هلا نيوز-وكالات
أصدرت مؤسسة القانون من أجل حقوق الإنسان “الحق”، ورقة حقائق عن واقع مرضى الفشل الكلوي في قطاع غزة، في ظل استمرار الإبادة الجماعية، والظروف المعقدة والمخاطر الحقيقة المحدقة بحياة بالمرضى.
وتطرقت ورقة الحقائق إلى مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي الإبادة الجماعية في قطاع غزة، واستهداف السكان المدنيين في هجماتها الحربية، وممتلكاتهم على نطاق واسع، وتعمد مهاجمة، وتدمير الخدمات والطواقم الطبية، والمستشفيات، والمراكز التخصصية التي تقدم الرعاية الصحية للمرضى، وتعرقل وصول الأجهزة والمعدات الطبية، والمحروقات اللازمة لتشغيلها، وتعرض حياة المرضى والجرحى للخطر وتضاعف من معاناتهم، وحرمان المرضى والجرحى من المدنيين من الوصول إلى الرعاية الصحية، وحرمانهم من الحصول على الغذاء الكاف.
وأشارت إلى أن مرضى الفشل الكلوي في قطاع غزة يواجهون ظروفا معقدة وخطيرة، نتيجة تدمير 5 مراكز متخصصة في تقديم خدمات الغسيل الكلوي من أصل 7، مع استمرار النقص الحاد في الأدوية، والمستلزمات الطبية، واستمرار العراقيل، ومهاجمة المناطق السكنية، والتهجير القسري للسكان، وإجبار المرضى على ومغادرة المستشفيات بغض النظر عن حالتهم الصحية في تعمد لقتلهم، وهو ما تسبب فعليا في وفاة العديد منهم، نتيجة عدم قدرتهم على تلقي العلاج، وسوء التغذية الناجم عن سياسة التجويع.
وفيما يلي أهم ما ورد في ورقة الحقائق:
وفيما يلي أهم ما ورد في ورقة الحقائق:
استهداف المنظومة الصحية وأثره على مرضى الفشل الكلوي في قطاع غزة:
تسببت الهجمات الحربية في استشهاد (476) من الكوادر الطبية وأصحاب الاختصاص الطبي، واستهدفت (155) مؤسسة صحية ودمرتها بشكل كلي وجزئي، وأخرجت (32) مستشفى و(53) مركزا صحياً عن الخدمة، وعرقلت وصول الوقود إلى المستشفيات المتبقية، ما أفقد المستشفيات قدرتها العلاجية والاستيعابية، وباتت الطواقم الطبية تعالج الجرحى والمرضى بإمكانيات متواضعة
ويبلغ عدد مرضى الفشل الكلوي قبل العدوان على قطاع غزة نحو (1,100) مريض، كانوا يتلقون العلاج وجلسات الغسيل الكلوي في (7) مراكز، هي: مجمع الشفاء الطبي، ومركز نورة الكعبي في شمال غزة، ومستشفى الرنتيسي للأطفال، ومستشفى القدس، ومستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، ومجمع ناصر الطبي بخان يونس، ومستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح.
ويبلغ عدد مرضى الفشل الكلوي قبل العدوان على قطاع غزة نحو (1,100) مريض، كانوا يتلقون العلاج وجلسات الغسيل الكلوي في (7) مراكز، هي: مجمع الشفاء الطبي، ومركز نورة الكعبي في شمال غزة، ومستشفى الرنتيسي للأطفال، ومستشفى القدس، ومستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، ومجمع ناصر الطبي بخان يونس، ومستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح.
دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال هجومها العسكري على القطاع جميع المراكز المتخصصة في تقديم خدمة الغسيل الكلوي باستثناء القسمين الموجودين في مستشفيي شهداء الأقصى، وأبو يوسف النجار، الأمر الذي يهدد حياة المرضى ويحرمهم من حقهم في العلاج.
