نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز” تقريرًا يسلط الضوء على تأثير الحرب على اقتصاد الاحتلال؛ حيث يعاني من تدهور كبير مع تأرجح الشركات على حافة الانهيار وتراجع الاستثمارات الأجنبية والثقة في الاقتصاد.
وأكدت الصحيفة بأن العدوان على غزة، ورد المقاومة بالصواريخ، أحدث موجات من الصدمة في اقتصادها الذي يبلغ حجمه 488 مليار دولار، مما عطل الآلاف من الشركات، وضغط على الأوضاع المالية للبلاد، وأغرق قطاعات بأكملها في الأزمة.
وأشارت الصحيفة إلى تعهد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بإنشاء “اقتصاد تحت السلاح”، وتحويلات نقدية ضخمة للشركات والمناطق التي تعرضت للخطر على نطاق لم نشهده آخر مرة خلال جائحة كوفيد-19، مؤكدًا على دفع الثمن الاقتصادي الذي تفرضه الحرب مهما كان.
ويتوافق هذا مع تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي أشار إلى تقديم مساعدات لجنود الاحتياط في الجيش وإجراءات لتعويض الشركات عن خسائر الحرب.
ويرى رون تومر، رئيس رابطة المصنعين في “إسرائيل” أن الحكومة تتخلى عن شعبها؛ حيث لم يحصل الكثيرون على تعويض كامل مما سيعرضهم لصدمة سيئة في محافظ رواتبهم التالية.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل تعيش صدمة منذ طوفان الأقصى، والذي خلف أكثر من 1400 قتيل حسب مسؤولين، وردت بغزو بري وقصف متواصل أدى لاستشهاد أكثر من 10300 فلسطيني حتى الان.
وتم استدعاء حوالي 350 ألف جندي احتياطي في الجيش الإسرائيلي، الذين يشكلون 8٪ من القوة العاملة، فيما نُقل 126 ألف مدني من شمال وجنوب إسرائيل نتيجة الحرب.
وأضافت الصحيفة أن استطلاعات الرأي تشير إلى تأييد شعبي ساحق للحرب، لكن نطاقها يأخذ “إسرائيل” إلى مصير مجهول، ويمكن مقارنة الحرب الجارية بحرب سنة 2014، عندما غزت إسرائيل القطاع.
وذكرت الصحيفة على لسان ميشيل سترافشينسكي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية في القدس أن “عدم اليقين هذه المرة أكبر، وأن الأهداف أكثر صعوبة؛ حيث يعني القضاء على حماس وإنهاء حكمها في غزة أن الحرب ربما تكون أطول”.
بينت الصحيفة أن بعض الدلائل تشير إلى حدوث انتعاش بعد الصدمة الأولية للهجوم؛ حيث لا تزال العملة المحلية صامدة، مع تدخلات “بنك إسرائيل”، وبدأ طلب المستهلكين في الانتعاش، لكن الصراع لا يزال له تأثير مروع على النشاط التجاري، وخاصة قطاع البناء، حيث أغلقت البلديات الكثير من مواقع البناء.
وأكدت الصحيفة على تزايد الأدلة على التأثير المدمر للحرب على النشاط الاقتصادي؛ فحسب دراسة استقصائية للشركات الإسرائيلية أجراها مكتب الإحصاء المركزي أن واحدة من كل ثلاث شركات أغلقت أبوابها أو تعمل بطاقة استيعاب 20٪ أو أقل، في حين أبلغ أكثر من النصف عن خسائر في الإيرادات بنسبة 50٪ أو أكثر، وكانت النتائج أسوأ بالنسبة للجنوب، المنطقة الأقرب إلى غزة؛ حيث أغلقت ثلثا الشركات عملياتها أو خفضتها إلى الحد الأدنى.
وتقول وزارة العمل إن 764,000 مستوطن – 18٪ من القوى العاملة – لا يعملون بعد استدعائهم للخدمة الاحتياطية، أو إجلاؤهم من مدنهم.
وأوضحت الصحيفة أن بعض الخبراء يرى ضرورة مصاحبة حزمة الدعم بإعادة النظر في أولويات الإنفاق الحكومي؛ حيث يواصل شركاء نتنياهو من الأحزاب المتطرفة والمستوطنين توجيه مبالغ ضخمة لمشاريع يقول منتقدوها إنه لا مكان لها في اقتصاد الحرب، مثل مخطط لتشجيع ممارسة الشعائر الدينية بين الطلاب.
وقد دعت مجموعة مكونة من 300 خبير اقتصادي إسرائيلي بارز نتنياهو وسموتريتش إلى “العودة إلى رشدهما”، وصرحوا في رسالة مفتوحة بأن الوضع الراهن يتطلب تغييرا جذريا في الأولويات وإعادة توجيه الأموال للتعامل مع أضرار الحرب وإعادة تأهيل الاقتصاد.