هذا من أصعب الفصول التي مرّت عليّ.. أخذتُ 18 ساعة.. لم تكن حرب غزّة قد بدأت عندما أتممت التسجيل .. وعند الدوام؛ كنتُ أذهب للمحاضرة وفي عينيّ دموع لمجزرة جديدة.. وأخبار تتوالى لأشلاء متناثرة.. وأنا لستُ غِرًّا جديدًا على الوضع الراهن؛ بل هو من شتت شملي وحرمني من الدراسة مبكرًا.. أنا ابن السياسة واللهيب ولا أستطيع تجاهل الأحداث الكبيرة.. وما زال سجني الطويل في منتصف التسعينيات ماثلًا أمام عينيّ في سجني “الجويدة وسواقة” وللآن أحسب فراشي هناك بانتظاري دائمًا..!
المهم: في هذا الفصل تكسّرت حواجز كثيرة.. صار هناك لي زملاء من الطلاب يتحدثون معي.. بل يتصلون معي على التلفون ونتناقش بالمحاضرات وأمور أخرى ولعل أبرزهم صديقي الجديد “عبود الزعبي” طالب الحقوق الذي يحاول أن يجتهد ..!
صرتُ أدقق في الوجوه أكثر.. لاحظتُ أن نسبة الطالبات المدخّنات كبيرة.. يحترفن الالكتروني.. ما تكاد تمرّ من جانب طالبة حتى ترى الدخان يتصاعد .. لا أستنكر ولا أؤيد.. أنقل مشهدًا يتكرّر فقط..!
كنتُ أسوق سيارتي داخل الجامعة عندما أشّر لي شاب أربعيني فتوقفت وفتح باب السيارة وصعد وقال لي : عند المَطَب الأوّل..! ضحكتُ .. فالمطبّ الأوّل أمام ناظري ولا يبعد الآن سوى أقل من خمسين مترًا.. قلتُ له: تقصد هذا؟! قال وأدرك أنني لا أفهم في الحالة المرورية لشوارع الجامعة: لا لا .. المطب الأوّل يعني أوّل الجامعة من الباب الجنوبي.. الشارع داخل الجامعة ثلاثة مطبات الأول يبدأ من هناك.. ضحكتُ وقلت له: يعني زي الدوار الأول والدوار الثاني.. شاركني ضحكتي وقال: هيك تعوّدنا..!
استمع لـ”تهليسات” الجيل الجديد على بعضهم.. وأستمع لنهفاتهم مع وعن الدكاترة.. ويا ويل الدكتور الذي يطيح تحت ألسنتهم.. جيل يمتلك النكتة ولا يرحم أحد.. يعاملونني برفق.. وللحق كلّ من يعرف أنني “أبو وطن” يترك كلمة “عمو” ويناديني بـ”أبو وطن”.. وأجمل ما حدث لي أن هناك عددًا من الطلاب والطالبات طلبوا منّي أن أشرح لهم شيئًا من مادة ما؛ وجابوا أعلى مني في الامتحان..!
للحديث بقية أكيد.. انتظروني..
&&&&
كامل النصيرات