عقد مجلس الوزراء، اليوم الخميس، جلسة برئاسة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، عقب صدور الإرادة الملكيَّة السَّامية بالموافقة على إجراء تعديل وزاري على الحكومة.
وقدَّم رئيس الوزراء الشُّكر للوزراء المغادرين على جهودهم، مؤكِّداً أنَّ الجميع عملوا في ظلِّ أجواء استثنائيَّة وتصدّوا للمسؤوليَّة وسط ظروف صعبة، خدمة لقيادتنا الهاشميَّة وبلدنا وأبناء شعبنا.
كما تقدَّم الخصاونة بالتَّهنئة والتَّبريك للوزراء الجدد الذين انضمُّوا إلى الفريق الوزاري، متمنِّياً لهم التَّوفيق والنَّجاح في المهام الموكلة إليهم.
وأكَّد رئيس الوزراء أنَّ التَّعديل الوزاري الخامس يأتي بعد قرابة عامين من تشكيل الحكومة، التي تشكَّلت كحكومة مهمَّات في البداية، وأنجزت الكثير من هذه المهمَّات التي أوكِلت إليها بموجب كتاب التَّكليف السَّامي، وفي مقدِّمتها التَّعامل مع ظروف جائحة كورونا وتبعاتها.
وأشار إلى أنَّ الحكومة تشكَّلت أيضاً في ظلِّ حلول مواقيت استحقاقات دستوريَّة، بعد انتهاء عمر مجلس النوَّاب الثَّامن عشر، فتولَّت مهام إسناد جهود الهيئة المستقلَّة للانتخاب لإجراء انتخابات نيابيَّة جديدة في موعدها الدِّستوري، وقدَّمت بالإضافة إلى ذلك أوَّل موازنة بعد الاتِّفاق مع صندوق النَّقد الدَّولي لتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصاديَّة الهيكليَّة، والذي التزمت الحكومة من خلاله بالسَّير في إصلاحات هيكليَّة تنشِّط الاقتصاد الوطني، مع التزامها بعدم فرض أيِّ ضريبة بأيِّ شكل من الأشكال.
وأكَّد رئيس الوزراء أنَّنا نفخر بتحقيق الكثير من المستهدفات والإصلاحات الهيكليَّة التي أملتها علينا ضرورات وطنيَّة مرتبطة بحماية الاقتصاد الوطني الأردني وبتحسين الأوضاع الاقتصاديَّة والمحافظة على الماليَّة العامَّة والاستقلال المالي والنَّقدي.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنَّ الدَّولة الأردنيَّة بدخول مئويَّتها الثَّانية، وبإنجاز كبير خلال المئويَّة الأولى، أطلقت بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، يعضده سموُّ الأمير الحسين بن عبد الله الثَّاني وليُّ العهد، مساراً إصلاحيَّاً شاملاً ضمن ثلاثة محاور أساسيَّة هي: تحديث المنظومة السِّياسيَّة، ورؤية التَّحديث الاقتصادي، وخارطة طريق تحديث القطاع العام، مؤكِّداً أنَّ هذه المسارات الثَّلاثة متداخلة وتلتقي مع بعضها لبعض لإنجاح مساعي التَّحديث الشَّامل.
وبيَّن أنَّ مسار التَّحديث السِّياسي تمَّ من خلاله إنجاز قانونيّ الانتخاب والأحزاب والتَّعديلات الدستوريَّة المرتبطة بهما، بالإضافة إلى تعديلات تشريعيَّة تواكب التوجَّه نحو التَّمكين الضَّروري والأساسي للمرأة والشَّباب.
وأعرب رئيس الوزراء عن سعادته بزيادة تمثيل المرأة في مجلس الوزراء، الذي بات يضمّ خمس سيِّدات، مؤكِّداً أنَّ هذه الزِّيادة لم تكن على قاعدة “الكوتا” بل على قاعدة القدرة والكفاءة والتميُّز في العمل، مؤكِّداً أنَّ هذا الأمر هو نتاج ثمار التَّمكين الفعلي للمرأة في جميع المناحي الذي أفرز العديد من القيادات والكفاءات النسائيَّة.
