هلا نيوز – عمان
أحيت الفنانة دلال أبو آمنة، السبت، حفلاً جلبت فيه فلسطين للجمهور، وغنت فيه لتراث الأرض المحتلة، واللُحمة الأردنية الفلسطينية، على المسرح الجنوبي بجرش ضمن فعاليات الدورة 36 لمهرجان جرش للثقافة والفنون.
وغنت الفلسطينية دلال أبو آمنة باللهجات الأردنية والعراقية والمصرية والشامية، وهي “الحريصة” على موروث الشام والهلال الخصيب، كما حرصها على الموروث الفلسطيني الذي غنته في الحفل الذي حضره نحو 4 آلاف.
أدت أبو آمنة التي تنشط في “حراسة الذاكرة” وحماية التراث، الدلعونا والمواويل والميجانا والتراث والأهازيج والطرب، بمرافقة فرقة أوركسترا المعهد الوطني للموسيقى بإشراف المايسترو محمد عثمان صديق وقيادة المايسترو جورج أسعد، كما غنت للقرية والمدينة في فلسطين وبلهجات فلسطينية متنوعة.
ورافقت أبو آمنة التي أطلت برداء أبيض 100 سيدة من المدن الفلسطينية والأردنية على خشبة المسرح الجنوبي، وشاركن أبو آمنة أداء لوحات تراثية غنائية من التراث والفلكلور الفلسطيني والأردني، وهن يرتدين أثوابا تراثية متنوعة.
“جلبنا فلسطين معنا”
بدأت دلال بأغنية “احنا فلسطينية” من كلمات حنان العباسي وألحان خالد صدوق، والتي تتحدث عن توحد المدن الفلسطينية والتفاخر بالهوية الفلسطينية.
وقالت لحضور المسرح الجنوبي، “جلبنا فلسطين معنا لنغني لها … لنغني للمدن الفلسطينية … لنغني لفلسطين وكل العرب”، بعد أن صرحت سابقا بأن “الموروث الفلسطيني جزء من موروث بلاد الشام والهلال الخصيب، وهو يثبت الفلسطينيين في الأرض”، ولأنها ترى في التراث “شاهدا على الحق”.
ثم أدت دلال لأول مرة أغنية “فلسطين”، من كلمات إميل فهد وألحان جهاد حدشيتي، والتي تتمنى عودة فلسطين وشعبها إليها.
ورأت دلال أن وجود السيدات يؤكد على اللحمة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، وقالت إن “الكيان واحد والكيان الثقافي واحد”، وذلك خلال مؤتمر صحفي سبق الحفل.
وأبرقت دلال أبو آمنة سلاما لأمها في موال “يا حادي العيس”، الذي يقول:
يا حادي العيس سلم لي على إمي
سلام من خاطري وسلام من تمي
يا جامع الشمل تجمعني انا وإمي
تأشلح ثياب السفر واشكي لها همي
ثم غنت باللهجة المصرية “بلدي يا بلدي … يا عزيز عيني بدي أروح بلدي”، أعقبتها أغنية يا صغيرون باللهجة العراقية، لتتغنى بعدها بالشام بكلمات “زينو المرجة … و المرجة لينا شامنا فرجة …. و هي مزينة” التي شهدت أداءً لافتا من الكورال، وزغاريد من سيدات حاضرات.
بعد ذلك أدت أغنية تراثية مرتبطة بالزفاف بفرح لافت مغاير للحزن الذي يشوب تأدية الأغنية: “قولوا لامه تفرح وتتهني … ترش الوسايد بالعطر والحنا
ويادار هنا وابنيها يا بنا … والفرح النا والعرسان تتهنا
والدار دارى والبيوت بيوتى …واحنا خطبنا ياعدوة موتى”.
وبتمهيد من الأورغ ثم إيقاعات الطبول، غنت من التراث “ليا وليا يا بنية يا واردة عالمية”، تلتها “اسا اجا واسا راح.. بياع التفاح، اسا كان بحارتنا.. بياع التفاح”، من التراث الفلسطيني في الجليل، صاحبتها تفاعل وزغاريد من السيدات على خشبة المسرح، ثم “عالروزانا عالروزانا كُلّ الهنا فيها
وش عملت الروزانا الله يجازيها”، من التراث الفلسطيني.
