هلا نيوز
لا تزال حادثة الفتاة الجزائرية ريما، التي توجد اليوم بين الحياة والموت بعد أن أحرقها شاب رفضت الزواج به، تثير تفاعلا واسعا في الأوساط الشعبية على مواقع التواصل ولدى جمعيات نسوية حذرت من ظاهرة تصاعد “قتل النساء” في المجتمع.
هذه الحادثة المأساوية وقعت يوم 26 أيلول/ سبتمبر الماضي، حين كانت الشابة ريما عنان البالغة من العمر 28 عاما، تنتظر الحافلة في إحدى قرى ولاية تيزو وزو بمنطقة القبائل، لتلتحق بالمدرسة التي تعلّم فيها اللغة الفرنسية، لتُفاجأ بشاب يسير نحوها ويسكب عليها البنزين ثم يقوم بحرقها على الملأ.
ووفق روايات لأقارب الضحية على مواقع التواصل، فإن هذا الشاب كان يريد الزواج بريما لكنها رفضت ذلك. وبدأ من حينها يضايقها، حتى أن والدها قصد أهل الشاب وأخبرهم بالأمر، لكن محاولته لم تفلح لإبعاده عن طريق ابنته ولم يكن أحد يتوقع أن يصل الأمر بهذا الشخص لارتكاب هذه الجريمة البشعة.
ومنذ انتشار القصة مرفوقة بصورة ريما على مواقع التواصل، تفاعل معها الجزائريون بغزارة مستنكرين ما حدث للفتاة. وأطلق ناشطون حملة لجمع المال لها من أجل نقلها للخارج استجابة لنداء والدتها التي قالت في فيديو باللغة الأمازيغية، إن ابنتها الآن بين الحياة والموت، راجية المساعدة بالمال وبالدعاء، لأنه لا يمكن الانتظار أكثر لنقلها إلى الخارج.
وتوجد ريما بمستشفى ألباز بالعاصمة الإسبانية مدريد بعد تمكن الناشطين من تأمين المبلغ المالي اللازم لعلاجها، وتكفل السفارة الإسبانية بتأمين تأشيرة سريعة لها ولمرافقيها، حيث تم نقلها عبر طائرة طبية خاصة، وهي تمضي ثالث أيامها بالمستشفى الذي تأمل عائلتها أن يستطيع إنقاذها.
ووفق ما نقلته صفحات متابعة لقضية ريما، فإن أطباء المستشفى الإسباني متفائلون بشأن نجاتها، إذ إن هناك أجزاء من جسمها يمكن استعادتها بسهولة دون جراحة وأجزاء أخرى من الجسم يمكن استعادتها بالجراحة. وبلغت نسبة الحروق وفق معاينة الأطباء 60%، بينما لا تزال الفتاة تتنفس عبر الأنبوب وهم يجهزونها للعمليات الجراحية يوم الإثنين.
وفجّر حقوقيون موازر
اة مع قضية ريما، النقاش حول ظاهرة قتل النساء. وعدّدت صفحة “لا لقتل النساء” التي تديرها ناشطات نسويات في الجزائر، عدة حالات للاعتداء على نساء، وقالت إن “المرأة في خطر، وإن السبب الوحيد في هذه الجرائم هو كره النساء والتسلط الذكوري القمعي الذي جعل حتى القتل يصبح مقبولا”، على حد وصفها.
وفي تقريرها لسنة 2021، قالت منظمة العفو الدولية، إن السلطات الجزائرية لم تضع خطة عمل وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة بشكل فعال، ولا سيما قتل النساء. وأبرزت أن “حالات قتل النساء هذه تزايدت بسبب عدم وجود رد فعل قوي من قبل السلطات، والإفلات من العقاب، وعدم مبالاة المجتمع تجاه جميع أشكال العنف ضد المرأة”.
وبحسب المنظمة، فقد قُتلت 55 امرأة على الأقل في ولايات مختلفة، استنادا لأرقام من موقع “فيمينيسيد” الجزائري، في حين أبلغ الدرك الوطني عن 8000 حالة عنف ضد المرأة خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021، بينما سجلت الشرطة 6930 حالة عنف.
وذكرت حسينة أوصديق مديرة منظمة العفو الدولية بالجزائر في تعقيبها على التقرير، أن “سبب العنف ضد المرأة يكمن في التمييز بين الجنسين وإنكار المساواة بين الرجل والمرأة في جميع جوانب الحياة”. ولهذا “يجب أن يتبع حماية المرأة، التي يكفلها الدستور، نهج شامل يدمج مكافحة جميع أشكال العنف والمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة” وفق قولها.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في رسالة له بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق المرأة، قد ذكر أن الجزائر كرّست في دستورها لعام 2020، “حماية المرأة من العنف بجميع أشكاله في جميع الأماكن والظروف، في الأماكن العامة وفي الأماكن المهنية والخاصة”.