وشدَّد رئيس الوزراء على ضرورة وضع التَّوصيات المتعلِّقة بتحديث المنظومة السِّياسيَّة موضع التَّنفيذ، سيما ما يتعلَّق بتشجيع الشَّباب على العمل الحزبي وممارسة العمل السِّياسي، لافتاً إلى نظام تنظيم العمل الحزبي في الجامعات سيتمُّ إنجازه خلال الأسبوع المقبل وهي خطوة تنظيميَّة تمكِّن الشَّباب من الانخراط في العمل الحزبي البرامجي الذي يشكِّل رافعة ضروريَّة للعمل السِّياسي.
وفيما يتعلَّق برؤية التَّحديث الاقتصادي، أكَّد رئيس الوزراء أنَّها تتضمَّن مستهدفات واقعيَّة قابلة للتَّحقيق، وفي مقدِّمتها الوصول إلى مليون فرصة عمل ونسبة نموّ اقتصادي تصل إلى (5.5%) خلال السَّنوات العشر المقبلة، وتمكين القطاع الخاص بما يسهم في إيجاد حلول لمشكلة البطالة وتحسين الأوضاع المعيشيَّة للمواطنين، خصوصاً وأنَّ مخرجات سوق العمل تصل سنويَّاً إلى حوالي (130) ألف فرصة عمل، في حين أنَّ القطاع العام لم يعد قادراً على استيعاب أكثر من (15) إلى (20) ألف فرصة عمل سنويَّاً في أحسن الأحوال، بما في ذلك المنتسبين للأجهزة العسكريَّة والأمنيَّة.
وشدَّد الخصاونة على ضرورة العمل ضمن منهجيَّة سريعة وحاسمة وكفؤة فيما يتعلَّق بتشجيع الاستثمار، وإزالة التعثُّرات الموجودة في بعض الاستثمارات القائمة بكفاءة وشفافيَّة مُطلقة، مؤكِّداً كذلك ضرورة تهيئة البيئة الاستثماريَّة الجاذبة تتواءم مع رؤية التَّحديث الاقتصادي في جذب الاستثمار الأجنبي والمحلِّي وتعزيز الاستثمارات القائمة.
كما أكَّد رئيس الوزراء ضرورة الحد من الإجراءات البيروقراطيَّة الموجودة، سيما التي تحكم العلاقة بين القطاعين العام والخاص، لافتاً إلى أنَّ القانون الناظم للبيئة الاستثمارية الذي قدَّمته الحكومة وأقرَّه مجلس الأمَّة يتضمَّن حلولاً قانونية لهذه الإشكاليَّات، لكن العبرة دائماً في التطبيق والتنفيذ.
وقال: علينا واجب تنفيذ هذا القانون ضمن المدة الزمنية التي التزمنا بها أمام مجلس النواب وأن يتضمن تيسيراً واضحاً وكبيراً في مختلف الإجراءات البيروقراطية وبشكل يؤدي الى انسيابيَّة في التعامل مع الملف الاقتصادي .
وبشأن خارطة تحديث القطاع العام، لفت الخصاونة إلى أنَّ إناطة هذا الملف في التعديل الوزاري اليوم بنائب رئيس الوزراء ووزير دولة لتحديث القطاع العام هو مؤشِّر على أهميَّة هذا المسار الذي يشكِّل رافعة أساسية للمسار الاقتصادي، ويتقاطع ويتداخل إلى حد كبير مع مسار الحياة السياسية، مؤكداً أنه دون النهوض بهذا الملف سريعاً وشعور المواطن والقطاع الخاص بالآثار التيسيرية لتحديث القطاع العام سنجد صعوبة كبيرة في النجاح بتحقيق منجز وتطور على المسارين الآخرين.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هناك قطاعات لا بد من إجراء مقاربات سريعة لها، سيما القطاعات الخدماتية لتحسين العمل فيها لافتا الى الاصلاحات الجذرية والهيكيلة التي تجري في القطاع الصحي وقطاع التربية والتعليم والتعليم العالي والتدريب المهني وغيرها.
