ربطت دراسة جديدة بين جائحة الطاعون الثانية، المعروفة باسم الموت الأسود، والتغيرات في الميكروبات الحيوية الفموية البشرية.
وكشفت نتائج الدراسة أن الموت الأسود ربما ساهم في حبنا للوجبات السريعة اليوم.
وأدت جائحة الطاعون الثانية في منتصف القرن الرابع عشر إلى مقتل ما يصل إلى 60% من سكان أوروبا. وتسببت في الحمى والتعب والقيء بالإضافة إلى تورمات كبيرة ومؤلمة تسمى الدبل في الفخذين والرقبة والإبطين والفخذ.
وتم توثيق تداعيات حدث الوفيات الجماعية هذا جيدا، لكن دراسة حديثة من ولاية بنسلفانيا وجامعة أديلايد تلقي ضوءا جديدا على إرث الموت الأسود وأشارت إلى أنه قد يكون مرتبطا بحبنا للوجبات السريعة اليوم، بسبب التغيرات الحاصلة في النظام الغذائي والنظافة خلال تلك الفترة.
وكشف تحليل لويحات الأسنان المتكلسة من الهياكل العظمية التي تمتد لآلاف السنين أن البكتيريا السائدة الموجودة في أفواهنا اليوم ترتبط بالأنظمة الغذائية منخفضة الألياف وعالية الكربوهيدرات، وكذلك استهلاك الألبان.
وقالوا إن كل هذه العوامل تميز الأنظمة الغذائية الحديثة، مثل الوجبات السريعة، وربما تكون الأحداث العالمية، مثل الموت الأسود، قد أدت إلى هيمنة هذه البكتيريا.
ويُعتقد أن التغييرات في النظام الغذائي والنظافة في جميع أنحاء المناطق التي شهدت الطاعون قد أثرت على الميكروبيوم الفموي لدينا، وهو مجتمع الكائنات الحية الدقيقة، ومعظمها من البكتيريا، الموجودة في أفواهنا.
ومن المعروف أن هذا الخليط من البكتيريا داخل الجسم مرتبط بصحة المناعة والقلب والدماغ، ولكن يمكن أن يرتبط أيضا بأمراض معينة.
وقالت البروفيسورة لورا ويريش، من ولاية بنسلفانيا: “ترتبط الميكروبيومات الحديثة بمجموعة واسعة من الأمراض المزمنة، بما في ذلك السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية وضعف الصحة العقلية. إن الكشف عن أصول هذه المجتمعات الميكروبية قد يساعد على فهم هذه الأمراض وإدارتها”.
وقامت لورا وفريقها بجمع مواد من أسنان 235 شخصا دُفنوا في 27 موقعا أثريا في إنجلترا واسكتلندا من نحو 2200 قبل الميلاد إلى 1835 بعد الميلاد.
وبعد فحص العينات، حددوا 954 نوعا ميكروبيا في مجتمعين مختلفين من البكتيريا.
وسيطر على أحدهما جنس “المكورة العقدية” (Streptococcus)، وهي شائعة في أفواه الأشخاص المعاصرين، والآخر سيطر عليه جنس Methanobrevibacter، الذي يعتبر الآن منقرضا إلى حد كبير لدى الأشخاص الأصحاء.
وكشف التحليل أن ما يقارب 11% من التباين في الميكروبيومات التي اكتشفوها يمكن تفسيرها بالتغيرات على مدار التاريخ، بما في ذلك وصول الموت الأسود.
وأوضحت البروفيسورة ويريش: “نحن نعلم أن الناجين من جائحة الطاعون الثانية حصلوا على دخل أعلى ويمكنهم شراء الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية. ومن المحتمل أن يكون الوباء قد أحدث تغييرات في النظام الغذائي للناس، والتي أثرت بدورها على تكوين الميكروبات الموجودة في الفم. وهذه هي المرة الأولى التي يُظهر فيها أي شخص أن الميكروبات الموجودة في أجسامنا ربما تأثرت بعوامل مثل الأوبئة السابقة”.
نشرت الدراسة في مجلة Nature Microbiology.