تختلف حياتنا الإنجابية إلى حد كبير عن تلك التي عاشها أسلافنا، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى الابتكارات الطبية التي حدثت خلال العقود القليلة الماضية.
وتعني الممارسات مثل التلقيح الصناعي، والبويضات والحيوانات المنوية المتبرع بها، وزرع الرحم، وتأجير الأرحام وتجميد البويضات، أنه بالنسبة للكثيرين، هناك الآن خيارات أكثر من أي وقت مضى بشأن الإنجاب.
ومع ذلك، على الرغم من هذا التقدم، ظل أحد جوانب التكاثر ثابتا: الحاجة إلى حمل (نمو) الأجنة في الرحم.
ولكن ماذا قد يحدث لمفاهيمنا عن الأبوة إذا مكنت التكنولوجيا من تنمية الأجنة خارج جسم الإنسان؟
حتى وقت قريب، كانت فكرة نمو الجنين خارج الجسم مجرد خيال علمي. لكن فرقا بحثية في الولايات المتحدة وأستراليا واليابان بدأت في تطوير أرحام صناعية. ومن المأمول أن تنقذ هذه التكنولوجيا يوما ما حياة الأطفال الخدج.
وقد تم بالفعل إجراء بعض التجارب على الحيوانات. وفي الوقت نفسه، يقوم فريق في هولندا بتطوير نظام مماثل باستخدام تكنولوجيا المحاكاة. ويحاكي هذا النهج ولادة الأطفال الخدج المبكرين للغاية باستخدام دمية مجهزة بأجهزة مراقبة متقدمة ونمذجة حاسوبية. وهذا يسمح للباحثين بفهم كيفية نمو الرضيع في بيئة تحاكي ظروف الرحم.
وعلى الرغم من أن هذا قد يكون بعد عدة عقود، إلا أن تقنيات الرحم الاصطناعي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى “النشوء الخارجي الكامل”، أي نمو الجنين من الحمل إلى “الولادة” بالكامل خارج جسم الإنسان، وبحسب علماء من جامعة لانكستر وجامعة شيفيلد.
ويوضح العلماء أن أحد العوائق التي تحول دون البحث في عملية “النشوء الخارجي الكامل” هو التشريع الحالي في جميع أنحاء العالم، والذي إما يحظر أبحاث الأجنة تماما أو يحظر نمو الأجنة البشرية للبحث لمدة تزيد عن 14 يوما.
ولذلك يسعى المجتمع العلمي إلى تغيير التشريعات حتى يتم إجراء هذا النوع من الأبحاث. ولكن من غير المعروف ما إذا كان مثل هذا التغيير سيحظى بدعم عام أم لا.
ويثير “النشوء الخارجي الكامل” أسئلة أخلاقية وقانونية واجتماعية مهمة، والتي يجب الإجابة عليها قبل أن يتم استخدامه، وفقا لستيفن ويلكنسون ونيكولا ويليامز من جامعة لانكستر، وسارا فوفارغ من جامعة شيفيلد.
والأرحام الاصطناعية قد تعطل المعايير الراسخة حول الأمومة بطرق أكثر عمقا، حيث لن تكون هناك “أم” على الإطلاق. وسيحتاج القانون إلى تحديد من هي الأم القانونية في مثل هذه الظروف، وما إذا كان هذا التعريف ينطبق على جميع الأمهات أم فقط عند استخدام تقنيات الرحم الاصطناعي.
وقد يؤدي “النشوء الخارجي الكامل” إلى تغييرات أكثر جذرية في الطريقة التي ننظر بها إلى الأبوة القانونية.
وستؤثر تكنولوجيا الرحم الاصطناعي أيضا على القرارات الشخصية التي يتخذها الناس بشأن الإنجاب.
مثل تجميد البويضات والتلقيح الاصطناعي، فإن الأرحام الاصطناعية ستمكن النساء على وجه الخصوص من إنجاب الأطفال في سن متقدم. ويمكن أيضا أن يسمح بحمل أجنة متعددة في وقت واحد.
ومن شأن تكنولوجيا الرحم الاصطناعي أن تسهل على المزيد من الناس إنجاب أطفالهم البيولوجيين، بما في ذلك النساء غير القادرات على الحمل لأسباب صحية. ويعني ذلك أيضا أن المرأة لن تضطر بعد الآن إلى الخضوع للمخاطر والأعباء الكبيرة المرتبطة بالحمل والولادة من أجل إنجاب الأطفال.
ويقول العلماء إن “النشوء الخارجي الكامل” ما يزال بعيد المنال، ولكن من المهم مناقشته الآن حتى نتمكن من الحصول على رؤية أكثر استنارة للقضايا التي يثيرها.
وكما هو الحال مع العديد من جوانب التكاثر البشري، قد تكون تكنولوجيا الرحم الاصطناعي مثيرة للخلاف.
ويرى البعض الرحم الاصطناعي كوسيلة لزيادة الاستقلالية والعدالة الإنجابية، بينما يراه البعض الآخر خطيرا، أو حتى تهديدا للقيم الأسرية التقليدية.