تكنولوجيا – هلا نيوز
رحمة حجة- واشنطن
“بصراحة، لا أشعر أنه منافس لي”.
هكذا رد “تشات جي بي تي” عندما وجهنا له سؤالا في الساعة 11:20 دقيقة من مساء الاثنين بتوقيت واشنطن، عن تطبيق “ديب سيك” الصيني.
لم تمر 24 ساعة على إطلاق تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني، حتى تعرض لمشاكل تقنية جعلته يخرج عن الخدمة بالنسبة للمستخدمين الجدد.
عزا التطبيق الجديد، الخلل التقني إلى “الهجمات الضارة واسعة النطاق”.
أستاذ أمن الشبكات في جامعة سان هوزيه في كاليفورنيا، أحمد بانافع، يعتبر “ديب سيك” التابع لشركة صينية ناشئة بذات الاسم، نسخة مصغرة من تطبيق “تشات جي بي تي” الذي طورته شركة “أوبن أيه آي” الأميركية.
قال بانافع خلال مقابلة “: “عندما تشتري ريموت كنترول يكون فيه 40 زرا، فهذا تشات جي بي تي، لكن معظم الناس يستخدمون أربعة أو خمسة أزرار فقط، وهو ما فعله التطبيق الصيني”.
قال أيضا: “ركز (ديب سيك) فقط على احتياجات السوق، بحيث تكون خدمته معقولة بشكل مجاني”.
التطبيق الصيني، نسخة من تشات جي بي تي، يمكنه مساعدتك في التخطيط للسفر أو وضع استراتيجية تسويقية، أو الترجمة، إضافة للدردشة بلغات عديدة من بينها العربية.
شركة ناشئة
في ديسمبر عام 2024، كشفت شركة “ديب سيك”، ومقرها هانغشتو، شرقي الصين، عن “DeepSeek V3″، وهو نموذج لغوي ضخم يحتوي على 671 مليار معلمة (باراميتر).
وفي لغة الذكاء الاصطناعي، كلما زاد عدد المعلمات، ازدادت قدرة البرنامج أو النموذج على معالجة الأنماط المعقدة.
حقق هذا النموذج أداء مكافئا للنماذج الرائدة مثل تلك التي تقدمها OpenAI وMeta، لكن بتكلفة أقل، بلغت بحسب الشركة 5.58 مليون دولار أميركي.
قال بانافع إن “الذكاء الاصطناعي يحتاج ثلاثة أشياء: المعلومات، الرقائق والشرائح، والخوارزميات”.
قال أيضا: “إذا ما وجدت طريقة لخفض المصاريف في الرقائق والشرائح بحيث أنك تجد نتائج مماثلة تحسن الخوارزميات، فستصل للنتيجة المبتغاة”.
أشار أستاذ أمن الشبكات، إلى أن التطبيق يعتمد على “المصادر المفتوحة” بعكس “تشات جي بي تي”.
ويشرح ذلك بأن “التطبيق عبارة عن برنامج من المعلومات مفتوحة للكل، ويمكن للمهندسين والمبرمجين في جميع أنحاء العالم، الاطلاع على الأكواد، ويقدموا نوعا من النصائح لتحسين الخوارزميات”.
يرى بانافاع أن “تشات جي بي تي” فيه نوع من الإبداع، بعكس “ديب سيك”.
يرد التطبيق الصيني على أسئلة محددة بشكل معين، رغم أنه يحاول تقليد التطبيق الأميركي في الشكل.
ورغم ذلك يرى بانافع أنه سيؤثر على “تطبيق تشات جي بي تي” “بسبب عدم وجود بديل”.
مصاريف الشركات التي تريد الاعتماد على منصة للذكاء الاصطناعي، ستكون أقل بكثير عندما ستستخدم “ديب سيك” الصيني.
يعرب بانافع عن “مخاوفه” بشأن الخصوصية، بالإضافة إلى معلومات الشركات التي ستستخدمه، وقد تكون بياناتها أسيرة التطبيق.
اهتمام الحكومة الصينية
حذرت وسائل إعلام أميركية من التعاطي الكبير مع التطبيق، “خوفا” من التعرض لمعلومات مضللة، خاصة إن لم يتم التحقق منها.
كما ظهر قلق، مماثل لما رافق صعود تشات جي بي تي وأمثاله من البرامج، من التحيّز وغياب الدقة.
تُدرب نماذج الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات، قد لا تكون موضوعية بالضرورة، وهذا بحد ذاته يثير المخاوف.
أيضاً، حذر خبراء من مشاركة البيانات الخاصة والحساسة مع “ديب سيك V3″، فمن غير المعلوم كيف يتم التعامل معها، وإن كانت محمية بشكل كاف.
قال بانافع إن “ديب سيك” مسيّس عندما تسأله عن أمور معينة، خاصة ما يتعلق بالصين أو مصالح حكومتها الشيوعية.
وحظيت الشركة الصينية باهتمام كبير من حكومة بكين وقادة الصناعة التكنولوجية. والتقى مديرها التنفيذي ومؤسسها ليانغ وينفينغ مع مسؤولين رفيعي المستوى، منهم رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ.
وكغيره من أنظمة الذكاء الاصطناعي، يمكن الاستعانة بـ”ديب سيك” لإنشاء محتوى مزيف (Deep Fake)، أو نشر الدعاية، أو أتمتة الأنشطة الضارة.
خسائر شركات
أكدت وسائل إعلام ووكالات دولية، خسارة العديد من شركات التكنولوجيا الأميركية في أسواق الأسهم بنسب متباينة، كما امتدت الخسارات لدول أوروبية واليابان.
والسبب: صعود التطبيق الصيني “ديب سيك” والمعلومات المتداولة بشأن تكلفته المنخفضة، وكونه متاحا للجميع.
دفعت موجة الاثنين، أسهم شركات مثل إنفيديا، وأوراكل، إلى الهبوط بشدة.
كما انخفض مؤشر ناسداك المجمع 2.43%، بينما تراجع المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بواقع 1.8%، وهوت أسهم شركة الرقائق إنفيديا أكثر من 13%.
وانخفض سهم مايكروسوفت 3.8%، كما تراجع سهم ميتا بلاتفورمز 3.1% في بداية التداولات، قبل أن يصعد مجددا في وقت لاحق، بينما هبط سهم جوجل 1.9%.
وأدت فورة الذكاء الاصطناعي إلى تدفق واسع لرؤوس الأموال نحو البورصات في الأشهر الـ18 الماضية، إذ اشترى المستثمرون أسهما في شركات تكنولوجية.
قال دان إيفز المحلل الاقتصادي في شركة “ويدبوش سيكيورتيز”: “صحيح أن تكنولوجيا ديب سيك مذهلة، لكن قطاع التكنولوجيا الأميركي متقدم بشدة على الصين بالنسبة للبنية التحتية”.
اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين، تطبيق “ديب سيك” الصيني، بمثابة “جرس” إنذار.
وقال ترامب خلال حضوره اجتماعا لأعضاء مجلس النواب الجمهوريين في ميامي، إن “تكنولوجيا الشركة الصينية، يجب أن تعمل كحافز للشركات الأميركية”.