العديد من العلماء والأدباء العالميين حضروا المعرض العالمي الكبير الذي نظّم سنة 1851 بالعاصمة البريطانية لندن
ما بين يومي 1 أيار/مايو و15 تشرين الأول/أكتوبر 1851، حيث استضاف قصر الكريستال بالعاصمة البريطانية لندن أول معرض عالمي، بنسخته الحديثة.
ففي تلك الفترة، جاء هذا المعرض العالمي الذي حظيت بريطانيا بشرف استضافته ليعوض نسخة فرنسية سابقة منه عرفت بمعرض منتجات الصناعة الفرنسية الذي استمر ما بين عامي 1798، زمن الثورة الفرنسية، و1849.
تنظيم أول معرض دولي
نظّم المعرض العالمي الكبير لعام 1851 في لندن بمساهمة عدد من الشخصيات البريطانية المرموقة من أمثال الأمير ألبرت، زوج الملكة فيكتوريا، والعالم والمخترع السير هنري كول (Henry Cole) والمختص بالمجال الثقافي جورج واليس (George Wallis) إضافة للعديد من المؤسسات الصناعية والجمعيات الثقافية. ومع ظهوره لأول مرة، اتجه القائمون على هذا المعرض العالمي لعرض آخر التطورات التكنولوجية والاختراعات بمجال الصناعة بالعديد من الدول أملا في تكريس مبدأ التعاون الصناعي واللقاء الثقافي بين مختلف الشعوب.
من جهة ثانية، حاولت بريطانيا من خلال هذا المعرض الدولي إظهار مكانتها أمام الدول الأخرى كقوة صناعية مهيمنة ورائدة بالعالم. وأملا في بلوغ ذلك، أنشأت بريطانيا لجنة ملكية للإشراف على المعرض العالمي الكبير لعام 1851 ومراقبة مختلف مجرياته. ولاستضافة هذا الحدث العالمي، أنشأ البريطانيون، تحت إشراف المعماري جوزيف باكستون (Joseph Paxton) والمهندس تشارلز فوكس (Charles Fox)، بناية عملاقة، شيّد قسم كبير منها من الزجاج، بلغ طولها 563 متر وعرضها 138 متر.
وبداخلها، أنشأ المهندسون البريطانيون العديد من المرافق والأروقة التي زيّنت بالأشجار والمنحوتات. وحسب تقارير تلك الفترة، مثّل هذا المبنى الزجاجي، الملقب بقصر الكريستال، نجاحا معماريا للبريطانيين الذين شيّدوه في غضون تسعة أشهر.
في السنوات التي تلت المعرض العالمي، هدم البريطانيون هذا المبنى الزجاجي ونقلوه نحو منطقة أخرى بجنوب لندن لقّبت بكريستال بالاس (Crystal Palace). وخلال ثلاثينيات القرن الماضي، انهار هذا المبنى الزجاجي بسبب حريق.
ابتكارات صناعية هامة
حسب التصريحات البريطانية بتلك الفترة، زار نحو 6 ملايين شخص المعرض العالمي الكبير سنة 1851. وقد بلغت الزيارات أوجها يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر حيث حلّ ما يزيد عن 109 آلاف شخص للإطلاع على آخر التطورات الصناعية والثقافية. ومن ضمن الشخصيات العالمية التي زارت المعرض العالمي الكبير بلندن سنة 1851، يذكر التاريخ كلا من عالم الاجتماع كارل ماركس والمختص بعلم الأحياء وصاحب نظرية التطور تشارلز داروين والكيميائي مايكل فاراداي (Michael Faraday) والمخترع المختص بمجال الأسلحة النارية والمسدسات صمويل كولت (Samuel Colt) إضافة لأدباء من أمثال لويس كارول (Lewis Carroll) وتشارلز ديكنز (Charles Dickens).
شهد المعرض العالمي الكبير بلندن سنة 1851 استعراض العديد من المنتوجات والابتكارات التي تراوحت بين الأسلحة والحديد والأقفال ونماذج جهاز الداجيروتيب (Daguerréotype)، الذي مثّل نوعا مبكرا من التصوير، إضافة لأجهزة مخصصة لكشف التقلبات الجوية والأعاصير كما عرضت أيضا آخر التطورات بمجال التلغراف وطريقة الفلكنة الكيميائية. من جهة ثانية، شهد هذا المحفل العالمي حضور مؤسسة شويبس (Schweppes)، المصنفة كأقدم شركة مشروبات غازية بالعالم، التي كانت حينها أبرز الراعين الرسميين للمعرض العالمي الكبير بلندن.