هلا نيوز
علق لاعب كرة القدم الإنكليزي السابق جون بارنز، على المحاضرات الأخلاقية التي يحاول الغرب تقديمها للدولة المضيفة لمونديال 2022، قائلا إنها تعبير عن عقدة التفوق الأخلاقي والثقافي.
وجاء في مقال نشره بصحيفة “التايمز” أن السبب وراء العقدة هي الغطرسة التي تدفع الغرب لتجاهل قوانين البلد المضيف، والاعتقاد أنه أفضل من غيره.
وتساءل الكاتب: “كيف سيكون موقفنا لو جاء معلقو قنوات تلفازية إفريقية وبدأوا بالحديث عن الظلم الممارس على السود، وغياب مدراء لفرق كرة القدم، وانتهاك اللاعبين السود، وأسوأ من هذا، معاملة السلطات للسود في أحياء المدن؟ وماذا سيكون موقفنا لو طالبونا بتغييرات ودعوا لمقاطعة مباريات كرة القدم، وأنه يجب سحب حق تنظيم مباريات كأس العالم من إنكلترا، في وقت يقيمون فيه بأحسن فنادقنا ويتناولون أفضل الطعام في مطاعمنا؟”.
سيكون الجواب على كل هذا: “كيف يتجرأون على فعل ذلك؟ ففي الوقت الذي يتجسد التمييز في القوانين القطرية، فالتمييز متجسد في الثقافة والمجتمع البريطاني، فهناك الكثير من السود الذي أوقفتهم الشرطة وفتشتهم واحتجزتهم لمجرد كونهم سودا. وعلينا ترتيب بيتنا قبل أن نبدأ بالمحاضرة ووعظ بقية العالم”.
ويقول إن “الإرث” هو واحد من معالم كأس العالم، مضيفا: “كنت جزءا من الطاقم الإنكليزي الذي دعم محاولة بريطانيا في عام 2018 إلى جانب الأمير ويليام وديفيد بيكهام، وإن كان دوري هامشيا، حيث سافرنا حول العالم، لإقناع الدول كي تدعمنا. وزرنا سياسيين ومدارس ودربنا الأطفال وتحدثنا عن تاريخ إنكلترا وعلاقتها وموقفها من الدول التي زرناها. ونسينا مرة أخرى أن العالم ينظر إلى علاقته معنا بطريقة مختلفة”.
ويقول: “ذهب حق تنظيم مباريات كأس العالم لروسيا عام 2018 وقطر عام 2022”.
وتابع: “لقد عملت مع قناة الرياضية القطرية (بي إن سبورتس) ومنظمة قطر المسؤولة عن تنظيم المباريات، ولا أتلقى أجرا منهم الآن، ولهذا فآرائي قائمة على تجربتي. وماذا سيكون إرث مونديال قطر 2022؟ لقد رأيت بأم عيني التعليم والتدريس المهني والمنافع المادية لتطوير كرة القدم في قطر. وبعد المونديال سيتم تفكيك بعض الملاعب لكي تستفيد منها الدول المحرومة. وسيكون إرث قطر 2022 بدون منافس لها في تاريخ كأس العالم”. وأضاف أن النقد اللاذع والاحتقار الذي الموجه لقطر بسبب المونديال، كان مدهشا ومثيرا للضحك بطريقة تجعلك تشعر أن حق تنظيم المناسبة مُنح للبلد قبل عدة أشهر. وهو نفس النقاش الذي حصلنا عليه قبل عشرة أعوام”.
فمنذ أن اختيرت قطر لتنظيم المناسبة “تغيرت الأمور وتحقق التقدم في مجال حقوق العمالة الوافدة. مع أن الطريق لا يزال طويلا، إلا أن الوضع على أرض الواقع بات متقدما عما كان عليه قبل عشرة أعوام. ومن المثير أن بعض الأصوات المزعجة الآن ليس لديها إلا القليل لتقوله عن التنمية في قطر خلال الـ20 عاما الماضية”.
ويقول إن معاملة قطر للمثليين من الصعب الدفاع عنها، “لكننا سرعان ما ننسى أن المثلية كانت محظورة في بلدنا حتى وقت ليس بالبعيد (حتى 1967) وتم حظر زواج المثليين في تاريخنا القريب”.
ويقول: “لا أتفق مع قوانين قطر، لكن كان علينا أن نتوقع من الزوار احترام قوانينا لكي نقوم بالمثل في الدول الأخرى”.
وكرر شجبه لقوانين قطر المعادية للمثليين، كما يقول، مضيفا: “لكنني أعتقد أن على الزوار الالتزام بها حتى لو كانوا يعارضونها، ولو كان الناس يريدون التعبيرعن موقف، فقد كان عليهم مقاطعة المباريات وليس الذهاب. ولكان هذا مؤثرا أكثر من ارتداء شارة اليد”.
