في بضعة ثوان، قضى زلزال شانشي العظيم الذي ضرب الصين قبل 468 عاما على 830 ألف شخص، ويعد بذلك الزلزال الأكثر جسامة في التاريخ البشري من حيث عدد الضحايا.
هذا الزلزال الهائل يقدر العلماء قوته التدميرية بـ 8.7 درجة، وكان مركزه في مقاطعة شانشي، وهي واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في الصين، وكانت أيضا مركزا للنشاطات التجارية والزراعية.
في ذلك الزلزال الذي ضرب المنطقة في الصباح الباكر يوم 23 يناير عام 1556، تم تدمير بعض القرى وتسويتها بالكامل بالأرض، ولم يتبق سوى عدد قليل من السكان على قيد الحياة، فيما وتوفي آخرون في الأيام والأسابيع التالية، علاوة على ملايين من المصابين بجروح خطيرة.
مركز الزلزال تحديدا كان في وادي نهر وي، وهو الرافد الأيمن للنهر الأصفر، ويقع في منطقة هواتشو بمقاطعة شانشي بشمال الصين.
لم تكن الزلازل غريبة على وادي نهر وي، نتيجة لوقوعه داخل خطوط صدع رئيسية ثلاثة، وكانت المنطقة شهدت ما لا يقل عن 26 زلزالا قبل ذلك، إلا أن زلزال عام 1556 كان مختلفا وشديد التدمير.
على ذلك الزلزال تطلق أسماء مختلفة، فهو “جياجينغ” لأنه وقع في عهد الإمبراطور الذي يحمل هذا الاسم، والزلزال الصيني، ولكن في الغالب يسمى زلزال شانشي العظيم.
الزلزال أثر بشكل ملموس على أكثر من 97 من المقاطعات الصينية ومنها، شنشي وشانشي وخنان وقانسو وخبي وشاندونغ وهوبى وهونان وجيانغسو وآنهوي، في حين تجسدت قوة الهزات الأرضية في شقوق وحفر بالأرض بلغ عمقها 20 مترا، وقد امتلأت على الفور بالماء والوحل الذي حملته السيول الطينية، وغرق السكان في تربة من المستنقعات، وكان يمكن معاينة الدمار داخل دائرة نصف قطرها 850 كم من مركز الكارثة الزلزالية.
في مقاطعة شانشي، لقي أكثر من 60٪ من السكان مصرعهم، وتم إخلاء بعض المناطق بالكامل من السكان، فيما يرجع هذا العدد الهائل من الضحايا إلى أن معظمهم كان يسكن في مبان لم تكن مقاومة للهزات الأرضية، وفي كهوف ترابية محفورة بسفوح تلال من الصخور الرسوبية، التي انهارت مع الهزات الأولى، علاوة على أن الزلزال داهم السكان في الصباح الباكر.
في ذلك الوقت كان يعتقد أن البقاء داخل المنازل أثناء الزلزال خيارا آمن، ولذلك، توفى العديد من السكان من دون أن يحاولوا الخروج من مأويهم، في حين أن المباني التي نجت مثل معبد وايلد غوس في شيان، غاصت بأساساتها في الأرض بعمق مترين.
الراهب البرتغالي غاسبار دا كروز الذي كان في ذلك الوقت يزور الصين كتب يقول: “في شتاء عام 1556، وقع زلزال كارثي في شانشي والمقاطعات المحيطة بها. حلت العديد من المشاكل والمصائب … لقد غيرت الجبال والأنهار موقعها، ودمرت الطرق. ارتفعت الأرض فجأة في بعض الأماكن وظهرت تلال جديدة، أو على العكس من ذلك، غاصت أجزاء من التلال السابقة تحت الأرض، وذابت وتحولت إلى سهول جديدة”.
بعد الكارثة الزلزالية الأولى، استمرت الهزات الارتدادية ما بين 3-5 مرات في الشهر لمدة ستة أشهر، وحدثت تقلبات أرضية أخف ولمدة ثلاث سنوات، ولم تهذا المنطقة تماما إلا بعد خمس سنوات.
الجدير بالذكر أن زلزال شانشي على الرغم من أنه تسبب في مقتل هذا العدد الهائل من البشر، وسوى بالأرض الجبال وغير مجرى الأنهار، وتسبب في فيضانات واسعة النطاق ومدمرة، إلا أنه لا يعد الزلزال الأقوى في التاريخ. هذه المرتبة من نصيب زلزال فالديفيا في تشيلي عام 1960، وبلغت قوته 9.5 درجة من مقياس ريختر، لكن سبب الخسائر البشرية الهائلة في زلزال شانشي أنه ضرب منطقة ذات كثافة سكانية عالية جدا.