منذ أن بدأت أحداث غزة وغلافها يوم السابع من شهر تشرين الأول الحالي، وبداية إزهاق أرواح الأطفال والنساء والبشر في فلسطين المحتلَّة، والدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثَّاني، تكافح لرفع الظلم عن أهل القطاع ووقف شلَّال الدَّم هناك.
لقاءات ملكية مع قادة الدول العالمية ورسائل ذات لهجة حازمة بضرورة وقف الحرب على غزَّة ورفض نكبة وتهجير جديد، ومنع الحصار وسياسة التجويع، وفي الأمم المتحدة كانت الخارجية الأردنية وعلى مدار أيَّام تحشد كل الأدلة والمسوغات من أجل أن تتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يوقف كل هذه الأحداث الدموية المؤلمة.
وشكَّل تبني الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، مساء يوم أمس الجمعة، مشروع القرار الذي تقدم به الأردن الذي يطالب بوقف العدوان على غزة وإيصال المساعدات لسكان القطاع؛ خطوة أردنية مهمة للضَّغط على إسرائيل لوقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة .
سياسيون بينوا أنَّ القرار متسق مع الجهود الدبلوماسية والسياسية الكبيرة التي يبذلها الأردن بقيادة جلالة الملك؛ من أجل التخفيف من الظلم الكبير الذي يقع على الأشقاء الفلسطينيين في غزة، وهو يؤكد على البعد الإنساني والقانون الإنساني الدولي الذي يستند له الأردن في مطالعته ومرافعته السياسية لوقف التصعيد الموجود في غزة، ورسالة عالمية تطالب بهدنة إنسانية ووقف العدوان والجرائم والمجازر الإسرائيلية بحق المدنيين المحاصرين في القطاع وقطع الاتصالات والإنترنت عن المتابعين والإعلاميين في العالم في محاولة من إسرائيل لإخفاء الحقائق والجرائم التي ترتكبها والخسائر الموجعة التي تتلقاها على يد الشعب الفلسطيني المقاوم .
وشددوا على أن التهجير، خط أحمر للأردن، وقد اتخذ الأردن موقفه الثابت من هذه القضية، باعتبارها تمس أمن ومصالح الدولة.
وكانت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، اعتمدت مساء يوم أمس الجمعة، مشروع القرار الذي تقدم به الأردن الذي يطالب بوقف العدوان على غزة وإيصال المساعدات لسكان القطاع، إذ حصل القرار على 120 صوتا مؤيدا ورفضته 14 دولة فيما صوت بالامتناع عليه 45 دولة.
نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق الدكتور جواد العناني، بين أنه لما فشل مجلس الأمن بتمرير أي قرار متعلق بإنهاء هذه المأساة في غزة وبفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية والكهرباء والمياه وغيرها، وجد الأردن بديلا آخر، وهو الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك المنظمات الإنسانية التي لها الدور الكبير في الدعم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الأردن ثمّن وقدّر موقف الأمين العام للأمم المتحدة في اتخاذه موقفا متوازنا.
فلذلك رأى الأردن أن الذهاب إلى الجمعية العامة وإصدار قرار منها، بالرغم من أن هذه الجمعية ليس لها قوة التنفيذ والإجبار، لكن يصبح قرارها جزءا من القانون الدولي، الذي يمكن الرجوع إليه لمحاكمة إسرائيل على جرائمها في غزة في وقت لاحق.
وقال العناني، إن هذا الإنجاز الأردني الدبلوماسي مهم جدا، خاصة في مثل هذا الظرف، ذلك لأن تتوج بوقوف 120 دولة على الأقل مع القرار، وهناك الكثير من الدول تعرضت للتهديد بمصالحها، إذا صوتت مع القرار العربي.
وزير الإعلام الأسبق الدكتور محمد المومني، أشار إلى أن ما حدث أمس في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمر في غاية الأهمية، وإنجاز كبير يسجل للقيادة وللدبلوماسية الأردنية، أن تصوت 120 دولة لصالح القرار الأردني، وهذا معناه أن هنالك جهدا دبلوماسيا عظيما قد تم قبل إقرار هذا القرار.
ولفت إلى أن القرار متسق مع الجهود الدبلوماسية والسياسية الكبيرة التي يبذلها الأردن بقيادة جلالة الملك؛ من أجل التخفيف من الظلم الكبير الذي يقع على الأشقاء الفلسطينيين في غزة، وهو ما يؤكد على البعد الإنساني والقانون الإنساني الدولي الذي يستند له الأردن في مطالعته ومرافعته السياسية لوقف التصعيد الموجود في غزة.