“مهاهاة” السيدات
دلال أبو آمنة أعطت مساحة للسيدات المرافقات لها على الخشبة، ونادتهم بـ”صبايا”، لتبدأ سيدة فلسطينية بـ”المهاهاة” وقالت: “نحن من فلسطين جيناكم ويا رب متل ماجيناكم تيجونا” لـ”تهاهي” سيدة أردنية مرحبة بأهل فلسطين.
وتحولت المهاهاة وهي (أهزوجة شعبية تؤدى عادة في الأفراح) لما يشبه وصلة زجل فكاهية بينهن، لتتباهى السمراء بجمالها، مما استفز بيضاء البشرة لتتباهى هي الأخرى بحُسنها، ثم مهاهاة أخرى بين “الكنة والحماة”، مما شكل فقرة أضحكت الحضور.
وكأنها تشكر السيدات المرافقات، غنت دلال “يخلف عليكم … كثر الله خيركم”، بلهجة أهل الريف في فلسطين المصطلح عليها بـ”اللهجة الفلاحية”.
ورحبت بالأردن، و”غنت بالنشامى كثروا الترحيب”.
“فلسطين عربية”
وغنت دلال جزءا من أغنية تغنى عادة في حفلات الزفاف، وتقول كلماتها: “سايق عليكوا الله تحموا السحجة شوي – فلسطين عربية وأنا دخيل الله …”، ثم فقرة من “طلت خيلنا من قاع الوادي”، بعد عزف من العود جذب الجمهور.
وغنت “سوق الترويحة” من نابلس، و”سيروا على ما قدر الله”، و”هاي دار العز واحنا رجالها”.
آلة العود أرادت جذب الانتباه إليها، فعزفت مطلع أغنية “هالاسمر اللون هالاسمراني” وأطربت الجمهور، ثم غنت دلال بلسان فلسطينيي الشتات “هدي يا بحر هدي”، وأرسلت سلامهم للأرض المحتلة، التي اشتهر بها الفنان الفلسطيني الراحل أبو عرب، ثم استذكرت عهد المشتتين بالعودة عبر مقطع “وعهد الله”: “عهد الله وعهد الثوار ما بنسى عهدك يا دار، ومهما طولنا المشوار راجعلك يا ديرتنا”، التي غنتها الفرقة المركزية الفلسطينية.
وفي ليلة غاب فيها القمر، غنت دلال أبو آمنة “طلعت يا محلا نورها … شمس الشموسة”، والتي تألقت في مطلع موسيقاها آلة الأكورديون بإسناد من الكمنجات، كما غنت من التراث “هلالالاليا عيني يالبنية”، و”ياحنينة”، و”فوق النا خل”.
الكمنجات تستحضر أم كلثوم
الكمنجات بدأت عزفا طربيا ملفتا قالت دلال إنه “مفاجئ”، لتدفعها لأن تطلب من الجمهور أن تغني الطرب، فكان مقطع صغير من “الحب كله” لأم كلثوم.
وأدت دلال وصلة من الموروث الأردني شملت مقاطع عدة كان أشدها تفاعلا “تصبوا هالقهوة وزيدوها هيل”.
وطلبت من الجمهور اداء الدبكة على مقاعد المسرح الروماني، لتبدأ بالميجانا ثم الدلعونا التي تغنت بزيتون فلسطين واخضراره، ثم “ظريف الطول” و”عالعين مليتي” و”جفرا يالربع”.
واشتعل المسرح تفاعلا على وقع “وين عرام الله” و”راجع عبلادي”.
الختام كان إهداءً للقدس واستذكارا لرائعة فيروز “زهرة المدائن” التي شهدت إشارات وإيماءات حماسية من المايسترو جورج أسعد، ثم كان نشيد “موطني” الذي غناه الحضور بتأثر وكذلك السيدات على الخشبة.
دلال أبو آمنة “باحثة في علوم الدماغ وفسيولوجيا الأعصاب”، وعُرفت بمشاريعها الغنائية الذي يأتي مشروع “يا ستي” على رأسها، وهو المشروع الغنائي الذي يعيد تقديم الأغاني التراثية بمشاركة الجدات الفلسطينيات.
وقدمت دلال في مشوارها الفني أغنيات خاصة وثلاث ألبومات غنائية، هي: “نور”، “عن بلدي” وألبوم “يا ستي”، وتقدم الطرب الكلاسيكي والموشحات الأندلسية وتراث بلاد الشام.