رياضة – هلا نيوز
حفيظ دراجي
فوز المنتخب الجزائري في مونروفيا على ليبيريا بالثلاثة في الجولة الثانية من تصفيات كأس أمم أفريقيا 2025، لم يكن مجرد فوز، بل أكبر من انتصار فني ومعنوي في ظروف تميزت بغياب الكوادر واتساع دائرة الشكوك في الأوساط الإعلامية والجماهيرية حول قدرة المدرب البوسني فلاديمير بيتكوفيتش على اعادة الروح لمنتخب تعرض لثلاث نكسات متتالية على مدى سنتين ماضيتين، ووجد صعوبات في التأقلم مع المدرب الجديد الذي خاض لحد الآن ست مباريات في جميع المسابقات، فاز بأربعة وتعادل في واحدة وخسر واحدة، سجل فيها 14 هدفا من بينها ثمانية في آخر أربع مباريات رسمية، تلقى فيها ثلاثة أهداف، وتميزت بتغييرات كثيرة على التشكيلة لأسباب مختلفة.
غياب محرز وبن ناصر وعوار وعمورة وريان أيت نوري في مواجهة رواندا، والاستغناء المؤقت عن بلايلي وشايبي لم يكن عائقا أمام المدرب بيتكوفيتش لاختيار تشكيلة ملائمة وأسلوب لعب جديد يرتكز على ثلاث لاعبين في وسط الدفاع ولاعبي رواقين، ووسط ميدان متكون من زروقي وزرقان، أدوا المباراة اللازمة فنيا وتكتيكيا وبدنيا، وحتى نفسيا ومعنويا رغم الظروف المناخية الصعبة وأرضية الميدان الاصطناعية التي لم تكن عائقا أمامهم لتقديم مباراة وصفت بالأحسن تكتيكيا وجماعيا منذ مجيء المدرب الجديد الذي أكد قدرته على التأقلم مع مختلف الأساليب واستعمال اللاعبين بشكل جيد يسمح لهم بتقديم أحسن ما لديهم فنيا وبدنيا وتكتيكيا.
صحيح أن المنتخب الرواندي احترم نظيره الجزائري أكثر من اللازم ولم يكن قويا و جريئا، لكن بيتكوفيتش كان ذكيا وموفقا، ولم يترك لهم فرصة التنفس بمنظومة لعب سيطرت على المساحات وتحكمت في كل الكرات بدفاع متقدم استحوذ على الكرة وأخرجها من منطقته بشكل جيد على غير العادة، ومنع الروانديين من الوصول الى مرمى ماندريا الذي قضى ظهيرة مريحة في حماية بن سبعيني وتوغاي وماندي الذين منحوا المدرب خيار الاعتماد عليهم في منظومة اللعب التي تستند على ثلاثة لاعبين في الارتكاز ولاعبي رواقين متميزين، سواء لعب بفارسي وحجام، أو عطال وأيت نوري، والاستناد على وسط ميدان صار فيه زرقان عنصرا يمكن الاعتماد عليه برفقة زروقي وبن ناصر وعوار وبوداوي.
مواجهة ليبيريا لم تفض لتحقيق مجرد فوز في مشوار التأهل الى نهائيات كأس أمم افريقيا، بل أكدت أن بيتكوفيتش صار يملك تشكيلة ثرية وخيارات فنية عديدة، وأخرى تكتيكية حسب المنافس وظروف كل مباراة، ولم يعد مصير المنتخب متوقفاً على لاعب واحد أو عدد من اللاعبين، ولا على أسلوب واحد في اللعب، حتى وإن أدى ذلك إلى عدم رضا عديد اللاعبين الذين يستغني عنهم كل مرة، أو يفرض عليهم الجلوس في كرسي الاحتياط، وهو الوضع الطبيعي لأي منتخب محترم تكون فيه المنافسة على المناصب محفزة لهم على بذل مزيد من الجهد لإثبات أحقية اللعب، ما ينعكس بالايجاب على المردود والنتائج.
كل المعطيات السالفة تؤكد أن التفوق على ليبيريا في مونروفيا لم يكن مجرد فوز سمح للمنتخب الجزائري بتصدر مجموعته، في تصفيات كأس أمم افريقيا، والفوز قبل ذلك في أوغندا ضمن تصفيات كأس العالم لم يكن أيضا مجرد فوز سمح له بتصدر مجموعته في تصفيات كأس العالم، بل هو تحصيل حاصل لمشروع فريق وطني يملك هوية لعب بأساليب مختلفة، ويستثمر في كل المواهب والقدرات التي يتوافر عليها بعد فترة فراغ دامت سنتين، تعرض فيها “الخضر” لثلاث نكسات متتالية في نهائيات كأس أمم أفريقيا 2021 بالكاميرون و2023 في كوت ديفوار، اضافة الى الاخفاق في التأهل الى مونديال قطر بالشكل الذي حدث، ومع ذلك يبقى التركيز ضرورياً في المباريات المقبلة مع ضرورة تكريس الثقة التي عادت بين اللاعبين والطاقم الفني، وبين المنتخب وجماهيره الوفية التي لن تسعها مدرجات ملعب “التاسع عشر مايو” في عنابة بمناسبة مواجهة توغو في جولة التأكيد الثالثة ضمن تصفيات كأس أمم أفريقيا بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في انتظار استئناف تصفيات كأس العالم شهر مارس/ آذار من السنة المقبلة، والتي سيصلها المنتخب الجزائري في أفضل أحواله.
إعلامي جزائري