وأكد أن التعديل استهدف ترشيق الفريق الوزاري ولو بشكل قليل حيث اصبح عدد الفريق الوزاري (27) كما أن التعديل يستهدف البدء في مقاربة فحص عملي لبعض مخرجات خارطة طريق تطوير القطاع العام حيث أنيطت وزارتا الأشغال العامة والنقل إلى وزير واحد رغم عدم دمج الوزارتين بهدف البدء بالفحص العملي للفرضيات المتعلقة بفكرة دمج الوزارتين بوزارة واحدة للبنية التحتية.
كما أنيطت وزارتا العمل والصناعة والتجارة بوزير واحد رغم استمرارية الفصل بين الوزارتين لفحص الفرضيات وحتى تكون المقاربات آمنة ولا تشكل قفزة إلى المجهول، وإنما تجربة للآفاق الحقيقية للدمج من عدمه بناء على التوصيات والحوار الذي أجراه المجلس الاقتصادي والاجتماعي .
وحول وزارة الاتَّصال الحكومي، لفت الخصاونة إلى أنها تستهدف رفع الكفاءة فيما يتعلق بالرسالة الإعلامية للدولة ولتتفاعل مع الإعلام الجديد الرقمي والإعلام التقليدي ولتصبح أكثر كفاءة في التعبير عن منجز لدينا اليوم تقصير في التعبير عنه وفي الاعتزاز بهذا المنجز وبالاستقرار والصلابة والمنعة أمام عاتيات كثيرة تعرضت لها دول كثيرة في الاقليم وابعد من ذلك .
وأكد رئيس الوزراء اننا شكلنا وبكل المقاييس قصة نجاح في استيعاب تحديات مماثلة لم تصمد امامها الكثير من الدول مضيفاً “لا بد أن نلحق بركب السردية الاعلامية الضرورية من خلال الانفتاح على الإعلام وتطوير الخطاب” مؤكداً أن لدينا منجزات نفاخر بها وأن نلقي بياضاً على الأقلية التي تصر على محاولة زرع السوداوية والسواد في مشهديتنا العامة التي تتضمن كل ما يدعو للفخر والاعتزاز بالمنجز وبالنظرة الاستشرافية لقيادتنا وبالمسؤولية العالية وقيم النخوة التي يتمتع بها شعبنا .
وقال “لدي ايمان وثقة كما هي الغالبية العظمى من شعبنا، بقيادتنا وببلدنا ومنجزنا وبأن هذا البلد قادر دوماً على تحقيق المنجزات الكبيرة من رحم الصعاب” مؤكداً أن الفريق الوزاري ليس لديه الوقت لإضاعته في التعرف البيرواقراطي على المؤسسات والوزارات فالوقت للعمل والإنتاج يشعر به المواطن ببعض الفرق مع الاستمساك دائما بما استمسكت به الحكومة منذ اليوم الاول لتشكيلها بالصدقية والصراحة مع المواطن وعدم تقديم الوعود التي لا نستطيع تنفيذها وبشكل يؤدي الى تقويض الثقة العامة والتي يجب علينا العمل على ترسيخها بين الحكومة والمواطن والمؤسسات .
وقال نحن مقبلون على الدورة العادية لمجلس الأمة في الثالث عشر من الشهر المقبل مؤكدا ان العلاقة بين السلطات الثلاث مبنية على الاستقلالية الكاملة بين السلطات وفي ذات الوقت التوازن والتشبيك المرئي ضمن هذه السلطات .
واكد اننا نعمل لرفعة بلدنا وشعبنا وتحقيق طموحات قيادتنا في اطار علاقة تكاملية قائمة على الاحترام المتبادل مع مجلسي النواب والاعيان وفق مبتغى اساسي يستهدف تحقيق المصلحة العامة والعليا لوطننا .
واختتم رئيس الوزراء حديثه بالقول “لدينا الكثير من العمل والانتقال من المهمات المحددة الى التأسيس والتنفيذ لوثائق مرجعية موجودة أمامنا دون تردد اطلاقا لتحقيق منجز يستطيع ان يلمس اثاره المواطن بعيدا عو الوعود التي لا تنفذ على ارض الواقع “.