عربي دولي – هلا نيوز
شهدت إسرائيل ساعات من الفوضى، الاثنين، بعد أن اقتحم متظاهرون من اليمين المتطرف، بتشجيع من سياسيين يمينيين متطرفين من الائتلاف الحاكم، قاعدة عسكرية يُحتجز فيها مسلحون من حماس وقاعدة أخرى تضم محكمة عسكرية.
وحصلت اضطرابات لمدة 12 ساعة، بعد وصول محققين لاستجواب جنود بشأن انتهاكات جنسية مزعومة ضد فلسطيني اعتقل في قطاع غزة، ونُقل على إثرها إلى المستشفى بسبب الإصابات، وفقا لموقع “أكسيوس“.
وبحسب المصدر ذاته، اضطر قادة بالجيش إلى تحويل تركيزهم من الاستعداد لضربة محتملة ضد حزب الله قد تشعل حربا على جبهة أخرى إلى حماية قاعدتهم من الاضطرابات الداخلية.
ومن المرجح، وفقا للموقع أن “تعّمق” هذه الحوادث الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي وتضعف الجيش وسط تواصل الحرب في غزة والتصعيد الحاصل مع حزب الله في لبنان.
ومثلت أحداث الاثنين “أخطر عنف سياسي” في إسرائيل منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر، ومن المرجح أن يفاقم الأزمة الداخلية التي تمر بها إسرائيل منذ تشكيل رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، لحكومته اليمينية في عام 2022.
تفاصيل الواقعة
وبدأت الحوادث عندما اعتقلت الشرطة العسكرية، الاثنين، 9 جنود احتياط خدموا في وحدة “القوة 100” في قاعدة “سديه تيمان” العسكرية التي استُخدمت كمرفق احتجاز لمسلحي حماس المتورطين في هجمات 7 أكتوبر، إلى جانب معتقلين آخرين ألقت عليهم القوات الإسرائيلية القبض في غزة.
وركزت العديد من التقارير في الصحافة الإسرائيلية والدولية على انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في القاعدة، والتي وصفتها بعض منظمات حقوق الإنسان بأنها “غوانتانامو إسرائيل”.
وذكرت صحيفة “هآرتس“، في شهر مايو الماضي، أن نحو 27 معتقلا توفوا في المنشأة منذ 7 أكتوبر، واتخذ قرار بإغلاق مركز الاحتجاز في الأسابيع الأخيرة بعد انتقادات كبيرة.
وقالت جماعات حقوقية، ومنها “جمعية حقوق المواطن” في إسرائيل، إن المعتقلين يتعرضون لانتهاكات جسيمة في معسكر الاحتجاز المذكور.
وانتشرت تقارير عن إساءة معاملة المعتقلين في السجون الإسرائيلية، مما أدى إلى تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب سلوكها في حرب غزة التي تقترب الآن من بداية شهرها الحادي عشر. وفي مايو، قالت وزارة الخارجية الأميركية، إنها تنظر في اتهامات تتعلق بانتهاكات ارتكبتها إسرائيل بحق معتقلين فلسطينيين.
وبدأ تحقيق الشرطة العسكرية في أفعال جنود الاحتياط التسعة قبل عدة أسابيع بعد نقل معتقل فلسطيني في المنشأة على عجل إلى المستشفى بعد نزيف من أحد أجزاء جسمه الحميمة، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، بينها صحيفة “تايمز أوف إسرائيل“.
وعندما وصلت وحدة الشرطة العسكرية إلى القاعدة، واجههم العديد من جنود الاحتياط ورفضوا الحضور للاستجواب.
وبعد التقارير الأولية ومقاطع الفيديو لمداهمة الشرطة العسكرية التي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، أصدر الوزيران اليمينيان، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وعدة وزراء من حزب الليكود التابع لنتانياهو بيانات تدين الاعتقالات.
وقالوا إن القيادة العليا للقوات الإسرائيلية “تذل الجنود الذين يواجهون الإرهابيين وأخبروا أنصارهم أنهم قادمون إلى القاعدة في جنوب إسرائيل للاحتجاج على الاعتقالات”.
وبعد ذلك بوقت قصير، وصل مئات المتظاهرين إلى القاعدة، من بينهم عدة نواب من حزبي بن غفير وسموتريتش اليميني المتطرف، واقتحموا القاعدة حيث يُحتجز عشرات المعتقلين من حماس، ولم يغادروا إلا بعد عدة ساعات عندما اتضح أن جنود الاحتياط الذين تم اعتقالهم لم يعودوا هناك.
ثم انتقل المتظاهرون إلى قاعدة عسكرية أخرى تبعد 30 دقيقة شمال تل أبيب تستضيف مقر الشرطة العسكرية ومركز احتجاز تابع للقوات الإسرائيلية والمحكمة العسكرية الإسرائيلية. واقتحموا المحكمة وحاولوا اقتحام مركز الاحتجاز للإفراج عن جنود الاحتياط.
وانضم العديد من أفراد الوحدة التي كان جنود الاحتياط جزءا منها إلى المتظاهرين وهم يرتدون الزي العسكري ومسلحين ويرتدون أقنعة للوجه.
ووفقا لما نقلته أكسيوس عن مسؤولين في القوات الإسرائيلية، اتخذت الشرطة الخاضعة لإشراف الوزير بن غفير، “موقفا متساهلا إزاء أعمال الشغب، حيث امتنعت عن اعتقال أي من المتظاهرين في كلتا القاعدتين العسكريتين”.
