وأضاف عبيدات، خلال ندوة “اللغة العربية لغة الشعر والفنون” التي نظمتها كلية الآداب احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، بالقول “لن نرضى لخريجينا إلا أن يملكوا سلاح العصر، سلاح اللغة العربية والإنجليزية، ولا ضير من تعلم غيرهما، وستعمل الجامعة على مراجعة المناهج إذ أصبحت معظم قاعات الجامعة قادرة على محاكاة التكنولوجيا، وأنّ التحديث سيتواصل لنصبح قادرين على مواجهة التحدي الكبير”.
وأعلن عبيدات أن مجلس العمداء قرر، لإيفاء اللغة العربية حقها، تدريس ست ساعات معتمدة فيها موجّهة إلى جميع طلبة الجامعة الأردنية الذين يدخلونها بعد اليوم، كي يزيد القوي فيها قوة وإتقانا، وليصبح الضعيف بهمّة الأساتذة قويا، رغبة بألا يصيب لغة القرآن ضعف.
وأكد عبيدات أن الجامعة تريد أن يُقدِمَ طلبتها وخريجوها على النطق بأحرفها وجملها بلا خوف أو جزع أو تردد، وأن يمتلكوا مهارات اللغة العربية، ويتقنوا فن الكلام بحروفها، مشيرًا إلى أنّ من امتلك القوة وأتقن اللفظ السليم بالعربية، فقد امتلك قوة العقل وحكمته وفخامة الشخصية واللسان.
ولفت عبيدات إلى أن اللغة في الآونة الأخيرة اعتراها بعض التشوه، وأصاب شيء من الضعف من جاء ليتعلمها، إلا أن الأمل ما زال معقودًا على أساتذتها، معبّرًا بأنّه يرى فيهم قوة وإصرارا على تحقيق أمل الناس بأن تصدح حروف العربية وكلماتها بقوة من جديد.
وأكد أنه لا تفريط بلغة الآباء والاجداد، لغة القرآن التي وسعت كتاب الله لفظا وغاية، لافتًا إلى أنّ الحديث والاحتفاء باللغة العربية يجيء لكي يحلّ الحب والجمال، ويبلغ العقل حكمته، مؤكدًا أن العربية وُجدت ونمت وستبقى فخرا للعرب في كل مكان.
وأضاف بأننا في يوم اللغة العربية العالمي نستذكر جمالها وجمال صورها، وعمق أفكار من ينطقون بها، وأنّه وإن اعتراها بعض الضعف والوجع، يعمد الأدباء والشعراء وأساتذة اللغة على مداواتها، وأنّه ما دام في الأردنية أساتذة بهذا التميّز، فلا بد أن يزول الخوف، فهم يملكون أسباب النجاح لتحقيق الهدف المنشود، واصفًا إيّاهم، جرّاء امتلاكهم ناصية اللغة، بأصحاب السطوة والقوة والتأثير.
واختتم عبيدات بالقول إن لغتنا العربية ستبقى سيدة اللغات وأجملها، وستبقى الأردنية واحة للعلم والمحبة والجمال، وسيبقى الأردنُّ الوطنَ والأرضَ والشعبَ الذي فيه نعيش ونحيا ونغرّد ألحانًا ونقول على ترابه أشعارًا، وستبقى قيادتنا الهاشمية الحامية لعزّتنا والراعية لتقدمنا.
بدوره، قال عميد الكلية الدكتور محمد القضاة “إن العربية اليوم هي لغة الحياة وهويّة الأمة، والوعاء الذي يحوي حضارتها وفكرها وتراثها، وسبب الحديث عنها في هذا اليوم العالمي يرجع إلى أن لها في أعناقنا دين لا بدّ له من الوفاء، وبعض الوفاء يفرض علينا أن ننهض بها وندافع عنها بحيث تعيش معنا في محاضراتنا ومناهجنا وإعلامنا وتعليمنا؛ كائنًا حيًّا ينمو ويتطوّر ويزدهر، ويكون في المكانة التي يستحقّها جوهرًا لانتمائنا القوميّ؛ حتى تكون قادرةً على الاندماج في سياق التطوّر التعليمي والعلميّ والمعرفيّ، لتصبح أداةً من أدوات التعليم والتحديث لمواجهة محاولات التغريب والتشويش التي تتعرّض لها ثقافتنا؛ خاصّة أنّ المشكلات التي تعترض طريق اللغة العربيّة كثيرة، غير أنّ أكثرها خطرًا أبناؤها الذين تزعزعت ثقتهم بلغتهم، وقلّ اعتزازهم بموروثهم الثقافيّ والحضاريّ”.
