قال وزير الصناعة والتجارة والتموين والعمل الأردني يوسف الشمالي، في مقابلة له اليوم الأحد، أن الحكومة تعمل ضمن مسارات إصلاحية بالتوازي في المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية بهدف تعزيز المشاركة في صنع السياسات والقرارات وتحسين مستويات المعيشة والحد من الفقر والبطالة والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ومختلف القطاعات الاقتصادية والمستثمرين.
وتاليا نص المقابلة كما وردت عبر صحيفة العربي الجديد:
ـ إلى أين يتجه الاقتصاد الأردني في ظل التحديات الداخلية والخارجية؟
الاقتصاد الأردني يتجه لتحقيق نتائج أفضل خلال السنوات المقبلة، وهنالك العديد من المؤشرات التي تؤكد دخوله في مرحلة التعافي من جائحة كورونا وتداعياتها وآثار الأزمة الروسية الأوكرانية وغيرها من العوامل التي أثرت بأداء الاقتصاد العالمي عموماً.
المؤشرات تظهر تحسناً في أداء الوضع الاقتصادي خلال العام الحالي، إضافة إلى انخفاض أسعار العديد من السلع، ولا سيما الغذائية، بعد الارتفاعات التي وصلت إليها العام الماضي وخلال الربع الأول من 2022.
والحكومة تعمل ضمن مسارات إصلاحية بالتوازي في المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية بهدف تعزيز المشاركة في صنع السياسات والقرارات وتحسين مستويات المعيشة والحد من الفقر والبطالة والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ومختلف القطاعات الاقتصادية والمستثمرين.
ـ رؤية التحديث الاقتصادي التي أقرتها الحكومة ماذا تستهدف؟
تحسين بيئة الاستثمار يتصدر أولويات عمل المرحلة الحالية، بهدف استقطاب المشاريع الاستثمارية، ولذلك أُقرّ قانون جديد للاستثمار سيجري البدء بتطبيقه اعتباراً من يناير/ كانون الثاني المقبل، بما يسهم في زيادة الجاذبية الاستثمارية للأردن ومعالجة الثغرات التي كانت قائمة.
ورؤية التحديث الاقتصادي للأردن للسنوات العشر المقبلة تستهدف أساساً زيادة نسب النمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة وتوفير مليون فرصة عمل بواقع 100 ألف سنوياً واستثمارات بقيمة 41 مليار دينار (57.81 مليار دولار) في العديد من المجالات، وخصوصاً الطاقة والمياه والنقل والصناعة وغيرها.
وفي ما يخص وزارتي الصناعة والتجارة والعمل، تُنفّذ مبادرات في مختلف المجالات بما يساهم في زيادة مساهمة القطاعات ذات الأولوية في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص العمل وزيادة حجم الصادرات.
ومن المتوقع أن تسهم المبادرات الخاصة في قطاعي الصناعة والتجارة في رفع الإنتاجية وتخفيض كلفة الطاقة والإنتاج وتعزيز الترابط والتكامل الصناعي، إلى جانب زيادة تبني إجراءات من شأنها تعزيز الاستدامة في الموارد من خلال تطبيق ممارسات الاقتصاد الدائري في الانشطة الصناعية والتركيز على المجمعات الصناعية البيئية.
وستسهم أيضاً في تعزيز تنافسية القطاع الخدمي الأردني وتوفير قواعد بيانات دقيقة وفورية لمختلف البيانات من السوق المحلي والأسواق العالمية وفتح أسواق جديدة للصادرات الأردنية وتعزيز التجارة الإلكترونية وتبسيط الإجراءات الحكومية وتسهيلها.
ـ لكن هناك انتقادات بشأن نسبة البطالة في الفترة الماضية؟
هنالك حوالى 435 ألف عاطل من العمل في الأردن، والحكومة تعمل على توفير فرص العمل لهم من خلال العديد من البرامج، وبخاصة برنامج التشغيل الوطني الذي يستهدف تشغيل 60 ألف شخص سنوياً، والتركيز على عمليات التأهيل والتدريب.
وقد تراجعت نسبة البطالة إلى 22.6% في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، ويجري توجيه العديد من البرامج لدعم القطاعات الاقتصادية وتحفيزها بهدف توفير فرص العمل، إضافة إلى الاهتمام بالتدريب والتأهيل من خلال مراكز التدريب المهني التي تستطيع تدريب 10 آلاف شخص، ولديها المقدرة على رفع العدد إلى 20 ألفاً.
ـ عانت الصادرات الأردنية من الظروف المحيطة وجائحة كورونا، هل استطاعت تجاوز تلك الصعوبات؟
تعافت الصادرات الأردنية من جائحة كورونا وتداعياتها، وحققت ارتفاعاً قياسياً خلال العام الماضي وللثمانية أشهر الأولى من العام الحالي، وهذا يعود إلى الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصناعة والتجارة والتموين لأجل زيادة الصادرات والعمل بتشاركية مع القطاعات الاقتصادية لتعظيم الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الأردن على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف.
نسبة النمو التي حققتها الصادرات تجاوزت معدلات عام 2019، أي قبل جائحة كورونا، لتصل إلى 19.7% في 2021، مقابل 6.8% في العام المذكور، وهناك قفزة خلال الثمانية أشهر الأولى من هذا العام، بما نسبته 45.6% على أساس سنوي.
وكانت الصادرات الوطنية قد نمت بنسبة 1% فقط عام 2020 بسبب جائحة كورونا وتداعياتها، ويجري العمل لتعزيز المكاسب التي حققتها الصادرات وتحفيز القطاعات التصديرية للاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق الخارجية لفتح أسواق جديدة أمام الصادرات الوطنية وإزالة الصعوبات التي تواجهها.
