الخبير الفلكي عماد مجاهد
قال الخبير الفلكي عماد مجاهد زميل الجمعية الفلكية الملكية البريطانية، أن تصريحه الاخير عن احتمال وجود علاقة بين حركة الأغنام الدائرية كما حدث في الصين والأردن مؤخرا، وبين النشاط المغناطيسي الشمسي، اعتمد على دراسات علمية موسعة أجريت من قبل علماء ومراكز أبحاث الفضاء، والتي أشارت الى وجود علاقة بين النشاط المغناطيسي الشمسي والقمر، وبين التصرفات غير المألوفة وغير المعتادة من قبل بعض الحيوانات والطيور والاسماك والمخلوقات البحرية الأخرى وحتى البشر.
وأضاف أن الانسان والكائنات الحية الأخرى جزء من هذا الكون، وهي تتأثر بالرياح المغناطيسية الشمسية على مدار الساعة، وعندما تتفاعل الرياح الشمسية مع الحقل المغناطيسي الأرضي تؤثر على الجهاز العصبي للكائنات الحية سواء الانسان او الحيوان وكذلك النبات، وهذا ما كشفت عنه الدراسات العلمية العالمية.
وأشارت هذه الدراسات أن تأثيرات الرياح الشمسية على الكائنات الحية تزاد بشكل واضح عندما تزداد النشاطات المغناطيسية الشمسية وتتحول إلى عاصفة مغناطيسية، حيث تصل كوكب الأرض كميات أكبر من الجسيمات المشحونة كهربائيا والاشعة غير المرئية بعضها عالية الطاقة مثل الاشعة فوق البنفسجية والاشعة تحت الحمراء واشعة ألفا وبيتا وغاما وغيرها.
وبحسب دراسات الفيزياء الشمسية الحديثة، لاحظ العلماء أن الشمس تمر بنشاط شمسي أقوى من المعدل كل 11 سنة تسمى الدورة الشمسية، وهنالك دورة أعظم تمر الشمس فيها بنشاطات مغناطيسية قوية تحدث كل 100 عام، ويتوقع أن تصل الشمس هذه الذروة سنتي 2024 و2025.
وشرح الفلكي عماد مجاهد، وهو أيضا عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، أنه عندما تحدث النشاطات الشمسية تظهر فيما يسمى (البقع الشمسية) حيث تخرج الرياح الشمسية من هذه البقع على شكل عواصف مغناطيسية تهدد غلافنا الجوي. وهذه العواصف هي المسؤولة عن اختلال الاستقبال الإذاعي والتلفزيوني، وعن الاضطرابات الكبيرة في الطقس. كما أن نشاط البقع الشمسية يزيد احتمال الأعاصير والزوابع فوق المحيطات. ففي الشمس مجالات مغناطيسية قوية، قد تفوق المجال المغناطيسي الأرضي بمئات أو آلاف المرات، إضافة إلى أنها محاطة بأعاصير هيدروجينية. وإن العلاقة التي تحكم البقع الشمسية تتبع دورة تتكرر كل 11 سنة. وقد وجد العلماء أن هذه الدورة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكثير من مظاهر حياتنا. فهي تؤثر على مستوى مياه الكثير من البحيرات في العالم، وكذلك على عدد من جبال الثلوج العائمة في البحار، وتسبب اشتداد الجفاف في المناطق الجافة، وتؤدي لحدوث الطقس والمناخ المتطرف.
وبحسب دراسات الفيزياء الشمسية الحديثة، لاحظ العلماء أن هنالك دورة أعظم تمر الشمس فيها بنشاطات مغناطيسية قوية تحدث كل 100 عام، ويتوقع أن تصل الشمس هذه الذروة سنتي 2024 و2025.
أن الرياح والعواصف المغناطيسية الشمسية تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الكائنات الحية على الأرض، فقد لاحظ العلماء خلال العقود الماضية، أن بعض الطيور المهاجرة كانت تخرج عن طريقها المألوف والطبيعي وتتوه في سفرها عندما تحدث زيادة في النشاط الشمسي أو الدورة المغناطيسية الشمسية، كما لوحظ أن الحمام الزاجل يضل طريقه ويطير على ارتفاعات عالية تخالف الارتفاع الطبيعي لها وتسلك طريق غير مألوف عندما تزداد النشاطات الشمسية.
