قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية المهندس وجيه العزايزة، إن مسار تحديث المنظومة السياسية ستبنى عليه المرحلة القادمة، مشيرا إلى أنه تم تصميم والبدء بالبنى الأساسية التي تتعلق بتطوير العمل السياسي في الأردن، ونقله إلى مراحل متقدمة جدا.
وأضاف العزايزة خلال استضافته في برنامج (ستون دقيقة) الذي بثه التلفزيون الأردني، مساء أمس الجمعة، أن ما تم إنجازه خلال المرحلة الماضية هو رؤية استراتيجية للدولة، وليس رؤية مرحلية، لأنها مصلحة وطنية عليا، اتفق الجميع على ضرورة إنفاذها، وجاءت مكونات تشكيلها من خلال لجنة ملكية ضمت كل أطياف المجتمع الأردني، وبالتالي جاءت مخرجاتها عبر اتفاق عام بين الجميع للانتقال إلى نظام سياسي متطور.
وتابع، أن المحددات التي تمت في ضوء هذه الرؤية كانت العمل على تطوير الحياة الحزبية في الأردن وقانون الانتخاب والتعديلات الدستورية التي جاءت استكمالا للتعديلات التي تمت في عام 2011، مشيرا إلى أنه كان هناك تطلع للجدية في تشكيل هذه الأحزاب من حيث العدد والمشاركة في الحياة العامة، لذلك تم إعطاء هذه الأحزاب مهلة لتصويب أوضاعها من أجل رفدها وتقويتها وإبعادها عن التشرذم والضعف، وهذا يدلل على أن هناك توجها لأن يكون هناك تحالفات بين الأقوياء من الأحزاب.
ولفت العزايزة إلى أن المحددات التي وضعت في قانون الأحزاب جاءت لتحمي العملية الديمقراطية بصيرورتها الكاملة، وتمت بقانون لكي يكون من ينفّذ هذه العملية محايدا ولا يوجد له انحيازات محددة في هذا العمل.
وأكد أن الدولة تقف على مسافة واحدة من الأحزاب، لأن هذا أساس العمل السياسي، ولا يجوز للدولة أن تنحاز إلى جهة على حساب جهة، مشيرا إلى أنه يوجد لدى الجميع وجهات نظر، ستفرزها صناديق الاقتراع التي هي من يجب أن تقوم بوضع المسار السياسي.
وتحدث عن ما تمّ إقراره في التحديث السياسي من قانون الأحزاب وإقرار نظام الأنشطة الحزبية في الجامعات، مشيرا إلى أن هناك تواصلا مع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني على تنفيذ هذه الرؤية التي تعتبر إحدى أولويات توسيع قاعدة المشاركة في العملية السياسية التي ستكون متدرجة، وستعالج أوضاعا سابقة كان لها انعكاسات ومردودات سلبية.
ودعا مؤسسات المجتمع المدني إلى استثمار الفرصة التاريخية والتفاعل معها والسير في ركابها باتجاه التحول القادم الذي سيقوده الجيل الشاب الذي يمتلك المعرفة والتكنولوجيا ووسائل الإعلام، والعمل على استثمار عنصر الشباب لتحقيق نتائج إيجابية في المستقبل، مشيرا إلى أنه تمّ وضع المسارات الصحيحة بالتنسيق مع الوزرات المعنية لتأطير الحياة السياسية، وذلك بجهد حكومي يجب أن يوافقه جهد مقابل من مؤسسات المجتمع المدني.
وأضاف، أن من واجب الحكومة والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني العمل بصورة متدرجة على توسيع المشاركة الشبابية ومشاركة المرأة، للوصول إلى الحياة الحزبية المستهدفة وفق المراحل الثلاث الموضوعة للوصول لحكومات حزبية.
وحول الرسالة من الزيارة الملكية الأخيرة لدار رئاسة الوزراء، قال العزايزة، إن ما فهمناه هو تحفيز ودعم للاستمرار في القرارات التي تدعم مسارات التحديث، مشيرا إلى أن مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري هي رسالة دولة وليست مسارات حكومة، وهي مترابطة ولا يمكن الفصل بينها، وتنفيذها ليس جهدا حكوميا فقط، وإنما التلازم في تنفيذها للجميع، كما أن الحكومة فهمت من إعطاء الصلاحية، أن عليها أن تراجع مسارها خلال كل فترة، وأن أي معيق في فريقها يجب أن يخرج.