ـ ماذا عن الأمن الغذائي والمخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية؟
تتولى وزارة الصناعة والتجارة والتموين إدارة وتأمين المخزون الغذائي والسلعي، ومنذ سنوات تُطبَّق استراتيجية مستدامة للمحافظة على المخزون الاستراتيجي من مختلف السلع، وخاصة التموينية، وذلك بمشاركة القطاعين الصناعي والتجاري.
والمخزون الاستراتيجي آمن جداً من القمح والشعير وفوق فترات الكفاية من كل منهما، حيث يحوز الأردن احتياطياً من القمح يبلغ 1.3 مليون طن، ما يكفي الاستهلاك المحلي لأكثر من 12 شهراً، وكذلك الحال بالنسبة إلى مادة الشعير التي توفرها الحكومة لمربي الأغنام بالسعر المدعوم.
ويجري الاستيراد من مناشئ مختلفة لمختلف السلع الغذائية، والحكومة اتخذت العديد من الإجراءات إبان جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية للمحافظة على مخزون السلع، والحد من ارتفاع الأسعار عالمياً على السوق المحلي قدر الممكن، ومن ذلك تخفيض الرسوم والضرائب على بعض السلع وتسهيل وتسريع الإجراءات واعتماد سقوف لأجور الشحن لغايات احتساب الرسوم الجمركية وغيرها.
والسلع الأساسية متوافرة ضمن فترات الكفاية من كل منها، والوزارة تتابع وضع المخزون أولاً بأول من خلال نظام الإنذار المبكر والكشف الحسي على مستودعات التجار.
ـ لكن مؤشرات التضخم عكست في الأشهر الماضية ارتفاع أسعار السلع، ما سبّب ضغوطاً على ميزانيات الأسر، فما تعليقكم؟
مؤشرات أسعار السلع إلى انخفاض حالياً، وأبرز الأسباب التي ساهمت في ذلك انخفاض أسعار المشتقات النفطية عالمياً، الذي يعتبر عصب النقل للبضائع، ومرحلة التعافي التي يشهدها الاقتصاد العالمي بعد جائحة كوفيد-19 وعودة عجلة الإنتاج وتوافر السلع، وأهمها السلع الغذائية والأساسية.
وهناك رقابة يومية على الأسواق، ومنذ بداية العام الحالي وحتى العشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ضُبط حوالى 5500 مخالفة تموينية وأُحيلَت على القضاء، ومعظمها عدم إعلان الأسعار، والوزارة تتدخل بقوة القانون لضبط أسعار أي سلعة أساسية في حال المغالاة فيها، وسبق أن حُدِّدَت سقوف سعرية لبعض السلع.
وبالاضافة إلى الإجراءات الحكومية المتخذة للحد من ارتفاع الأسعار عالمياً على السوق المحلي، حُدِّدَت سقوف سعرية للسلع التي ارتفعت كثيراً، كالزيوت النباتية والدجاج وأصناف من الخُضَر والحديد والإسمنت. كذلك خُفضت الضريبة والرسوم على العديد من السلع، وخُفِضَت أسعار الكهرباء على قطاعات اقتصادية.
ـ كيف تقيّم الشراكة مع القطاع الخاص ودوره في الاقتصاد؟
الشراكة مع القطاع الخاص، ولا سيما القطاعان الصناعي والتجاري، أساسية في عملنا، والإنجازات التي تتحقق تستند إلى العمل بتشاركية مع القطاعين، بما يؤدي إلى معالجة الصعوبات التي تعاني منها الفعاليات الاقتصادية، وتعزيز تنافسيتها ومناقشة السياسات والبرامج الاقتصادية الموجهة عموماً، والموجهة إليها خصوصاً، وهناك دراسات قطاعية لمعالجة الصعوبات التي تواجه كل قطاع وتعزيز تنافسيته.
وتقدم الحكومة دعماً بأشكال مختلف للقطاع، وأُنشئ صندوق دعم وتطوير الصناعة تنفيذاً لما ورد في برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي للأعوام (2021-2023)، ووُفِّرَت المخصصات المالية للصندوق من خلال تخصيص 30 مليون دينار سنوياً في الموازنة العامة، بإجمالي 90 مليون دينار خلال السنوات الثلاث القادمة (2023 – 2025).
ويهدف الصندوق إلى المساهمة في تخفيف عبء كلفة الإنتاج والتكاليف الأخرى، التي تعاني منها الصناعة الوطنية، وتعزيز تنافسيتها وزيادة الصادرات وتوفير فرص عمل بما يحد من مشكلتي الفقر والبطالة.
ـ إلى أين وصل الإصلاح الإداري الذي تعكف الحكومة على تنفيذه؟
خرجت لجنة مختصة بتوصيات بشأن تحديث وتطوير القطاع العام، وهذه التوصيات ستأخذ وقتاً كافياً من قبل الحكومة حتى يجري اتخاذ القرار المناسب، الذي يصب في الصالح العام ويضمن تعزيز الخدمات التي تقدم من قبل الوزارات والمؤسسات الحكومية.
ـ في حال دمج أو إلغاء بعض الوزارات ما مصير العاملين فيها؟
نؤكد مجدداً أن لا مساس إطلاقاً بحقوق أي من العاملين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، التي قد يطاولها الدمج أو الإلغاء ونقل مهامها لجهات حكومية أخرى، وسيستمر تقديم الخدمات والمهام المناطة بأي جهة قد يجري إلغاؤها، ورئيس الوزراء (بشر الخصاونة) أكد أن توصيات تحديث القطاع العام ليست مقدسة، ويمكن إعادة النظر في بعضها في ضوء عملية التقييم التي تجري حالياً.