وأضاف أن دعم مجتمع المثليين في قطر هو أمر جدير بالثناء، “لكنني لا أتذكر أي دعم من الإعلام الرئيسي قبل منح قطر حق تنظيم المونديال. وأنا متأكد أن المباريات لم تكن لتمنح لقطر. فالصمت من الكثير صمّ الآذان. وبالتأكيد، كم من المعلقين والصحافيين ولاعبي كرة القدم الذين يتحدثون من هناك عن المظالم عبّروا عن دعم للقطريين المحرومين قبل حصول قطر على حق استضافة كأس العالم؟ وكم من هؤلاء سيواصل القتال من أجلهم بعد المباريات؟ مثل الدعم لحركة حياة السود مهمة، فسيتلاشى الدعم”.
ويقول الكاتب إن “الوقت تغير” وعندما يحاول الأوروبيون الذين يعتقدون أن من حقهم محاضرة العالم عن الصواب والخطأ، ويشعرون أن من حقهم الذهاب إلى بلد ما و”تعليم” و “تثقيف” و”تحضير الشعوب والحضارات المتدنية” فلن تنجح الآن. وأضاف: “لا نستطيع التنمر عليهم اقتصاديا أو عسكريا أو التلويح بخطابنا الثقافي المتطور. ونظرا لغطرستنا، فلا نزال ننظر لأنفسنا على أننا حراس الأخلاق ونحاول “إجبار” العالم لمتابعة طريقتنا في التفكير. في وقت يمضي فيه بقية العالم بطريقته “المستقلة” في التنمية.
وتابع: “لو طلب مني، لذهبت إلى قطر كجزء من الإعلام، وما لم أكن سأفعله كعضو أسود في الإعلام، هو الزعم أنني هناك للتعليم وتدريسهم وتعليمهم طريقتنا المتفوقة. كرجلٍ أسود، فإنني واع بالقرون التي كان الأوروبيون يسافرون فيها إلى إفريقيا لتغير ما أطلق عليها الشعوب المتوحشة و”تحسين حياتها الرديئة”، مع أن الهدف كان هو لخدمة المصلحة الذاتية”. ويقول: “أعرف التاريخ، وأفهم أن الخطاب الأوروبي حول تحسين حياة الناس من خلال غزو بلادهم وإجبارهم على التغيير، لا يزال قائما حتى اليوم”.
وقال إن الكثير من مشجعي الفريق الإنكليزي ممن ارتدوا الأزياء الصليبية لم يتم الترحيب بهم في قطر. فتصرفهم ينمّ عن انعزالية وغياب في الوعي. ويتم تصوير أسطورة ريتشارد قلب الأسد من خلال رؤية المحسن والإيثار والتبجيل، لكن لا شيء أبعد عن الحقيقة. وقال الكاتب إن المذابح والاغتصاب والنهب الذي قام به آلالاف المسيحيين ضد المسلمين واليهود في بلادهم، يتفوق على مجازر المستبدين في الماضي. لكنهم كانوا أوروبيين، ولهذا لا حرج. فتصور المسلمين عن الصليبيين حتى قبل 900 عام، مرتبط بالاشمئزاز منهم. ونظرا لجهل الغرب، فإنه يفترض أن على العالم الامتنان للصليبيين، فقد كانوا مسيحيين طيبين، وهذا مثل حضور الفريق الألماني لملعب ويمبلي في لندن بالزي النازي.
ورحبت قطر بالجميع، مثلي وغير مثلي، ولكنها طلبت من الجميع احترام ثقافتها وقوانينها، ولهذا كان يجب الحد من التعبيرات الجنسية الصريحة. فلكل شخص الحق في اختيار الحياة التي يريدها، ولكننا عندما نطالب الآخرين باحترام طريقة حياتنا فعلينا احترام طريقة حياة وثقافة الآخرين.
فلون قوس قزح، وشارة “حب واحد”، يروّجان لأمر ممنوع في قطر حتى لو كنا نعتقد بغير هذا. مضيفا: “في بلدنا نطلب من الزوار عدم التصرف بطريقة تخرق قوانينا، وفي قطر، حتى لو اعتقدنا أن هذه مجرد شعارات، فهي مخالفة للقانون وتحد لثقافة البلد”. والمثلية ممنوعة أيضا في الكثير من الدول الإفريقية، مع أن القوانين المعمول بها هي بريطانية المنشأ.
والسؤال: هل يجب منع هذه الدول من المشاركة في منافسات لتنظيم كأس العالم؟ فالتمييز بكل أنواعه منتشر حول العالم، وعليه، فمزج الدين والسياسة والأخلاق بالرياضة، هو عمل معقد. وكما نعرف من تجربة هذا البلد- بريطانيا، فالتغيير الحقيقي يحتاج لوقت.