هلا نيوز – عمان
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن فكرة الهيمنة الكاملة لـ “المليار الذهبي”، هي فكرة عنصرية واستعمارية جديدة بطبيعتها، وتقسم الشعوب إلى صنف أول وصنف ثاني.
وأضاف الرئيس بوتين، في كلمته اليوم الأربعاء في منتدى “أفكار قوية للعصر الجديد”: “يفتقد نموذج الهيمنة الكاملة لما يسمى بالمليار الذهبي، لأية عدالة. لماذا من بين كل سكان الأرض يجب أن يهيمن هذا “المليار الذهبي” على الجميع، ويفرض قواعد سلوكه الخاصة عليهم؟”.
وأشار الرئيس بوتين، إلى أن “هذا النموذج يقوم ويستند على أوهام استثنائية وهو يقسم الشعوب إلى صنف أول وصنف ثاني، وبالتالي فهو عنصري بطبيعته واستعماري جديد من حيث الجوهر، أما عقيدة العولمة الموجودة في أساسه والتي يزعم بأنها ليبرالية، فأخذت تكتسب بشكل متزايد سمات الشمولية التوتاليتارية التي تكبح البحث الإبداعي وتقيد الإبداع التاريخي الحر”.
وأشار الرئيس بوتين، إلى أن النظام العالمي الحالي أحادي القطب يعيق التنمية العالمية.
لكن ما هي قصة المليار الذهبي الذي تحدث عنه بوتين؟
تقوم فكرة هذا المشروع على تحديد الجزء الأكثر ثراء من البشر الذين يمكنهم أن يعيشوا في العالم، وهم في الأغلب سكان البلدان المتقدمة، وهم الأشخاص الذين يملكون كل ما هو مطلوب لحياة آمنة ومريحة، فلن يكونوا عبء على الحياة.
وتنص نظرية المليار الذهبي على أن الموارد المُتاحة في كوكب الأرض، من مواد خام ووقود أُحفوري (مثل النفط والغاز الطبيعي) والمعادن والمياه وغيرها، بالإضافة إلى ما يتم إنتاجه من هذه الموارد من خلال الصناعة والزراعة، لا يكفي إلا لمليار نسمة فقط، وأن النُخبة التي تحكم الدّول المُتقدمة، تسعى لتقليص عدد سُكان العالم لِيُصبح مليار نَسَمة فقط، وبالطبع تنص النظرية على أن هؤلاء الذين يشملهم مُصطلح المليار الذهبي هُم سُكان هذه الدول المُتقدمة والتي تشمل: أوروبا الغربية، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأستراليا، واليابان. ويدّعي المؤمنون بنظرية المليار الذهبي، أن النُخَب التي تحكم الدول المتقدمة، تستخدم كل الوسائل المُمكنة لتحقيق ذلك الهدف، أي تقليص عدد سُكان العالم، بما في ذلك الحروب، ونشر الأمراض، والتسبب في حدوث المجاعات وغيرها.
أصل نظرية المليار الذهبي
وتستند نظرية المليار الذهبي بشكل رئيسي على الكتابات التي وضعها الاقتصادي البريطاني توماس مالتوس، والتي أصبحت تُعرف فيما بعد باسم النظرية المالتوسية. في نهايات القرن الثامن عشر، قام مالتوس بتأليف كتاب يحمل عنوان “مقالة حول التعداد السكاني وتأثيره على تقدم المجتمع في المستقبل”، في هذا الكتاب، ادّعى توماس مالتوس أن النمو السكاني سيظل دائمًا يتصاعد وبشكل مُتزايد، بِمُعدل يفوق بكثير مُعدلات النمو الاقتصادي، مما يعني أن المستوى المعيشي المرتفع والرفاهية الاجتماعية أُمور لا يُمكن تحقيقها، وبحسب وجهة نظر توماس مالتوس، فإن حل هذه المشكلة يكمن في تراجع مُعدلات النمو السكاني من خلال عدة عوامل، مثل الحروب والكوارث الجماعية كالأمراض والمجاعات، هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى كأن يلتزم عدد كبير من الناس بالامتناع عن الزواج والإنجاب. وهي الطريقة الوحيدة التي يُمكن من خلالها تحقيق مُستوى معيشي مُرتفع للناس ما دام أن أعدادهم أصبحت قليلة.
أما بالنسبة لمُصطلح نظرية المليار الذهبي، فيُشير أحد المصادر إلى أنه ظهر وانتشر بعد أن استخدمه الكاتب أناتولي تسيكونوف في كتابه الذي يحمل عنوان “مُؤامرة حكومة العالم” والذي صدر في عام 1994.
الكثير من الخبراء يؤكدون على أنه لا يُمكن القول بأن نظرية المليار الذهبي عِلمية، إذ أنها لا تستند إلى أي دليل علمي قاطع يُؤكد صحتها، قد يكون هُناك بعض الشواهد أو الوقائع التي تتوافق مع بعض جوانب النظرية، لكن هذه الشواهد لا يُمكن اعتبارها أدلة قاطعة.
وطبقًا للكاتب الروسي «سيرجي كارا مورزا»، هنالك مليار إنسان أكثر ثراءً بالتالي استهلاكًا من باقي البشر، إذن فإن استمر الوضع كما هو عليه، واستمر باقي العالم بديهيا في استهلاك الموارد بنفس الوتيرة المتسارعة، فسينتهي المطاف باختفاء الموارد مع الوقت.