وأضاف بأن قسم اللغة العربية، القسم الذي انطلق مع تأسيس الجامعة الأردنية، مطالب بأن يبادر في طرح المبادرات الخلاّقة التي تعيد للعربية حضورها وألقها، مشيرًا إلى أنّ أقسام اللغة العربية هي الركيزة الأساسية في تعليم اللغة والحفاظ عليها، الأمر الذي يستدعي إشراك المتعلمين في حوارات ونقاشات لغوية مكثفة، وحثهم على القراءة لتنمية قدرتهم على الحوار والتحدث بالفصيحة بطلاقة وسلاسة، مؤكّدًا أنّ أبواب المبادرات في هذا الاتجاه لا تعد ولا تحصى.
وزاد قائلا بأن اللغة تُكتسب بالدُّربة والممارسة وتنمية المهارات اللغوية والابتعاد عن أسلوب التلقين في التعليم، وأنّه يجب التركيز على تدريس اللغة العربية بوصفها وحدة متكاملة دون الفصل بين فروعها.
وقال رئيس قسم اللغة العربية الدكتور معاذ الزعبي عريف الحفل “أنه لعلّ أفضل خدمةٍ نقدّمها للغتنا أن نُعنى بتنشئة جيل يحترم لغته، يؤمن بها ثمّ يقدّمها، لتكون عنوان حياته، وسؤاله الدائم، لتبقى الدعوةُ إلى العربيّة حيّة عالية من خلال رسلها في أرجاء الدنيا، وهي دعوة لزملائي في قسم اللغة العربيّة لنصوغ المفردات التي يحتاجها طالبنا يتجاوز بها أبرز التحديات التي تواجهه، ولنشعره بعظم الأمانة التي يحمل”.
وقالت مقررة اللجنة الثقافية الدكتورة سهى نعجة إن العربية وسيلة وغاية، فهي وسيلة بقدر ما تستثمر دوالّها إفرادا وتركيبا وحقيقة ومجازا في التواصل الحياتي: العام والخاص، وفي نقل الحقائق المعرفية والكونية المألوفة، وفي التعبير عنها اتفاقا وافتراقا، وهي غاية بقدر ما تنزاح عن المعيار وتتجاوز الحقيقة وتحرّك الساكن، وتروض الشاذ وتوقظ الدهشة، وتفجر الطاقات الكامنة في الأصل لمد الفروع، وبقدر ما تحترف الصهيلَ دوالُّها، وتمطر النفسَ مدلولاتُها، وباستثمارها ما أمكن مما تتيحه قوانينها الصوتية والصرفية والنحوية.
وتخللت فعاليات الندوة فقرة قدمها طلبة من قسم اللغة العربية تناولت مبارزة وسجالات أظهروا فيها إبداعاتهم الشعرية ومهاراتهم في الإلقاء.
وفي ختام الندوة، كرّم رئيس الجامعة رفقة عميد الكلية أستاذ اللغة العربية الدكتور محمد عواد والدكتور شكري الماضي، اللذين يعدان من أعلام قسم اللغة العربية ولهما بصمة في صناعة أجيال نمت على حب اللغة.
وعبر عواد والماضي عن شكرهما للجامعة، ممثلة برئيسها، على تكريمهما والاحتفاء بيوم العربية؛ يوم الكلمة وهوية الأمة العربية واللسان الجامع بين أقطار الدول العربية، مطالبين بضرورة ربط العلاقة بين العربية ومنظومة القيم والأدب.
أما الجلسة الثانية، فأدارتها الدكتورة مها العتوم، وتناولت “العربية بيان وبنيان”، قدمها الدكتور عمر الفجاوي، و”اللغة العربية الخمياذية في الأندلس” قدمها الدكتور يوسف بني ياسين، و”في أروقة العربية: تأملات في المبنى والمعنى” قدمتها الدكتور حنان عمايرة، و”أرق المضمر وألق المعلن في النقوش الأندلسية” قدمتها الدكتورة فريال العلي، أما الطالبة آية عطية، فقدمت ورقة حول “الشيفرات النصية في السرد: التوابع والزوابع أنموذجا”.