مقالات واراء – هلا نيوز – عبد الخالق سلطان – دهوك
منذ أكثر من 10 سنوات، وشمي، السيدة الإيزيدية، تتعرض للعنف الأسري، وفقا لقولها.
تزامن ذلك، مع نزوحها من قضاء سنجار في محافظة نينوى، باتجاه مخيم (قاديا) في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق.
هربت من العنف الذي مارسه تنظيم “داعش” ضد أبناء جلدتها، لكنها لم تتمكن الهرب من العنف الأسري.
في البداية، كانت تتعرض للضرب من شقيقها الأكبر الذي كان “يضربها إرضاءً لزوجته”.
قالت لموقع “الحرة”: “كانت زوجته تكرهني وتجبرني على القيام بجميع الأعمال المنزلية، مثل الطبخ وغسيل الصحون والملابس”.
العيش داخل خيمة واحدة بالقرب من زوجة أخيها، دفعها للبحث عن مخرج من دائرة العنف التي كانت تحاصرها.
تزوجت أول رجل تقدم لها، على أمل أن تجد فيه الخلاص. لكنها اكتشفت بسرعة أنها ألقت بنفسها في نار جديدة.
بعد شهور قليلة، بدأ زوجها بتعنيفها، مستخدما الألفاظ “النابية والشتائم”. كان السبب في البداية، أنها لم تحمل بطفل.
بعد مرور عامين، أنجبت طفلا، لكن العنف استمر بلا توقف. كان يضربها ويهينها باستمرار.
قالت أيضا: “كان مدمناً على الكحول، ولم يكن يملك المال لشرائه، فكان يصب غضبه علي”.
استمرت حياتها على هذا النحو، حتى انتهت بالطلاق.
كإجراء وقائي لحماية النساء وتقليل حالات العنف داخل المخيمات، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية في 19 ديسمبر الجاري، إنشاء نافذة إلكترونية مخصصة لاستقبال شكاوى النساء النازحات أو العائدات من النزوح اللواتي يتعرضن للتعنيف.
تحدث مدير دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك، ديان جعفر عن “العديد من حالات العنف ضد النساء داخل المخيمات في محافظة دهوك”.
قال لموقع “الحرة”: “هناك حالات عنف ضد النساء في المخيمات تصل إلى الضرب والإهانة. هذه المخيمات، مثل بقية المجتمعات، تعاني من مشاكل عديدة”.
أسباب عديدة تؤدي إلى ممارسة العنف ضد المرأة في المخيمات، أبرزها: ضعف الحالة الاقتصادية، وفقا لجعفر، الذي أشار إلى أن “العادات والتقاليد العشائرية أيضا لها دورها في نشوب حالات العنف ضد النساء داخل المخيمات”.
خلال السنوات الماضية، أصدر العراق العديد من القوانين لمكافحة العنف ضد النساء، أبرزها قانون مناهضة العنف الأسري الصادر في عام 2019، الذي يهدف إلى حماية النساء والفتيات من التمييز القائم على النوع الاجتماعي.
كما يتضمن قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 مواد تعاقب على الجرائم المرتبطة بالعنف ضد المرأة. إضافة إلى ذلك، أطلقت الحكومة العراقية استراتيجية مناهضة العنف ضد النساء (2018 – 2030) للحد من الظاهرة.
قالت الناشطة المدنية أميرة عطو التي تعيش في مخيم (بيرسفي) للنازحين في مدينة زاخو إن “الكثير من النساء يتعرضن للعنف، لأنهن يسكتن على ما يتعرضن له”.
عطو التي التقت بالعديدة من النساء المعنفات داخل المخيم الذي تعيش فيه، حاولت التدخل لوقف العنف بالطرق القانونية، إلا أن “خوف” المرأة المعنفة من أن تصبح “منبوذة” اجتماعيا إذا ما اشتكت على من يعنفها، يجعلها تتردد في مواجهة العنف، وفقا لمقابلتها مع موقع “الحرة”.
قال فرحان إبراهيم، مدير منظمة الجسر للشباب، وهي منظمة تهتم بقضايا النازحين، إن “حالات العنف التي تتعرض لها النساء داخل المخيمات، قد تدفع بالمرأة المعنفة، إما إلى الانتحار داخل المخيمات أو الهرب إلى خارج البلاد”.
العنف الأسري في المخيمات، يشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه النساء النازحات في العراق. فالحياة في المخيمات، التي تفتقر إلى الخصوصية والموارد الأساسية، تساهم في زيادة الضغوط النفسية والاقتصادية على الأسر، مما يؤدي إلى تفشي العنف داخل الأسر بشكل عام.
قال المحامي وليد عبدي خلال مقابلة مع موقع “الحرة” إن “المشرع العراقي، لم يميّز بين العنف الذي يمارس داخل المخيمات أو خارجها، فالجميع يخضعون لنفس القوانين، وتتم محاسبتهم بحسب الجرم الذي ارتكبوه، والتقدير يعود للقاضي في نهاية الأمر”.
لذلك، لا يعاني العراق من نقص في القوانين المتعلقة بحماية النساء من العنف فحسب، بل تكمن المشكلة في ضرورة تفعيل وتطبيق هذه القوانين بشكل فعّال، وفقا لعبدي.
العديد من العوامل تسهم في تفاقم هذه الظاهرة، أبرزها الظروف المعيشية القاسية التي تجعل من المستحيل تقريباً الحفاظ على الاستقرار العائلي.
قال الباحث الاجتماعي عبدالجبار عبدالرحمن من جامعة دهوك لموقع “الحرة”: “هناك فجوة اجتماعية تمنع النساء المعنفات من الإبلاغ عن العنف وتقديم الشكاوى ضد المعتدين”.
قال أيضا: “المجتمع عادة ما يعتبر المرأة التي تشتكي من العنف متمردة، وغير مطيعة لإرادة أسرتها، ما يعرّضها للنبذ الاجتماعي”.
يضم العراق 24 مخيما للنازحين تؤوي نحو 154 ألف نازح. ومع ذلك، تجاوز عدد النازحين في العراق 800 ألف نازح، بحسب شريف سليمان، عضو لجنة الهجرة والمصالحة المجتمعية النيابية