ترافق التهجير القسري للسكان من شمال غزة ومدينة غزة، مع تدمير المراكز الطبية وأقسام الكلية الصناعية بما فيها من أجهزة، مما تسبب في خلل كبير في توزيع المرضى، وخلق ضغط كبير على القسمين الوحيدين في مستشفى شهداء الأقصى ومستشفى أبو يوسف النجار، بحيث لم تُلبى الحاجة الحقيقة في حدودها الدنيا للمرضى.
وكشفت المصادر الطبية أن (18) مريضاً توفوا في قطاع غزة نتيجة عدم قدرتهم على تلقي العلاج وجلسات الغسيل الكلوي في المراكز والمستشفيات، فيما استشهد 10 منهم نتيجة الهجمات العسكرية.
ويهدد استمرار النقص والعجز في الأدوية والمستلزمات والمستهلكات الطبية، وخاصة الأدوية المثبطة للمناعة، حياة المرضى بما فيهم (500) مريض تمكنوا من زراعة كلى داخل وخارج فلسطين، وهؤلاء المرضى معرضون لطرد أجسامهم للكلية المزروعة أو فشل عملها ويخشى أن يعودوا لغسيل الكلى حال استمرار هذا العجز في الأدوية.
واقع مرضى الفشل الكلوي خلال العدوان على قطاع غزة:
كان يحصل مرضى الفشل الكلوي في مستشفى شهداء الأقصى في السابق على الخدمة من خلال (21) جهاز غسيل كلوي، من بينها جهازين معزولين في غرف ومخصصين لمرضى الكبد الوبائي، وكانوا يخضعون إلى 3 جلسات منتظمة في الأسبوع بواقع (10-12) ساعة، حتى يتم إزالة السموم والسوائل من جسم المريض.
ارتفع عدد مرضى الفشل الكلوي الذين يتلقون الخدمة في مستشفى شهداء الأقصى من 144 مريضا إلى 440 مريضا، حيث تم إضافة 3 أجهزة غسيل كلى أخرى بصعوبة بالغة نظراً لضيق ومحدودية المكان، منهم جهاز مخصص للأطفال، وأصبح في القسم 24 جهاز غسيل كلى، من بينها 4 أجهزة تخطت ساعات العمل الرسمية بما يفوق 25 ألف ساعة عمل.
دفع ارتفاع عدد مرضى الفشل الكلوي، الذين يترددون على قسم الكلية الصناعية، بالإضافة إلى شح الإمكانيات، إدارة مستشفى شهداء الأقصى إلى تقليص عدد جلسات الغسيل الكلوي وساعاتها، فأصبح المريض يتلقى 4 ساعات في الأسبوع على جلستين، وهذا تسبب في تراكم السموم وزيادة السوائل ومضاعفة الخطورة على حياة المرضى، ونتيجة الضغط الكبير وزيادة ساعات العمل على الأجهزة وعلى محطة معالجة المياه تتكرر الأعطال.
بلغ عدد مرضى الفشل الكلوي في محافظة رفح قبل العدوان 115 مريضا، كانوا يتلقون الخدمة من خلال (18) جهازا في مستشفى أبو يوسف النجار حيث يخضع المريض ل (3-4) جلسات في الأسبوع، تتراوح مدة الجلسة ما بين 3 إلى 4 ساعات.
بعد العدوان وتدمير مراكز وأجهزة الغسيل الكلوي في غزة وشمالها وخانيونس، ونزوح السكان إلى جنوب القطاع، ارتفع عدد المرضى إلى حوالي (600) مريض، ولم تتمكن إدارة المستشفى من إضافة سوى جهاز واحد ليصبح عددها (19) جهازاً، خصص أحدهم لمرضى الكبد الوبائي، وعلى ضوء هذا العجز والضغط الكبير اضطرت المستشفى إلى خفض عدد الجلسات إلى جلستين أسبوعيا، وتقليص مدة الجلسة لتصبح ما بين (2-3) ساعات.
يعمل قسم غسيل الكلى في مستشفى أبو يوسف النجار على مدار الساعة وبدون إجازات، وبدون فواصل بين الجلسات نظراً لضغط العمل وارتفاع أعداد المرضى ونقص الأجهزة والمستلزمات الطبية يوجد في القسم (3-5) أجهزة غسيل كلوي تتكرر فيه الأعطال ويتم إصلاحها.
