هلا نيوز – عمان
قال رئيس ديوان التشريع والرأي سابقا نوفان العجارمة: لقد أصدر مجلس نقابة الأطباء مؤخرا لائحة تضمن تعديلا جوهريا على أجور الأطباء وقد تم نشر اللائحة في الجريدة الرسمية، فيما قام وزير الصحة بإلغاء ذلك القرار والعودة الى اللائحة المقرة في عام 2008، مسبباً قراراه بانه لائحة الأجور التي تم نشرها تختلف عن اللائحة الاي تم الاتفاق عليها، وقد عارضت نقابة الأطباء قرار الوزير مهددة باللجوء الى القضاء لإلغاء قراراه.
واضاف في مقال له :قبل الإجابة على التساؤل حول مشروعية قرار الوزير، لابد من بيان ما يلي :
أولا: من حيث النصوص القانونية ذات العلاقة:
1. تنص المادة (47/1) من الدستور على: الوزير مسؤول عن ادارة جميع الشؤون المتعلقة بوزارته وعليه ان يعرض على رئيس الوزراء اية مسالة خارجة عن اختصاصه.
2. وتنص المادة (3) من قانون الصحة العامة على: (تكون الوزارة مسؤولة عن جميع الشؤون الصحية في المملكة وتشمل مهامها بصورة خاصة ما يلي : … ب. تنظيم الخدمات الصحية المقدمة من القطاعين العام والخاص والاشراف عليها ).
3. وتنص المادة (40/أ) من قانون نقابة الأطباء رقم (13) لسنة 1972 على: للطبيب ان يتقاضى من المريض او ذويه اجور المعالجة وفقاً للائحة الأجور المقررة من المجلس وليس له ان يعلق استحقاق الاجور المذكورة على نتيجة المعالجة او الشفاء.
4. وفقا لأحكام المواد (3) و (4) و(5) من نظام (نظام اجور الأطباء رقم (46) لسنة 1989: فان مجلس النقابة يشكل لجنة (تسمى لجنة الاجور) تتولى وضع تعرفة ( يبين فيها الحد الادنى والحد الاعلى لأجور الاطباء وقواعد وشروط استحقاقها واستيفائها وتكون توصياتها خاضعة لموافقة المجلس( مجلس نقابة الأطباء) الذي له اقرارها او اجراء اي تعديل عليها).
5. وقد اعتبر الديوان الخاص بتفسير القوانين- بموجب قراراه رقم (11) لسنة 1969 – النقابات المهنية (مؤسسات شبه حكومية) حيث يقول ((… إن المؤسسات الحكومية قد عرفت بأنها المصالح الإدارية التي أنشئت بقانون بقصد المساهمة في تأدية وظائف الدولة وأما المؤسسات شبه الحكومية فهي: 1. المؤسسات العامة غير الحكومية التي تنشا بقانون وتمنح الشخصية المعنوية للقيام بنوع معين من الخدمات العامة وتحقيق غرض أو إغراض محدودة تحت إشراف الدولة ورقابتها كالبلديات والمجالس القروية. 2. الهيئات التي تنشا بقانون لتقوم على رعاية مصالح طوائف معينة من ذوي المهن وتمثل مصالح هذه الطوائف ولها على أفرادها سلطات مستمدة من القانون وهي سلطة لائحة لتنظيم أعمالهم وشؤونهم وسلطة إصدار قرارات إدارية في هذه الشؤون ثم سلطة فرض رسوم عليهم كالغرف التجارية والصناعية ونقابات أصحاب المهن الحرة كمهنة المحاماة والطب والهندسة وما ماثل ذلك )) .
ثانياً: وباستقراء هذه النصوص نجد بأن وزير الصحة قد تصرف بما هو ضمن صلاحياته واختصاصه وهذه سلطة أعطاه إياها المشرع الدستوري والقانوني باعتباره صاحب الصلاحية العامة على جميع الشؤون المتعلقة بوزارته، وقد اعطي هذه الصلاحيات حتى يتنسى له تسيير المرافق العامة التابعة لوزاراته والإشراف عليها بما يحقق مقتضيات المصلحة العامة، ويدخل ضمن هذه الصلاحيات موافقته على نشر لائحة أجور الأطباء وللأسباب التالية:
1. ان موضوع لائحة أجور الأطباء ليس شأنا نقابيا خالصاً، فالأمر متعدي، ويتعلق بكل مواطن ومقيم على إقليم الدولة، ولا يعقل تجريد وزير الصحة من هذا الامر، فطالما الوزير مسؤولة عن جميع الخدمات الطبية فالدولة، فلا يعقل تجريده من صلاحيات، اعمالاً لمبداً اقتران السلطة بالمسؤولية.
2. أن تنظيم المهن الحرة كالطب والمحاماة والهندسة، وهي مرافق عامة مما يدخل في صميم اختصاص الدولة بوصفها قائمة على المصالح والمرافق العامة. فإذا رأت الدولة أن تتخلى عن هذا الأمر لأعضاء المهنة أنفسهم لأنهم أقدر عليه، مع تخويلهم نصيبا من السلطة العامة يستعينون به على تأدية رسالتهم، فأن الدولة تحتفظ بحقها في الإشراف والرقابة على النقابات المهنية، تحقيقاً للصالح العام. فتخلي مجلس الوزراء – وبموجب قانون نقابة الأطباء – عن إدارة هذا المرفق (نقابة الاطباء) لصالح أعضاء المهنة، لا يجرد وزير الصحة من حقوقه في الرقابة والاشراف والموافقة على المسائل التي تتعدى او تتجاوز المواضيع المهنية البحتة.
3. لقد سبق للقضاء الإداري الأردني وان يتناول هذا الامر في مناسبة سابقة حيث قضت المحكمة الإدارية العليا بموجب الدعوى رقم 112/2019 ( ولمّا كانت لائحة الأجور الصادرة عن مجلس نقابة الأطباء بالاستناد إلى نظام أجور الأطباء تمس شريحة واسعة من المجتمع فإنه وبالاستناد إلى المادة (3) من قانون الصحة العامة لوزير الصحة حق الإشراف والرقابة على هذه اللائحة من خلال الاطلاع عليها والتنسيب بنشرها.
وختم قاائلا: إن وزير الصحة لم يشرف على هذه اللائحة وينسّب لرئيس الوزراء بنشرها وفقاً لما منحه له القانون بموجب المادة (3) من قانون الصحة العامة سالفة الذكر، فإن القرار الصادر عن مجلس النقابة (المشكو منه) قد شابه قواعد إجرائية لم يتم مراعاتها ويكون مخالفاً للقانون ومستوجب الإلغاء.