هلا نيوز – السبت ٢٠٢٣-٢-٤
زادت العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان منذ أيام معاناة اللاجئين السوريين في مخيمات بلدة عرسال (شرق) وسط غياب أدنى متطلبات العيش ومواجهة الصقيع الذي يهدد حياة الأطفال والنساء وكبار السن.
وتضم مخيمات عرسال قرابة 80 ألف لاجئ سوري، إضافة إلى قرابة 40 ألف لاجئ في مخيمات تقع في جرود البلدة.
وتضرب لبنان موجة برد قارس منذ خمسة أيام وتعود لتشتد مجددا اعتبارا من فجر غد السبت، وتبلغ ذروتها الأحد والاثنين حيث تهطل أمطار غزيرة تتشكل معها سيول جارفة، مع رياح شديدة وتساقط للثلوج الكثيفة اعتبارا من ارتفاع 1000 متر، بحسب الأرصاد الجوية.
وشهدت المنطقة خلال الأيام الماضية تساقط الثلوج التي طمرت أجزاء من مخيمات اللجوء المفتقدة لمقومات الحياة الأساسية.
واللاجئون في مخيمات عرسال ينتمون إلى مناطق سورية مختلفة، لكنّ أغلبيتهم من مدينة القصير بريف حمص الغربي ومحافظة دير الزور شرقي سوريا.
وفي ظل انعدام المساعدات ناشد اللاجئون السوريون المنظمات الدولية والإنسانية مد يد العون لحمايتهم ومنع وقوع كارثة إنسانية كما في كل شتاء.
لاجئون تحدثوا للأناضول رفضوا التصريح بأسمائهم الحقيقية لأسباب أمنية، عن معاناتهم في كل شتاء وخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي تؤثر عليهم بشكل مباشر.
** انعدام المساعدات ونقص الغذاء والوقود
السوري أبو خالد (اسم مستعار) “55 عاما” مزق أمام كاميرا الأناضول البطاقة التموينية الممنوحة من مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة بسبب حذفه وآخرين عن برنامج الاستفادة منها.
وقال للأناضول وهو غاضب “الأمم المتحدة حرمتني من حقوقي كلاجئ”.
وبحسب مصدر مطلع داخل المخيم للأناضول، فإن الأمم المتحدة “خفضت التقديمات عبر البطاقة التموينية لأكثر من 60 بالمئة لأبناء المخيم بسبب نقص التمويل الذي تقدمه الدول المانحة لمفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة”.
وأشار أبو خالد إلى “المعاناة الكبيرة في مخيمات عرسال كافة”، مشيرا إلى أنه “منذ شهر رمضان الماضي لم تدخل على المخيم أي جمعية أو منظمة خيرية سوى القليل جدا”.
وأضاف: “هناك نقص بالتغذية والتدفئة والملابس الشتوية وخاصة أن وضع الخيم لدينا سيئة جدا بسبب عدم تجديدها وصيانتها”.
وناشد أبو خالد فاعلي الخير “النظر إلى أوضاعهم”، مشيرا إلى أن “هناك أطفالا وعجزة بحاجة ماسة للمساعدة”.
أما أبو محمد (45 عاما) فوصف بالوضع بـ”المأساوي جراء البرد القارس وخاصة أن نصف المخيمات تقع في جرود عرسال وهي منطقة عالية جدا عن سطح البحر”.
وأوضح أنه “منذ 5 أيام والعاصفة مستمرة والثلوج غمرت الخيم واللاجئين جميعهم يعانون من البرد الشديد في ظل انعدام وسائل التدفئة فنلجأ إلى حرق الثياب لنحصل على التدفئة”.
** الثلوج تراكمت على الخيم المهترئة
من جهتها، قالت فاطمة (صرحت باسمها الأول، 53 عاما) وهي أم لأربعة أولاد: “سنموت من البرد لأن الثلوج تراكمت بسماكة متر على خيمتنا ونشعر أنها ستنهار علينا بين الحين والآخر بسبب تلف الخشب الذي يحملها”.
وأوضحت أنها أوقفت أولادها الصغار عن متابعة التعليم لإعانتها لأن لديها ولدا بحاجة إلى عملية جراحية لا تستطيع أن تلحقه بالمدرسة.
وأشارت إلى أنه “منذ فترة طويلة لم تدخل عليهم أي جمعية أو منظمة خيرية لإعانتهم من برد الشتاء”.
** مواجهة العاصفة صعبة
من جانبه لفت جمال (اسم مستعار، 58 عاما)، إلى أن “مواجهة العاصفة حاليا صعبة بالنسبة لنا كلاجئين لأنها أتت فجأة ونحن غير مستعدين لذلك لأنه ليس لدينا مقومات لمواجهتها في ظل الأزمة الاقتصادية”.
وقال “المازوت (الوقود) أسعاره مرتفعة جدا في ظل الارتفاع المستمر للدولار في لبنان مقابل الليرة وخاصة بعد فصلنا عن برنامج الاستفادة من البطاقة التموينية التي تصدر عن الأمم المتحدة (مفوضية اللاجئين)”.
وتابع: “العيش تحت هذه الخيم موت في الصيف لأننا نحترق جراء هذه الشوادر من النايلون، وفي الشتاء نموت من البرد الشديد جراء تراكم الثلوج”.
من جهتها اشتكت عائشة (لم تدل باسم عائلتها، 47 عاما) من “عدم النظر إليهم إلا مرة واحدة في السنة من قبل الجمعيات والمنظمات الخيرية”.
وقالت: “يأتون مرة أول الشتاء يقدمون لنا 20 لترا من المازوت ويرحلون”.
وأشارت إلى أن ابنها الصغير “مريض وإخوته السبعة الباقون سيموتون من البرد (..) لا مازوت ولا حطب”، مناشدة “الجمعيات الخيرية المساعدة بأسرع وقت ممكن”.
وقال حسن حديد وهو مسؤول إحدى تجمعات الخيم في جرود عرسال للأناضول: اللاجئون يحاولون بجهدهم الخاص إزالة تراكم الثلوج عن أسقف الخيام”، مشيرا إلى أنها “قد تتسبب بسقوط الأسقف وتلحق أضراراً كبيرة بالخيم”.
وعن الوضع الإنساني للاجئين أشار حديد إلى أنه “سيئ جدا جراء البرد القارس وتساقط الثلوج (..) الناس هنا سيموتون من البرد”.
وأضاف: “لا يوجد مازوت بسبب أسعاره المرتفعة جدا والتي تزداد يوميا جراء الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار الدولار”.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان نحو 1.5 مليون وفق تقديرات رسمية، ويعاني معظمهم أوضاعا معيشية صعبة خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلد العربي.
ويعيش لبنان منذ 2019، انهيارا اقتصاديا صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، حيث خسرت العملة أكثر من 95 بالمئة من قيمتها، ما ترافق مع تراجع في قيمة الرواتب والقدرة الشرائية.