هاجم الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر الجيش اللبناني المدعوم من الولايات المتحدة خلال الشهرين الماضيين، مما أثار قلق إدارة بايدن وانتقادات حادة من كبار المسؤولين الأمريكيين للقيادة الإسرائيلية.
وهاجم الإسرائيليون مواقع القوات المسلحة اللبنانية أكثر من 34 مرة منذ 7 أكتوبر، بما في ذلك بأسلحة صغيرة ومدفعية وطائرات بدون طيار وطائرات هليكوبتر، وفقًا لمسؤولين أمريكيين ومصدر أمني إقليمي وقائمة الوقائع التي جمعتها الولايات المتحدة.
وقال مسؤولون إن إدارة بايدن أبلغت إسرائيل أن الضربات غير مقبولة. وأشار مسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن بعض هذه الضربات على الأقل كانت بغير قصد، وكانت تستهدف جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية المسلحة القوية التي تنشط أيضًا على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية والتي استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية. لكن المسؤول قال إن النية خلف شن ضربات أخرى كانت أقل وضوحا، وربما لا يمارس بعض الجنود الإسرائيليين الصغار ضبط النفس بشكل كافٍ.
لكن نطاق الأحداث، التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا، أحبط المسؤولين الأمريكيين لأن الولايات المتحدة تعتقد أن الجيش اللبناني سيحتاج إلى أن يكون جزءًا من أي حل دبلوماسي نهائي بين إسرائيل ولبنان لتهدئة العنف الحالي.
وتشعر الولايات المتحدة أيضاً بقلق عميق من أن النزاع بين إسرائيل وحماس في غزة قد يتوسع إلى الشمال، وقد عمل المسؤولون الأمريكيون مع إسرائيل ولبنان لمحاولة احتواء الحرب.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض لـCNN: “لقد كانت الولايات المتحدة واضحة في أننا لا نريد أن نرى هذا الصراع يمتد إلى لبنان، ونواصل حث الإسرائيليين على بذل كل ما في وسعهم ليُحددوا هجماتهم ويتجنبوا المدنيين والبنية التحتية المدنية والأراضي الزراعية المدنية وموظفي الأمم المتحدة والقوات المسلحة اللبنانية”.
وأردف المتحدث: “الولايات المتحدة فخورة بشراكتها مع القوات اللبنانية، وهي مؤسسة أساسية، ليس فقط للاستقرار والأمن في لبنان، ولكن للمنطقة بأكملها”.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على الفور على طلب CNN للتعليق.
وجدير بالذكر أن الجيش اللبناني ليس بقوة حزب الله الذي يحصل على التمويل والتدريب والأسلحة من إيران وهو واحد من أقوى القوات شبه العسكرية في الشرق الأوسط. لكن الدعم الأمريكي للجيش اللبناني يمنح واشنطن شريكًا في منطقة نشطة يمكنها العمل معه في مجموعة من الأولويات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب.
وأشار المسؤول الأمريكي الرفيع إلى أن الجيش اللبناني يحظى بشعبية كبيرة بين الشعب اللبناني، وعلى الرغم من أنه لا يُنظر إليه على أنه نظير مثالي في ميزان القوى العسكرية لحزب الله، إلا أنه بديل محايد تعتقد الولايات المتحدة أنه سيكون لاعباً مهماً في أي تسوية سلام مستقبلية.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الهجمات الإسرائيلية على الجيش اللبناني أدت إلى إصابة ثمانية أشخاص على الأقل ومقتل شخص واحد منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ووفقاً لقائمة أمريكية للضربات التي شاهدتها شبكة CNN، قُتل جندي لبناني واحد وأصيب ثلاثة آخرون في 5 ديسمبر/كانون الأول بعد أن أصابت أربع قذائف دبابات موقعاً على الخط الأزرق، وهو تحديد الأمم المتحدة للحدود بين إسرائيل ولبنان.
واعتذر الجيش الإسرائيلي وقال إن القوات المسلحة اللبنانية لم تكن هدف الضربة. لم يرد الجيش اللبناني على الضربة العسكرية، حسبما قال مسؤولون أمريكيون.
ومن بين الحوادث الأخرى في جنوب لبنان الغارات الإسرائيلية على موقعين للجيش اللبناني في 21 أكتوبر/تشرين الأول، مما أدى إلى تدمير نقطة مراقبة. وبعد ستة أيام، تعرضت دورية القوات المسلحة اللبنانية التي تضمنت قائد لواء لإطلاق نار مباشر، وفقاً لمسؤولين أمريكيين. وفي 8 ديسمبر/كانون الأول عانى جندي لبناني من آثار الفوسفور الأبيض.
وجاء ذلك في أعقاب حادثة في أكتوبر/تشرين الأول حيث قيل إن إسرائيل استخدمت ذخائر الفوسفور الأبيض التي زودتها بها الولايات المتحدة وأصابت تسعة مدنيين على الأقل، وفقا لصحيفة واشنطن بوست. وقال البيت الأبيض إنه سيطلب إجابات من إسرائيل بشأن استخدامها للفوسفور الأبيض.
وقال مساعد بارز في الكونغرس: “استمرار الجيش الإسرائيلي في الضربات على مواقع الجيش اللبناني أمر مثير للقلق وغير مسؤول. القوات المسلحة اللبنانية هي قوة حاسمة ومستقلة دعمتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة باعتراف بدورها الهام في استقرار لبنان”، وأردف: “ويشارك العديد من أعضاء الكونغرس الإدارة في مخاوفها القوية بشأن مثل هذه التصرفات”.
ومع تصاعد وتيرة الضربات، أوضح مسؤولو الإدارة الأمريكية للقيادة الإسرائيلية أنهم بحاجة إلى توخي المزيد من الحذر، حسبما قال مسؤولون أمريكيون لشبكة CNN. وفي الوقت نفسه، تعمل الولايات المتحدة مع لبنان لمحاولة تهدئة العنف بين إسرائيل وحزب الله وتهدئة الحدود الشمالية. وتريد إسرائيل من حزب الله أن يتراجع شمال نهر الليطاني، الذي يبعد حوالي 18 ميلاً عن الحدود، حسبما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت.
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول، قُتل صحفي من وكالة رويترز وأصيب ستة صحفيون في قصف بالدبابات في جنوب لبنان أثناء تغطيتهم القتال.
وكان الصحفيون، الذين كانوا يرتدون سترات واقية زرقاء تحمل علامة “صحافة”، على قمة تلة مكشوفة بينما كانت طائرات الهليكوبتر والطائرات بدون طيار الإسرائيلية تحلق في الأعلى.
ووجدت التحقيقات التي أجرتها منظمتان لحقوق الإنسان وكذلك رويترز ووكالة فرانس برس أن الاستهداف كان على الأرجح متعمدًا. ووصفت هيومن رايتس ووتش الهجوم بأنه جريمة حرب محتملة.