تكشفت الفحوصات والتحاليل التي يتم إجراؤها لمرضى الفشل الكلوي بأن السموم في أجساد المرضى تفوق المستوى الطبيعي نتيجة سوء التغذية، واعتماد المرضى في الأطعمة على المعلبات التي تحتوي على مواد حافظة وأملاح، وعدم وجود أغذية غنية بالبروتينات وأطعمة صحية تغذي المناعة لمرضى الفشل الكلوي.
أفادت السيدة/ عائشة محمد حسن مطر البالغة من العمر (68) عاماً، من سكان مخيم جباليا، والتي تعاني من مرض الأورام والفشل الكلوي، بما يلي:
“منذ ثلاث سنوات أصبت بالفشل الكلوي، بالإضافة إلى مرض الأورام، كنت أتلقى جلسات الغسيل الكلوي في مركز نورة الكعبي شمال غزة، وخضعت في هذا المركز على جلسات العلاج بشكل منتظم وبساعات كافية حيث أنني كنت أخضع لجلسات الغسيل الكلوي يوم بعد يوم بواقع 4 ساعات في اليوم، لكن نتيجة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتدمير مركز نورة الكعبي اضطررت للنزوح بتاريخ 22/11/2023، إلى جنوب مدينة غزة، وبسبب صعوبة الأوضاع المالية وعدم قدرتي على دفع ثمن المواصلات تعمدت البحث وإيجاد مأوى عبارة عن كرفان قريب من مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح حتى أتمكن من حضور جلسات العلاج”.
واقع مستشفى شهداء الأقصى مختلف تماماً وقاسي فالمكان ضيق وفيه ازدحام شديد من المرضى وأحصل على جلسات العلاج فقط يومين في الأسبوع بواقع ساعتين في اليوم وهذا غير كاف ويسبب لي تسمم في الدم فعدد الساعات لا تساعد على تنظيف الجسم من السموم، لكن إدارة المستشفى بررت تقليص عدد الأيام وساعات الجلسات بسبب الأعداد الكبيرة من المرضى. ولا تتوقف معاناتي على هذا فحسب، بل إن النظام الغذائي لا يتناسب مع حالتي الصحية، حيث أعتمد في قوت يومي على المعلبات التي نتسلمها من المؤسسات، ولا يوجد لحوم ولا فواكه ولا خضروات ولا مياه معقمة وهذا أثر على حالتي الصحية فجميع الأغذية بها مواد حافظة وأخبرني الطبيب أنها لا تصلح لمرضى الفشل الكلوي وبسبب سوء التغذية أخبرني المختبر أنني أعاني من فقر الدم حيث بلغت نسبة الدم عندي (5.5).
وبخصوص خدمة الغسيل الكلوي في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح، أفادت المريضة إكرام محمود طه عبيد البالغة من العمر (57) عاما، وتسكن مع عائلتها المكونة من (5 أفراد)، في شارع الصفطاوي، في شمال غزة، ٍما يلي:
“أعاني من مرض الفشل الكلوي منذ حوالي (8 سنوات)، وكنت أتلقى جلسات غسيل كلى من 3 إلى 4 مرات أسبوعياً. لكن بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة اضطررت بتاريخ 20/11/2023 إلى النزوح برفقة عائلتي من منطقة سكناي في شمال غزة إلى المحافظة الوسطى، وتوجهت إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، من أجل استئناف جلسات غسيل الكلى، لكنني فوجئت بوجود أعداد كبيرة من مرضى الفشل الكلوي داخل القسم بالإضافة إلى أن مساحته ضيقة وأعداد أجهزة الغسيل محدودة”.
