إدارة الدولة: ومستقبل العلاقة ما بين المواطن والحكومة. إدارة الدولة تقع على عاتق الحكومة في النظام الدستوري الأردني، فهي صاحبة اختصاص أصيل في هذا الامر، ولا تحتاج الى تفويض او موافقة من أي جهة كانت، وكتاب التكليف السامي موجهاً ومرشداً للحكومة في إطار عملها، ولا يشكل بديلاً عن النصوص الدستورية التي نصت بأن يتولى مجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور أو أي قانون إلى أي شخص أو هيئة أخرى وفقا لأحكام الفقرة (1) من المادة (45) من الدستور. إن الواجب الأساسي للحكومة- أي حكومة- هو حماية المواطن وتمكينه من التمتع بالحقوق المنصوص عليها في الدستور، ولا يمكن النظر الى علاقة المواطن بالسلطة بمعزل عن مفهوم المواطنة، وهو مفهوم متحرك وليس ثابت، ويعني منظومة من القيم والمشاعر والانتماءات، يحترم مفهوم التعددية، ويسقط الفوارق المتصلة بالدين أو الجنس أو الأصل بين البشر بلا استثناء، فالمواطنة تشكل فكرة جامعة تضم أبناء الشعب الواحد رغم تنوع مكوناته الدينية والعرقية، وهي الرباط الذي يربط المواطن بوطنه، ويكسبه الولاء ويفرض عليه الواجبات ويمنحه الحقوق، فهي الشعور بالانتماء والولاء لهذا الوطن قيادة و أرضاً وشعباً. لقد أصبحت العلاقة ما بين المواطن والحكومة ما بعد الربيع العربي، علاقة متوترة، وربما كان الربيع العربي كاشف لهذه الازمة وليس منشئ لها، لان المواطنة – وقبل الربيع العربي- تواجه جملة من التحديات نتيجة لتنامي ظاهرة العولمة، ومرور المجتمع البشري بتحولات جذرية. لم تبذل الدولة ما يكفي لمواجهة هذه التحديات، والتي منها النمو المتسارع للمجتمع المدني العالمي، والاهتمام بحقوق الإنسان وتدخل الدول الكبرى المهيمنة لحماية تلك الحقوق بناء على تقارير مؤسسات المجتمع المدني الداخلية والممولة من الخارج، إضافة لظهور الشركات العالمية العابرة للقارات، واعتمادها على المنافسة واقتصاد السوق، واعتماد الدول على الخصخصة كأسلوب اقتصادي، وتخلي الدولة عن دعم السلع والخدمات، الأمر الذي أدى الى تركز الثروة بيد عدد محدود من الأفراد، وتزايد البطالة والفقر نتيجة لزيادة تكاليف المعيشة، وتلاشي الطبقة الوسطى، وأصبح اهتمام الناس منصب على تأمين قوت يومهم، واصبحت المشاركة السياسية ترفا، مقتصرة على النخب والأغنياء، وأدى هذا إلى التساؤل حول مدى قدرة الدولة على الوفاء بمسؤوليتها الاجتماعية والاقتصادية تجاه مواطنيها لاسيما الطبقات الوسطى والفقيرة ؟ لذلك عندما جاء الربيع العربي ظهرت هذه المشكلات الى السطح دفعة واحدة، وأصبحت العلاقة ما بين المواطن والحكومة يحيطها ظلال من الشك ، وعدم الثقة بكل ما هو حكومي خصوصاً في القرارات التي لها ارتباط في معيشة الناس، ونجم عن ذلك كله، تراجع اهتمام أفراد المجتمع ككل بالشأن العام ، ولا أدل على ذلك، من تراجع الإقبال على الانتخابات العامة لاسيما النيابية منها . والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الحل؟ او كيف نغيّر الوضع القائم؟ 1. إن الحكومة مدعوة -بحكم الأمانة التي تحملها فوق كتفها و بحكم الظروف التي يعيشها الوطن – لأن تكون حامية لسيادة القانون ورسوله للحرية وبشيره بالتقدم، وراعية للعدل ، وهي لكي تكون كذلك يجب أن تكون لديها من القدرات والإمكانيات ما يؤهلها لحمل المسؤوليات الضخمة الملقاة على عاتقها في هذه الظروف، وأعتقد ان هذه نقطة ارتكاز مهمة، في اختيار من يتولى أمانة المسؤولية من الوزراء بحيث يتم الانتقاء على أسس موضوعية، أساسها الكفاءة والجدارة وليس على العلاقات الشخصية، لأن المعيار الشخصي في الانتقاء كانت نتائجه كارثية وغير محمودة وادى الى تراجع كفاءة الدولة وهيبتها، فعلى الوزير أن لا ينسى أو يتناسى أنه موظف عام تحوطه سمعة الدولة وترفرف عليه مثلها!!! 2. لقد ثبت وبشكل قاطع، بأن الغضب يؤدي الى نتائج سلبية غير محمودة، ولن يُحدث أي تغيير في النهج الاقتصادي أو الإداري للدولة، فالتغيير يحتاج الى تفكير عميق وعقل منظم، وعليه، نجد بأن مفتاح التغيير والإصلاح الشامل في الدولة، ومن ثم الارتقاء بها، إلى مصاف الدول المتقدمة، هو صندوق الانتخاب، فكلما كان الصندوق معبرا تعبيرا حقيقيا وصادقا عن إرادة الناس كلما اقتربنا من النهج الصحيح والسليم في إدارة الدولة، فالديمقراطية مسار وليست قرار. 3. ان قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 يُعمل به بعد مرور ثلاثين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وحيث ان القانون نشر في 14/4/2022 فإنه يكون نافذ في 14/5/2022، والأحزاب المؤسسة قبل نفاذ أحكام هذا القانون مطلوب منها توفيق أوضاعها خلال سنة واحدة من تاريخ نفاذه أي في 14/5/2023 . 4. تلجأ الدول الى الانتخابات المبكرة لحسم كثير من القضايا التي تواجه المجتمع، ولا بد من الرجوع الى الناخبين لحسم كافة القضايا المثارة ،فالحكومة ليس لديها ما تقدم، والمواطن غير راضي تماماً عن سياسة هذه الحكومة، وهي أكثر حكومة تدنت شعبيتها لدى للناس في استطلاعات الرأي العام بدرجة غير مسبوقة، والمواطن أيضا غير راضٍ عن أداء البرلمان ، والبرلمان غير مؤثر على سياسات الحكومة، وبالتالي فان المواطن وهو عماد هذا المجتمع وأساس العملية الديمقراطية فقد الثقة بهاتين المؤسستين . لذلك لابد من الاحتكام مجددا الى صندوق الاقتراع في انتخابات مبكرة ، من خلال حل البرلمان بعد تاريخ 14/5/2023، وتشكيل حكومة جديدة وبرلمان جديد في صيف العام المقبل . ان التغيير المطلوب لا يكلف المواطن إلا الذهاب إلى صندوق الإقتراع، فملايين الأصوات كفيلة بتشكيل مجلس نواب حقيقي يشكل ظهير شعبي وقوة ضاغطة على الحكومة لتصحيح النهج الاقتصادي والاجتماعي في الدولة ومن هنا يبدأ التغيير .
https://www.rasidnews.com/post.php?id=15189