وبين أن موضوع تهجير الفلسطينيين، مساس مباشر بأمن وسيادة الدول المحيطة وهي مصر والأردن بالتحديد، وتعدّ على معاهدات السلام مع هذه الدول، فضلا عن أن فيه بُعد انتقاص حق الفلسطينيين من إقامة دولتهم على ترابهم الوطني، وهذا ما أقرته الشرعية الدولية.
من جهته قال وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة، إن المعركة مع الاحتلال طويلة وذات أبعاد متعددة، كما أن الجهد الدبلوماسي يعتبر من الضرورات لمواجهة الجهد الصهيوني، الذي نجح مع بداية العدوان في تشكيل تحالف غربي أميركي ضد الفلسطينيين، ومقارنتهم بداعش والنازيين.
ولفت إلى أن القرار الدولي مهم دبلوماسيا وفي إدانة الممارسات الإسرائيلية، بيد أنه يحتاج من المجتمع الدولي إلى آليات للتطبيق ووقف إطلاق النار وتفعيل الجهود الإنسانية في غزة .
وعرّج المعايطة في حديثه على أن القرار يمتد أثره إلى ملف التهجير الذي هو أحد أهداف العدوان التي تم إعلانها بما يخص أهل غزة تجاه مصر، ويشمل كل فكرة التهجير، وما تعنيه من تصفية للقضية الفلسطينية والحقوق الكبرى للشعب الفلسطيني.
وقال النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة : إن تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع القرار العربي الذي قدمه الأردن، يعكس موقف المجتمع الدولي والإرادة الدولية من العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مثلما أنها رسالة عالمية تطالب بهدنة إنسانية ووقف العدوان والجرائم والمجازر الإسرائيلية بحق المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن والبنى التحتية والمستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس ومنع الغذاء والماء والدواء عن المدنيين المحاصرين في القطاع وقطع الاتصالات والإنترنت عن المتابعين والإعلاميين في العالم في محاولة من هذا الكيان لإخفاء الحقائق والجرائم التي يرتكبها والخسائر الموجعة التي يتلقاها على يد المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلى أن تبني هذا القرار الأممي إنما يعكس أيضا نجاح الدبلوماسية الأردنية النشطة التي يقودها جلالة الملك، منذ السابع من الشهر الحالي الذي سعى جاهدا عبر اتصالاته وزياراته ومشاركته في قمة القاهرة للسلام بأن يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية والإنسانية على وقع الجرائم والمجازر التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من خلال مطالبته بوقف العدوان فورا وحماية المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية الى الأهل في غزة ورفض التهجير القسري الذي اعتبره الأردن بمثابة إعلان حرب.
ولما شعرت الدبلوماسية الأردنية بفشل مجلس الأمن في تحمل مسؤولياته إزاء الأحداث العنيفة والدموية التي يشهدها قطاع غزة، انتقل بجهوده الى الجمعية العامة وسط تأييد عربي رأى في الموقف الأردني المتقدم خير من يقود الجهود العربية والإقليمية والدولية في هذه المنظمة العالمية بصورة حققت المطلوب، وذلك انتصارا للدبلوماسية الأردنية التي كانت اكثر اهتماما وتفاعلا وتأثيرا في نقل الصورة المأساوية والوحشية والدموية التي تشهدها غزة الى العالم في ظل المجازر الإسرائيلية.
النائب عمر العياصرة قال:” إن الأردن في الجهود الدبلوماسية وتحديدا في الأمم المتحدة يشكل رأس حربة، ذلك أن الاهتمام الأردني، وسقف الحديث الأردني، غير مسبوق؛ لأن القضية الفلسطينية بالنسبة لنا شأن داخلي أردني”.
وأضاف: أن الأردن قلق جدا مما يجري في غزة، ومن مآلات هذه الحرب، والمشاريع القادمة المتعلقة بها، مبينا أنه بعد فشل مجلس الأمن في اتخاذ القرارات نتيجة الفيتو الأميركي أكثر من مرة ذهب الأردن للجمعية العمومية، باعتبارها تمثل المجتمع الدولي في هذا الشأن، بالرغم من أن قرارتها غير ملزمة، لكن في النهاية اتخذنا قرارا بإعطاء هدنة طويلة الأمد في غزة.
وبين أن الجهد الأردني نابع من ذاتية أردنية، ومن رغبة أردنية حقيقية، وهناك تنسيق مع الأشقاء العرب، في محاولة لتنسيق مواقفهم تجاه هذه القضية.
وفيما يتعلّق بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن، أكد أن موقف الأردن الواضح تجاه مسألة التهجير، باعتباره يمس أمننا ويمس مصالحنا العليا، وهو بمثابة إعلان حرب، وأمر محسوم في أجندة وأروقة الدولة الأردنية.