واجهت معاناة كبيرة نتيجة عدم انتظام جلسات غسيل الكلى وتخفيض مدة الجلسة ونقص الأدوية وخاصة حقن (الهيبارين)، وكنت أضطر للانتظار ساعات وأيام لتلقي جلسة الغسيل، وهذا تسبب في انخفاض معدل الدم وارتفاع معدل المياه وزيادة معدل السموم في جسمي، وتدهورت حالتي الصحية وبدأت أعاني من ضعف في عمل عضلة القلب وتحولت إلى مريضة قلب. استمرت معاناتي على هذا النحو لمدة شهرين ونصف. واضطررت إلى النزوح مرة أخرى إلى محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة نتيجة عمليات القصف المتواصلة على التجمعات السكنية في محافظة الوسطى، وتوجهت إلى مستشفى أبو يوسف النجار للحصول على جلسات الغسيل لكنني فوجئت بأعداد كثيرة من مرضى الفشل الكلوي تتردد على المستشفى، ولاحظت وجود ضغط كبير على الأجهزة في قسم الكلية الصناعية، ومن أجل الحصول على جلسة الغسيل أتوجه في ساعات الصباح الباكر إلى مستشفى أبو يوسف النجار كي أتمكن من حجز موعد، وأنتظر مدة 48 ساعة حتى يحين موعد جلسة الغسيل، ويسمح لي بجلسة غسيل مدتها ساعتين من أصل 3 ساعات، وأحياناً في الأسبوع أخضع لجلسة واحدة وفي بعض الأحيان لجلستين، ونتيجة لذلك ازدادت وتضاعفت معاناتي … وأصبحت أعاني من ظهور تقرحات في جسدي، والتهابات تظهر على الجلد، وأشعر بهزال دائم في جسمي، وضعف شديد في الحركة، بسبب عدم انتظام جلسات غسيل الكلى وعدم توفر سيارة إسعاف تنقلني إلى المستشفى”.
وخلصت ورقة الحقائق إلى أن مرضى الفشل الكلوي في قطاع غزة بما فيهم المرضى الذين زرعوا كلية حديثاً، يواجهون ظروف بالغة الخطورة على حياتهم، نتيجة شح الإمكانيات، والعجز في الأدوية، وتقليص ساعات الغسيل، كما تتضاعف الخطورة عليهم، في ظل النظام الغذائي الذي يفتقر إلى الأطعمة السليمة والمناسبة لهذه الفئة، ونتيجة لذلك يفقد العديد من المرضى حياتهم لاسيما بعد تدمير المرافق، والمراكز الطبية المتخصصة، وعدم قدرة الكثير منهم على الوصول، والحصول على العلاج، وجلسات الغسيل نتيجة تدمير المراكز، وحصار المناطق السكينة، وعدم القدرة على دفع تكاليف المواصلات.
ودعت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، مركز الميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق، منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية المعنية بالحق في الصحة ووزارة الصحة الفلسطينية، إلى المسارعة في إنشاء مراكز لغسيل الكلى في المناطق الغربية من محافظات الجنوب، على أن تكون قريبة من مخيمات النازحين، وتزويد القطاع بأجهزة ومستلزمات ومستهلكات طبية بما يكفل استيعاب أعداد المرضى وتقديم خدمة الغسيل وفق الأصول بما يحمي حياة المرضى.
وأهابت بالمؤسسات الاغاثية أن تسارع إلى تقديم مساعدات غذائية مناسبة لمرضى الفشل الكلوي كالخضروات، واللحوم، والمياه المعدنية، بما يساعد في تعزيز مناعتهم ويجعل أجسادهم قادرة على تحمل عمليات الغسيل، فإننا نطالب:
كما دعت المجتمع الدولي بالقيام بواجباته والتدخل العاجل لوقف سياسية استهداف المرافق الصحية وسياسة التجويع، وفرض وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وضمان انسحاب قوات الاحتلال، وإنهاء حصارها المفروض على القطاع، انسجاما مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2728 الصادر بتاريخ 25 مارس/آذار والتدابير الاحترازية التي فرضتها محكمة العدل الدولية.
ودعت المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة، ولا سيما منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية التي تعنى بالرعاية الصحية، بسرعة توفير المعدات والأجهزة الطبية في المراكز الصحية، وضمان توفير المساعدات، والمواد الغذائية السليمة، والتي تناسب حالة المرضى، وتوسيع حجم الدعم الموجه للمرضى، وللمستشفيات لحماية حياتهم.