وليلة الاثنين، ألغى رئيس أركان قوات الدفاع الإسرائيلية الجنرال، هرتسي هاليفي، الاجتماعات التي كان يحضرها حول ضربة محتملة لقوات الدفاع الإسرائيلية ضد حزب الله في لبنان ووصل إلى مقر الشرطة العسكرية، الذي كان محاطا بالمتظاهرين، حسبما قالت القوات الإسرائيلية.
وعندما وصل هاليفي إلى القاعدة، هتف عدة متظاهرين شعارات ضده ودعوه للاستقالة.
ودافع هرتسي هاليفي، عن التحقيق الذي قال إنه يصون شرف الجيش الإسرائيلي.
وقال في بيان له عن محاولة اقتحام المعسكر “نحن في خضم حرب، وتصرفات من هذا النوع تعرض أمن الدولة للخطر… إن هذه التحقيقات على وجه التحديد هي التي تحمي جنودنا في إسرائيل والعالم وتحافظ على قيم الجيش الإسرائيلي”.
“أصعب أسبوع”
وقالت القوات الإسرائيلية أيضا إنها اضطرت إلى استدعاء وحدات قتالية متمركزة بالقرب من الضفة الغربية لحماية قاعدة الشرطة العسكرية. غادر المتظاهرون المنطقة حوالي منتصف الليل بالتوقيت المحلي.
وقال الجيش إن عدة سرايا من الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية وأخرى غير منتشرة حالا تم إرسالها إلى القاعدة، مساء الاثنين، وسيتم إرسال عدة كتائب إلى هناك بحلول الثلاثاء لتعزيز الدفاعات. ونفى الجيش سحب أي قوات من غزة لحماية القاعدة”.
كما وصل متظاهرون من اليمين المتطرف إلى منزل المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية، ووصفوها بـ”الخائنة”.
ولم يعلق نتانياهو على الحوادث باستثناء بيان من سطر واحد أصدره مكتبه بعد ساعتين من اقتحام القاعدة الأولى، يقول فيه إنه يدين اقتحام القاعدة ويدعو إلى الهدوء الفوري.
وأدان اثنان فقط من الوزراء الهجوم على القواعد، وهما وزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الداخلية، موشيه أربيل. أما بقية وزراء الحكومة فإما أنهم دعموا جنود الاحتياط وهاجموا المدعي العام العسكري أو التزموا الصمت.
وانتقد غالانت الاقتحام واعتبره “حادثا خطيرا يضر بشدة بالديمقراطية الإسرائيلية ويصب في مصلحة عدونا في أوقات الحرب.”
وأضاف غالانت: “أدعو الشرطة الإسرائيلية إلى التحرك فورا ضد من ينتهكون القانون، وأدعو جميع المسؤولين المنتخبين إلى الامتناع عن التصريحات غير المسؤولة التي تجر الجيش الإسرائيلي إلى الساحة السياسية”.
وبحسب مراسل الحرة بتل أبيب، وجه غالانت رسالة إلى نتانياهو يطالبه فيها بمعرفة ما إذا كان وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير يقف وراء قصور الشرطة في منع متطرفي اليمين من اقتحام القاعدتين.
وكتب غلانت في الرسالة التي تم نشرها “يجب التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة بشكل حاسم وفوري..إن الأحداث التي شارك فيها الوزراء وأعضاء الكنيست تخدم الحملة المعادية ضدنا، وهي ممارسة لصرف الانتباه عن الفظائع المرتكبة من قبل العدو ضد مواطني إسرائيل”.
كما ذكر غالانت أن “عدم تواجد الشرطة لساعات طويلة تطلّب توجيه قوات الجيش الإسرائيلي إلى المكان على حساب المهام العملياتية، وقيام رئيس الأركان نفسه بوقف جميع أنشطته المهمة من أجل التعامل شخصيا مع اقتحام حشد من المشاغبين قواعد جيش الدفاع الإسرائيلي”.
وطالب وزير الدفاع الإسرائيلي بالتحرك بحسب قوله “بالقبضة الحديدية إزاء أعضاء التحالف الذين شاركوا في أعمال الشغب والأمر بإجراء تحقيق فوري لمعرفة ما إذا كان وزير الأمن الوطني قد منع أو أخر عمل الشرطة بسبب أحداث العنف التي شارك فيها أعضاء من حزبه”.
بدوره، دعا الرئيس إسحاق هرتسوغ السياسيين الإسرائيليين إلى التحلي بـ”المسؤولية”.
وكتب هرتسوغ على منصة “إكس”: “نحن في واحد من أصعب وأكثر الأسابيع تحدي من حيث الأمن – يجب ألا نزيد من أعباء مقاتلينا وقادتنا. دعونا نقوي الجيش الإسرائيلي وقادته وندين أي هتافات لا تسعد سوى أعدائنا.”
وفقا لتقرير “أكسيوس”، تشير هذه الأحداث إلى “تنامي نفوذ التيارات القومية المتطرفة في إسرائيل في ظل حكومات نتانياهو، لا سيما في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر”.
ويوضح المصدر ذاته، أن هذه الأحداث، “علامة على تفكك سلسلة القيادة في القوات الإسرائيلية والقانون والنظام الداخلي للجيش، بتشجيع من السياسيين القوميين المتطرفين الذين وصفوا الجيش لسنوات بأنه مؤسسة “ليبرالية”، وقالوا إنه جزء من “دولة عميقة” يجب تفكيكها.