وفي عام 2017 عندما جنح عدد كبير من الحيتان والدلافين وخنازير البحر بشكل جماعي وماتت على شواطئ بحار العالم، توصلت دراسات أجريت حينها بالتعاون ما بين مركز جودارد لأبحاث الفضاء التابع لوكالة الفضاء الامريكية ناسا والصندوق الدولي لرعاية الحيوان، أن النشاطات المغناطيسية الشمسية قد ازدادت بالتوافق مع هذا السلوك النادر لهذه المخلوقات البحرية والتي على ما يبدو أن سلوكها قد يتأثر بالنشاطات المغناطيسية الشمسية.
كما لوحظ من خلال بحوث سابقة أن سمك السالمون تحديدا يتأثر بالحقول المغناطيسية وتغيراتها، حيث انه عندما تبيض أنثى سمك السالمون تبتعد عن مكان وجود البيض الاف الكيلومترات، وعندما تفقس البيوض فان السمك الوليد يفترض أن يذهب للأمهات التي تكون قد ابتعدت عنها آلاف الكيلومترات، ولكن عندما تنشط الحقول المغناطيسية الناتج عن العواصف المغناطيسية الشمسية، كانت هذه الأسماك تتبع سلوك آخر وغير معهود ما يشير إلى أن هذه الأسماك تتأثر بالمجال المغناطيسي.
وتشير العديد من الأبحاث العلمية أن غالبية الأوبئة الخطرة، مثل الطاعون والكوليرا والتيفوئيد والحصبة الوبائية، تظهر عند أوج النشاط الشمسي الذي يحدث كل 11 سنة. وقد توصل أحد علماء اليابان إلى اكتشاف زيادة مفاجئة في نسبة بروتين الدم عند الجنسين (المعروف أن هذه النسبة ثابتة عند الرجال ومتغيرة عند النساء) عند النشاط الكبير للبقع الشمسية الذي يؤثر على المجال المغناطيسي الأرضي. كما وُجِد أن النشاط الشمسي يسبب هبوطاً في نسبة الخلايا اللمفاوية في الدم (وهي خلايا صغيرة تشكل 25 % من كريات الدم البيضاء عند الإنسان). كما لوحظ أثناء النشاط الشمسي المكثف تضاعف عدد المرضى الذين يعانون من أمراض تعود إلى نقص الخلايا اللمفاوية.
يضاف إلى ذلك تأثر العديد من الأمراض بالاضطرابات المغناطيسية التي يسببها النشاط الشمسي، ومنها مرض التدرُّن الرئوي والجلطة الدموية إلخ. وقد بيَّنت الأبحاث وجود صلة قوية بين النشاط الشمسي وهبوط القلب الناتج عن الجلطة، حيث وُجِد أن الأشعة الشمسية تساعد على تكوين الجلطات بالقرب من الجلد، وأن هذه الجلطات هي التي تؤدي إلى الانسدادات المميتة في الشريان التاجي.
الثابت من هذا كلِّه أن الكثير من وظائف الجسم تتأثر بالتغيرات التي تُحدِثها الشمس في المجال المغناطيسي الأرضي. والتأثير الأكيد يكون منصباً على الجهاز العصبي نظراً لاعتماده في عمله أساساً على نظام خاص من المنبِّهات، كالإثارات الكهربائية.
وحتى الحوادث اليومية الأخرى، مثل حوادث المرور، تزداد إلى أربعة أضعاف معدَّلها الطبيعي في اليوم التالي للنشاطات الشمسية القوية.
وختم مجاهد حديثه بالقول: إن نتائج هذه الدراسات حول تأثر الكائنات الحية المختلفة بالنشاط المغناطيسي الشمسي، واقتراب الشمس من ذروة نشاطها الكبير الذي يقع كل 100 عام سنتي 2024 و2025 هي التي دفعته للاعتقاد بانه ربما يكون سبب سلوك وحركة الأغنام في حلقة دائرية هي النشاطات المغناطيسية الشمسية، وبالطبع يبقى اقتراح ولا يمكن حسمه، لكنه اعتمد على دراسات علمية سابقة تخص الكائنات الحية الأخرى.