هلانيوز/ عمان
قدم عدد من العلماء رؤية للمستقبل البعيد للأرض، كشفت عن تغييرات “مروعة” سيشهدها الكوكب بعد ملايين السنين من الآن.
ومن المعروف أنه منذ نحو 200 مليون سنة، كانت هناك قارة عملاقة غير عادية تدعى بانجيا تسيطر على الأرض. وفي نهاية المطاف، تمزقت الكتل الأرضية وتفككت، ما أدى إلى خلق العالم الذي نراه اليوم.
ومع ذلك، لم تتوقف القارات عن الانجراف أبدا. وفي غضون 250 مليون سنة تقريبا، تشير عمليات المحاكاة الحاسوبية إلى أن القارة العملاقة قد تسود مرة أخرى.
وقالت هانا ديفيز، عالمة الجيولوجيا في مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض التابع لمركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض (GFZ) والتي تبحث في التغير القاري المستقبلي، لموقع “مشابل”: “قد ينتهي الأمر إلى أن يبدو مشابها إلى حد كبير لما كانت عليه بانجيا عندما كانت الديناصورات تتجول”.
وفي حين أنه من المؤكد أن القارات هاجرت وما زالت تهاجر، بسبب كثرة الأدلة من الصخور والحفريات، إلا أنه ما يزال من غير المؤكد كيف سيحدث هذا التغير الجيولوجي الهائل في العالم في المستقبل البعيد.
ومع ذلك، فإن التصورات التي أصبحت ممكنة بفضل الحوسبة الحديثة أعطت العلماء رؤية أفضل للمستقبل الجيولوجي لكوكبنا.
وأضاف داميان نانس، أستاذ الجيولوجيا المتميز من جامعة أوهايو: “ليس لدي أدنى شك في أننا سنرى قارة عملاقة أخرى. لدي الكثير من الأسئلة حول متى قد يحدث ذلك وكيف يمكن أن يبدو ذلك”.
ويوجد حاليا نحو أربع أفكار مرشحة رئيسية للقارة العملاقة التالية البعيدة. وتُظهر الرسوم المتحركة التي تم إنشاؤها باستخدام برنامج يبني ويصور النشاط الجيولوجي على الأرض، قارة عملاقة، يطلق عليها اسم “أوريكا”، تتشكل بالقرب من خط استواء الأرض. وينغلق المحيط الهادئ، وفي النهاية ينغلق المحيط الأطلسي أيضا.
وفي سيناريو آخر للقارة العملاقة يسمى “أماسيا”، تنجرف القارات الحالية نحو الشمال، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وتتجمع حول القطب الشمالي.
وفي ظل نظام جيولوجي مختلف يسمى “نوفوبانجيا”، تستمر القارات في التحرك إلى حد كبير كما هي اليوم، ويستمر المحيط الأطلسي في التوسع، لكن المحيط الهادئ المترامي الأطراف ينغلق.
أما السيناريو الرابع فإنه ينطوي على تكوين قارة عظمى تسمى “بانجيا ألتيما” الاستوائية، حيث تتشكل القارات حول المحيط الأطلسي الذي يتوقف عن التباعد.
وفي العام الماضي، استخدمت مجموعة من العلماء حاسوبا خارقا لنمذجة المناخ في قارة عملاقة مثل “بانجيا ألتيما”، ووجدوا أنها ستستضيف بيئات سطحية غير مضيافة (نظرا لارتفاع النشاط البركاني، والحرارة في المناطق الاستوائية، ونقص التبريد البحري في المناطق الحارة الداخلية). ومن دون تطور، من المحتمل ألا تتمكن العديد من الأنواع من البقاء على قيد الحياة على جزء كبير من الأسطح الحارقة.
وأشار العلماء إلى أن القارة العملاقة التالية، سواء كانت “أوريكا”، أو “أماسيا”، أو “نوفوبانجيا”، أو “بانجيا ألتيما”، ربما لن تكون الأخيرة على الأرض. وستنزلق القارات فوق عباءة الأرض الساخنة، وهي منطقة سميكة من الصخور شبه الصلبة، والتي تقوم بالحمل الحراري وتحرك القارات إلى الأعلى.
ولا يتوقع الجيولوجيون أن تتوقف هذه العملية لفترة طويلة جدا. وفي الواقع، من المحتمل أن تكون القارات في دورة قارة عظمى بطيئة الحركة، حيث تتقارب كتل اليابسة الضخمة بشكل متكرر، ثم تتفكك، ثم تتقارب مرة أخرى.
وأوضحت ديفيز: “قد ينتهي بنا الأمر إلى ست أو سبع دورات للقارات العملاقة طوال تاريخ الأرض”، مشيرة إلى أن الكوكب ربما كان لديه بالفعل أربع أو خمس قارات عملاقة.