هلا نيوز
اعتراف، يفغيني بريغوزين، رجل الأعمال الروسي المقرب من الرئيس، فلاديمير بوتين، بأنه “تدخل في الانتخابات الأميركية، ويتدخل، وسيتدخل في المستقبل”، تلقي الضوء من جديد على هذه القضية قبل يوم من الانتخابات النصفية التي ستحدد مصير وقوة الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس.
مسؤولون أميركيون قالوا إن هذه التصريحات لم تأت بجديد لا تعرفه الإدارة الأميركية عن أدوار روسيا ومحاولاتها التدخل في الانتخابات الأميركية، فيما قال محللون إنه “يجب ألا تؤخذ تلك التصريحات على محمل الجد”.
وكتب المتحدثون باسم بريغوزين، وفقا لمحطة فوكس نيوز “لقد تدخلنا وتدخلنا وسنواصل التدخل. بعناية ودقة وجراحية وبطريقتنا الخاصة” في الانتخابات الأميركية.
وبريغوزين هو من بين أكثر 10 مطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي FBI بتهم عدة، منها التدخل في الانتخابات، كما أنه مشمول بقائمة العقوبات الأميركية.
واتهم بريغوزين وعشرات المواطنين الروس الآخرين وثلاث شركات روسية بإدارة حملة سرية على وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى إثارة الفتنة وتقسيم الرأي العام الأميركي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016.
وتم توجيه الاتهام إليهم في عام 2018 كجزء من تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات.
تشويه مصداقية الانتخابات
ويقول الكاتب، بيتر بومونت، في مقال نشرته صحيفة الغارديان إن جزء كبيرا من التكتيكات الروسية يتلخص بزرع عدم الثقة بشأن كفاءة المؤسسات الديمقراطية.
ويضيف أن بريغوزين يحاول تشكيل فكرة مفادها أن نتائج الانتخابات لا يمكن الوثوق بها.
وأثارت شكوكا مماثلة توترا كبيرا في الولايات المتحدة عقب خسارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الانتخابات، وتصاعد التوتر إلى درجة اقتحام مجموعة محتجين مبنى الكابيتول.
وقد أدى ذلك إلى تحرك شركات وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك ميتا وتويتر، ضد عمليات الإنترنت التي يقوم بها بريغوزين في أفريقيا، والتي شهدت قيام فيسبوك بإزالة الحسابات المزيفة المرتبطة به والتي روجت للسياسات الروسية التي تستهدف جمهورية أفريقيا الوسطى، وبدرجة أقل، مدغشقر والكاميرون وغينيا الاستوائية وموزمبيق وجنوب أفريقيا..
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، الاثنين، إن تصريحات بريغوزين “لا تخبرنا بأي شيء جديد أو مفاجئ”.
وأضافت أن “من المعروف جيدا والموثق جيدا في المجال العام أن الكيانات المرتبطة بيفغيني بريغوزين سعت إلى التأثير على الانتخابات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة”.
وأكدت بيير “لقد عملت الولايات المتحدة على فضح ومواجهة جهود النفوذ الخبيثة لروسيا”، مشيرة إلى أن يفغيني قد فرضت عليه عقوبات من قبل الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
وتابعت “جزء من جهود روسيا يشمل الترويج للروايات التي تهدف إلى تقويض الديمقراطية وزرع الانقسام والشقاق، وليس من المستغرب أن تسلط روسيا الضوء على هذه الجهود والمحاولات وتختلق قصة عن نجاحاتهم بهذا الصدد عشية الانتخابات”.
وتحركت وزارة العدل في عام 2020 لإسقاط التهم الموجهة إلى اثنتين من الشركات المتهمة، وهما كونكورد للإدارة والاستشارات وكونكورد للتموين، قائلة إنهما خلصتا إلى أن المحاكمة ضد متهم من الشركات ليس له وجود في الولايات المتحدة من المرجح أن تكشف عن أدوات وتقنيات إنفاذ القانون الحساسة.
وفي يوليو، عرضت وزارة الخارجية مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار للحصول على معلومات حول التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، بما في ذلك في بريغوزين ووكالة أبحاث الإنترنت، وهي مجموعة في سان بطرسبرغ اتهمت شركاته بتمويلها.
خلافات داخلية روسية
وهذا هو ثاني تأكيد من نوعه لبريغوزين، بعد أن اعترف في سبتمبر بتأسيس وتمويل ميليشيا فاغنر سيئة الصيت في عام 2014 وبدأ يتحدث بصراحة عن تورطها في الحرب في أوكرانيا.
كما أن أحد الاحتمالات، وفقا لمقال بومونت هي أن تصريحات بريغوزين لابد وأن ينظر إليها باعتبارها جزءا من جهوده الرامية إلى وضع نفسه في دور أكثر رسمية في الحرب العدوانية التي شنها بوتين ضد أوكرانيا بالتحالف مع فصيل من المتشددين الذين يلومون الجنرالات الروس على عرقلة محاكمة الحرب.
ويقول بومونت إنه “لا ينبغي لنا أن نأخذ اعتراف بريغوزين بالتدخل في الانتخابات الأميركية في ظاهره على محمل الجد”.
وتقول زميلة معهد واشنطن، المحللة، آنا بتروفيشسكايا، إن إعلان بريغوزين الأخير يدل على “مشاكل داخل القيادة الروسية”.
وتضيف ” أن “بريغوزين من التيار الأكثر تطرفا داخل القيادة الروسية، وإعلانه هذا يشير إلى رغبته بإحراج القادة التقليديين” عبر إظهار تياره بمظهر القادر على التدخل في الانتخابات الأميركية.
لكن بتروفيشسكايا تقول إنه من المبكر معرفة سبب إدلائه بهذه التصريحات بهذا التوقيت
وبحسب المحللة بتروفيشسكايا فإن بريغوزين “ليس لديه ما يخسره” بعد أن كشفت صلاته بفاغنر ومحاولته للتلاعب بالانتخابات.
كما أنها تقول إن “الولايات المتحدة قد لا تقوم بأي رد فعل، لأنها أكدت مرارا أن بريغوزين حاول التدخل في الانتخابات الأميركية وعاقبته أساسا وفقا لهذا الاتهام”، مشيرة إلى أن اعترافه “لا يكشف أي شيء غير معروف أصلا”.
وأصدرت أجهزة الاستخبارات الأميركية تقييمات متعددة بأن روسيا نشرت عمليات نفوذ تستهدف العديد من الانتخابات الأميركية، وكان آخرها في عام 2020.