وأشار العزايزة إلى أن الرؤى التي تم الحديث عنها هي عابرة للحكومات وتتطلب التشاركية من جميع الأطراف، لافتا إلى أن حديث البعض عن تجزئة الأمور لا يلتقي مع المصلحة الوطنية.
وأوضح انه عند تحديث الرؤية الاقتصادية، كانت الأولويات إيجاد القوانين الناظمة للعمل الاقتصادي، بحيث تمّ إقرار قانون البيئة الاستثمارية بمشاركة مختلف القطاعات، كما تمّ إقراره من المؤسسات التشريعية في البرلمان، مشيرا إلى أن القوانين المساندة لهذا الموضوع ذهبت إلى البرلمان، وهي قيد الدراسة والمناقشة من أجل إقرارها في الدورة القادمة.
وتحدث العزايزة عن الإنجازات الحكومية التي حافظت على الاستقرار ما بعد جائحة كورونا وأثناء الأزمة الأوكرانية، لافتا إلى أن المراجعة الاقتصادية التي قامت بها الحكومة مع الجهات المانحة نقلتنا من وضع مستقر إلى وضع إيجابي.
كما تحدث العزايزة عن دور الإعلام الذي يقود الرأي العام للوصول إلى الحقيقة، مؤكدا أن دور الإعلام أساسي في تحقيق المصلحة الوطنية العليا، وعلينا أن نذهب برسالتنا الإعلامية بكل مؤسساتنا المؤثرة وعبر “السوشال ميديا” إلى العمل جميعا ضمن المسار الوطني الذي يحقق المصلحة العليا، والابتعاد عن المناكفة والتردد والعمل وفق مصالح ذاتية تتعارض مع المسار الوطني.
وحول شكل العلاقة مع مجلس النواب، قال العزايزة إنها علاقة تشاركية بالكامل ولا يجوز الفصل في هذه العلاقة، لأن المجلس لا يستطيع أن يعمل لوحده، والحكومة كذلك لا تستطيع أن تعمل لوحدها، مؤكدا تعاون الحكومة مع مجلس النواب في كل مراحلها، وكذلك تعاون مجلس النواب مع الحكومة، لأننا نعمل سويا من أجل إقرار مشاريع وطنية عابرة للحكومات.
ولفت العزايزة إلى أهمية التفريق بين المؤسسات وبين الأفراد، مشيرا إلى أن المؤسسة البرلمانية هي مؤسسة تشريعية وواجب الحكومة الحفاظ على هيبة هذه المؤسسة، مبينا أن الحكومة تتطلع لأن تكون هذه المؤسسات في عيون أبناء الوطن كما تريد.
وأعرب العزايزة عن اعتقاده أن ما نعيشه حاليا هو نتاج المئوية الأولى للدولة الأردنية التي كانت مرحلة البناء والإنجاز، واستطعنا أن نتجاوز فيها التحديات والصعوبات، مشيرا إلى أن الضمانة الأساسية للانتقال إلى المئوية الثانية هي الإدراك بأن الحكم والدولة متلازمان ومترابطان في ضمير كل أردني، وهذا التلازم الذي اجتاز بنا الكثير من الصعاب، هو في صلب الرؤى التي ستقودنا لتأمين مسارنا إلى المرحلة الثانية في إطار المصلحة الوطنية العليا، والمسار لا يحتمل التراخي ولا التباطؤ ولا الفشل فيه.
وتطرق العزايزة إلى الأحزاب التي كانت عابرة للجغرافيا، مشيرا إلى أنها كانت في مرحلة زمنية معينة، ولم تكن وضعا أردنيا خاصا، بل كانت موجودة في كل الإقليم، وتم تجاوزه بحرفية الدولة وقدرتها على التعاطي مع الملفات الداخلية والخارجية، لافتا إلى أنه في المسار القادم يجب أن لا تتعامل الأحزاب وفق الأيدلوجيات، بل وفق البرامج التي تتوافق مع المصلحة الأردنية العليا، بحيث يكون الفصل بين البرامج الانتخابية صناديق الإقتراع، من خلال تطبيق البرامج التي تحافظ على أمن واستقرار الدولة.
وأعاد العزايزة التأكيد على أن الانتقال لحكومات حزبية يتطلب جهدا كبيرا وتكاتفا من كل أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع، وعلى الجميع أن يدرك أننا أمام استراتيجية وطنية تاريخية يجب أن نبنيها ونحافظ عليها ولا نسمح بالتفريط بها.