وقع حزب «الليكود» الإسرائيلي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو، أول اتفاق في الائتلاف الحكومي المرتقب مع حزب «القوة اليهودية» الذي يقوده اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، وسيصبح بموجبه وزير الأمن القومي، على الرغم من تحذيرات أميركية ودولية من تعيينه في منصب حساس. وأعلن كل من «الليكود» و«القوة اليهودية» اتفاقاً يمنح بن غفير صلاحيات موسّعة في منصبه الجديد وزير الأمن القومي (وزير الأمن الداخلي الموسع)، الذي يجعله وزيراً في المجلس السياسي والأمني المصغر «الكابينيت»، وعضواً في اللجان الوزارية المختلفة. كما سيحصل رفاق بن غفير في الحزب على وزارة تطوير الجليل والنقب التي سيتولاها يتسحاق فاسيرلاوف، ووزارة التراث التي سيتولاها عاميحاي إلياهو، إضافة إلى مناصب موزعة على نائب وزير الاقتصاد، ورئيس لجنة الأمن الداخلي، ورئيس لجنة صندوق إسرائيل بالتناوب. ووافق «الليكود» في الاتفاق الجديد على مطالب كانت محل خلاف وجدل كبير، شملت إنشاء «حرس وطني» مهمته إعادة السلطة والسيطرة إلى الشوارع، وسيتم نقل وحدات «حرس الحدود» التي كانت تابعة للجيش إلى «الحرس الوطني». وستشمل صلاحيات وزير الأمن القومي، إضافة إلى الحرس الوطني، «الشرطة الخضراء»، وهي وحدة تعنى بالمخاطر البيئية، و«الدوريات الخضراء» التي كانت خاضعة لسلطة الطبيعة والحدائق، وسلطة تطبيق الأراضي التي تعمل في إطار وزارة المالية. وشمل الاتفاق أيضاً توسيع صلاحيات وزارة تطوير النقب والجليل لتصبح مسؤولة عن عملية شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية. وقال بن غفير معقباً على الاتفاق: «أنا سعيد لأن الاتفاق على الوزارات سيتيح لنا تحقيق وعودنا الانتخابية من أجل أمن وتعزيز النقب والجليل والأرياف. أدعو جميع الأحزاب اليمينية إلى تشكيل حكومة يمينية كاملة في أسرع وقت ممكن. يجب ألا يحكم (رئيس الوزراء الحالي يائير) لبيد و(وزير الدفاع الحالي بيني) غانتس دولة إسرائيل ليوم آخر». وتظهر تفاصيل الاتفاق تنازلات من قبل «الليكود» لم يكن وافق عليها من قبل، في محاولة تبدو للضغط على حزب «الصهيونية الدينية» ورئيسه بتسلئيل سموتريتش الذي يطالب بوزارة الدفاع، واتفاقات تضمن ضم أجزاء من الضفة الغربية. وأكد مصدر في «الليكود» أن التركيز الآن سيكون على دخول حزب «الصهيونية الدينية» إلى هذا المسار أيضاً، وإن لم يفعلوا ذلك فسيتعرضون إلى ضغط شعبي. لكن المسار الذي بدأه نتنياهو بإعطاء قادة اليمين مناصب في غاية الحساسية، ومنحهم صلاحيات في قضايا مثيرة للتوتر والجدل، مثل شرعنة بؤر استيطانية، وضم مناطق في الضفة، أثار مخاوف الفلسطينيين وأوساطاً إسرائيلية كثيرة، حتى داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وعقب غانتس على الاتفاق بين «الليكود» و«القوة اليهودية» بقوله إن «رئيس الوزراء الحقيقي سيكون بن غفير وليس نتنياهو». ووصف غانتس الاتفاق بأنه «وصمة عار ونزوة ستؤدي إلى خطر أمني»، وأنه سيعمل ضده بمسؤولية وحسم. واعتبر غانتس أن «فكرة إنشاء جيش خاص لبن غفير في الضفة الغربية ستؤدي إلى فشل أمني خطير، وستحدث فوضى أمنية». وأيد مسؤول في جهاز إنفاذ القانون، موقف غانتس بأن حرس الحدود سيتحول إلى الشرطة الخاصة لبن غفير. كما عبر نائب وزير الأمن الإسرائيلي، ألون شوستر، عن قلقه الشديد من تعيين بن غفير وزيراً للأمن الداخلي، قائلاً: «إن تعيين بن غفير وزيراً بصلاحيات من شأنه خلق فوضى سياسية، وخطراً على الأمن القومي». وانضم إلى المنتقدين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غادي آيزنكوت الذي وصف تكليف بن غفير بحقيبة الأمن القومي بأنها «نكتة حزينة». ولا يخفي بن غفير توجهاته اليمينية التي يحذر منها مسؤولون آخرون في إسرائيل، بل دعا حزب «سموترتيش» إلى الانضمام بسرعة إلى حكومة يمينية من أجل تحقيق جميع الأهداف والوعود الانتخابية التي قامت على محاربة الفلسطينيين وتطلعاتهم إلى دولة مستقلة، وتعزيز الاستيطان اليهودي في الضفة. وكانت المفاوضات قد انهارت سابقاً بين «الليكود» و«الصهيونية الدينية» بسبب إصرار سموتريتش على تولي وزارة الدفاع أو المالية، والحصول على صلاحيات الإدارة المدينة التابعة للجيش، حتى إذا لم يكن وزيراً للدفاع وكان وزيراً للمالية. والإدارة المدنية هي الجهة المسؤولة عن تنظيم الاستيطان ومنح تراخيص للفلسطينيين في مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية، وهدم مبانٍ وشق طرق وإصدار تصاريح، ومصادرة أراض، وإعطاء رخص كهرباء ومياه ومشاريع. وقالت صحيفة «هآرتس» أمس، إن منح سموتريتش هذه الصلاحية سيؤدي إلى توسيع المستوطنات، وشرعنة بؤر استيطانية وزيادة عمليات هدم منازل الفلسطينيين، ما سيضر بصورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي وسيجلب انتقادات كبيرة. وكان سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، توم نايدز، قد حذر نتنياهو من وضع سموتريتش في منصب وزير دفاع، وتعهد بمقاومة أي عملية ضم مستقبلية. واستباقاً لاتفاق محتمل مع سموتريتش حذرت منظمة «السلام الآن» اليسارية من أن سيطرة سموتريتش على الإدارة المدنية التي تدير جوانب الحياة المدنية في نحو 60 في المائة من الضفة الغربية، ستؤدي إلى ضم المنطقة «فعلياً» لإسرائيل. وقالت شاكيد موراج، المديرة التنفيذية لمنظمة «السلام الآن»، إن وضع سموتريتش مهام الإدارة المدنية تحت إشراف وزارة المالية، أو أي وزارة أخرى، سيكون بمثابة تولي حكومة إسرائيل السيطرة على ما كان سابقاً إدارة عسكرية. ويرفض الفلسطينيون الضم، وحذروا سابقاً من أنه سيعني انتهاء كل شيء بما في ذلك جميع الاتفاقات بكل أشكالها.