هلا نيوز
طالب وزير الخارجية المصري سامح شكري المشاركين في قمة الأمم المتحدة للمناخ «كوب 27» التركيز على قضايا التغير المناخي والاحتباس الحراري لا أن يكون محورها قضية الناشط المضرب عن الطعام، علاء عبد الفتاح.
على المجتمع الدولي والمدني، حسب ما قاله شكري، تركيز الانتباه على التحدي الوجودي الذي يمثله المناخ، لأن القضايا التي لا تتعلق مباشرة بموضوع القمة «قد تصرف الاهتمام» عن الموضوع الرئيسي، مما يجنب البعض التعامل مع الضروري «وكيفية الوفاء بالتزاماتهم ومسؤولياتهم».
يشير شكري بحديثه عن «التحدي الوجودي» والوفاء بالالتزامات إلى الاتفاق المبدئي الذي تم خلال بداية المؤتمر على وضع قضية تعويضات الدول الفقيرة التي تعاني خسائر فادحة من تغير المناخ، وهو أمر يخصّ مصر التي تتهدد أراضيها الخصبة في دلتا النيل من ارتفاع منسوب مياه البحر، وتعتمد على الوقود الأحفوري لتلبية احتياجات الطاقة، ويعوق استخدامها مصادر الطاقة المتجددة، كما قال شكري، بـ«ارتفاع تكلفة التمويل ونقص الاستثمار».
التركيز الذي يطلبه شكري إذن يتعلّق بآمال مصر، والدول الفقيرة، بالتزام الدول الغنيّة بمساعدتها في قضايا المناخ، والتعويض عليها عن الكوارث التي تعرضت لها، وهو مطلب عادل ومحقّ على خلفيّة التأثير الهائل الذي خلّفته مجموعة من الدول على مدى القرنين الماضيين من تلوّث هائل، وكذلك الدول الأخرى التي تشارك حاليّا في ذلك التلوث والابتعاثات الحرارية والاستهلاك الفظيع للوقود الأحفوري، مثل الصين.
ماذا يهمّ، في إطار الصراع الدائر على كوكب الأرض، مصير ناشط سياسي واحد مضرب عن الطعام يدعى علاء عبد الفتاح؟
غير أن المعادلة، بالطريقة التي يعلنها وزير الخارجية المصرية، لا تبدو موازنة بين مصير كوكب الأرض، وهو أمر جلل لا يجب أن يشغلنا عن مصير شخص واحد، بل الرغبة في التركيز على فكرة الأموال وأشكال الدعم الاقتصادي التي يأمل النظام المصري بالحصول عليها من الدول المانحة والغنية تحت عنوان المناخ، وإبعاد الاهتمام عن أزمة الإنسان المصريّ عموما مع نظام الحكم، حيث يعتبر علاء عبد الفتاح رمزا لعشرات آلاف المعتقلين، المسجونين لأسباب سياسية، وليس لجرائم ارتكبوها ضد أحد.
حتى لو لم ترغب المنظومة الحاكمة الإقرار بذلك، فإن القضيتين ترتبطان ببعضهما بشكل لا ينفصم، على المستويين الداخلي والخارجي، فمن غير المعقول أن ينفصل الكفاح العادل والنزيه والمحقّ لضمان حقوق المصريين السياسية والفردية، عن الكفاح العادل والنزيه والمحق لحمايتهم من تأثيرات المناخ الكارثية.
هذه القضايا الداخلية، لا تنفصل أيضا عن القضايا الخارجية، فمن غير المعقول أن تتوقع الحكومة المصرية من الدول الغنية أن تساهم ماليا واقتصاديا في دعم مصر في مكافحة تغيرات المناخ، وأن تغضّ تلك الدول النظر عن الانتهاكات التي يتعرض لها المصريون.
تلعب الأنظمة العربية دائما على فكرة الوطن، باعتباره تجسيدا للنظام الحاكم، وتتجاهل، في المقابل، أن الوطن هو أولا، وقبل كل شيء، المواطنون، وبهذا المعنى فإن الحفاظ على البشر واحترام حقوقهم هو الضامن لاحترام الدول لنفسها، واحترام الآخرين لها.