومات المتسربة تقول إن تل أبيب ترفض اعمال الترميم الأردنية، وترفض دخول موظفي أوقاف جدد، وترفض بناء مئذنة خامسة وهذا رفض قديم جديد، وترفض وقف الاقتحامات، وفي الوقت ذاته تتعرض اسرائيل الى ردود فعل فلسطينية من خلال عمليات مختلفة.
هذه الردود من المتوقع لها ان تشتد خلال الايام المقبلة، خصوصا، مع المعلومات حول ان إيتمار بن غفير وزير الامن القومي الاسرائيلي، اصدر تعليماته للشرطة بالاستعداد لتنفيذ عملية “السور الواقي 2” في القدس الشرقية بدءا من اليوم، علماً أن علمية “السور الواقي 1” عملية عسكرية كانت قد شنتها إسرائيل في مارس من عام 2002، في كافة أنحاء الضفة الغربية، واستشهد بسببها عشرات الفلسطينيين، كما حاصرت الرئيس السابق ياسر عرفات في مقر إقامته بمدينة رام الله، ولا يمكن ان تصدر تعليماته لهذه المرة لولا موافقة رئيس الحكومة الاسرائيلية، وطاقمه السياسي والامني والعسكري، حتى لو تم نفي ذلك.
المفارقة هنا ان مسؤولي الاحتلال اعلنوا البراءة من تصريحات بن غفير، اذ انتقد هذه التصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لبيد والذي قال إن ..” وزير التيك توك – قاصدا بن غفير- أصدر تعليمات لعملية سور واق 2، دون الكابينيت “المجلس الأمني المصغر” ودون تقدير موقف، ولا تنسيق بين الأجهزة الأمنية”، فيما سرب مسؤولون اسرائيليون اشارات ناقدة على لسان مصدر اسرائيلي قال ” القرارات بشأن عملية السور الواقي 1 أو 2 أو 3 أو 4 لا تتخذ على الرصيف في مكان الهجوم، ولم يكن هناك نقاش شمل التشاور مع جميع المسؤولين الأمنيين حول هذه المسألة، بل وطُلب من بن غفير تقديم تفسيرات عن الموضوع بعد التصريح الذي أدلى به، والقرار بشأن مثل هذه العملية سيكون على الأقل بعد التشاور مع المؤسسة الأمنية بكاملها، ومجلس الوزراء إذا لزم الأمر”.
في كل الاحوال يبدو الخط البياني واضحا، وهو يتجه نحو التصعيد الشديد، وقد شهدنا في رمضان العام الماضي، اقتحامات اسرائيلية اعلى درجة للحرم القدسي، ومن المتوقع هذا العام ان يتكرر سيناريو القدس قبل عامين، اي الانفجار الكامل، هذا اذا لم يحدث الامر اصلا قبل رمضان، كما في بعض التقديرات السياسية والامنية التي تتحدث عن حساسية الوضع.
الاستخلاصات هنا متعددة، فالأردن عليه ان يستعد لأزمة في الحرم القدسي، وسلطة رام الله عليها ان تستعد لازمة في الضفة الغربية لا يمكن لها ان تديرها بذات الطريقة الرخوة وغير المسؤولة، والمتهاونة ايضا، فيما الشعب الفلسطيني امامه فترة ليست سهلة، سواء في الضفة الغربية، او فيما يخص القدس، والمسجد الاقصى تحديدا خلال شهر رمضان.
هنا لا يتم تحميل الأردن المسؤولية وحيدا نيابة عن ملياري عربي ومسلم، لكن بصراحة لا بد من تصرف مختلف، على المستوى العربي والاسلامي والدولي، حتى لا تحدث كارثة في الحرم القدسي، بوجود كل هذه التيارات في الحكومة الاسرائيلية، والا سنجد انفسنا امام انفجار عام في القدس والضفة الغربية، قد تمتد تأثيراته ايضا إلى الأردن الاقرب الى فلسطين.
هذه ازمة خطيرة مجدولة ومؤجلة على اجندة الأردن الزمنية، وربما يعرف المسؤولون هنا في عمان، انها مقبلة على الطريق، بعد اسابيع، اذا تواصلت الحالة بهذه الطريقة التي نراها.
المصدر: صحيفة الغد