لم تنتهِ المآسي في ليبيا على ما يبدو عند الدمار الواسع الذي لحق بها جراء الإعصار دانيال، والذي ضرب شرق البلاد الأسبوع الماضي، متسبباً بسيول عارمة أسفرت عن مقتل وفقدان الآلاف، حيث أتى إعلان جديد أكد المؤكد ليعمّق جروح الليبيين مرة أخرى.
فقد قدّر رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة بيتيري تالاس، أن معظم الوفيات كان بالإمكان تجنبها.
في حين يعود السبب الثاني لعدم صيانة البنية التحتية لأعوام طويلة، وفقاً لـ”صحيفة لوفيغارو”.
الشقوق عمرها 25 عاماً
وبحسب النائب العام الليبي الصديق الصور، الذي فتح تحقيقا، فإن السدين يعانيان من تشققات منذ عام 1998.
حينها، أوصى مجلس الوزراء الإيطالي المكلف بتقييم البنى التحتية في البلدين ببناء حاجز ثالث لحماية السدين.
فرق الإنقاذ تتدفق إلى درنة
وبسبب عدم الدفع، لم تبدأ الشركة عملها إلا في أكتوبر/تشرين الأول 2010، قبل أن تتوقف عن العمل بعد أقل من 5 أشهر، في أعقاب ثورة 2011 التي أطاحت بنظام القذافي.
بعدها تم تخصيص ميزانية كل عام لإصلاح السدين، لكن لم تقم أي من الحكومات المتعاقبة بهذا العمل.
ويشير ديوان المحاسبة الليبي في تقرير له عام 2021، إلى وجود “مماطلة” من قبل الوزارة المعنية في استئناف العمل في الهيكلين.
وفي دراسة نوفمبر 2022، حذر المهندس والأكاديمي الليبي عبد الونيس عاشور من كارثة تهدد درنة إذا لم تقم السلطات بصيانة السدين.
إضافة إلى أعمال الصيانة والإصلاحات، قد يكون فشل السد الأكبر ناجما ببساطة عن حقيقة أن الهيكل كان أصغر من اللازم للتعامل مع الفيضانات الاستثنائية، لأنه تم بناؤه وفقا لمعايير السلامة القديمة التي تمت ملاحظتها منذ ذلك الحين.
يشار إلى أنه تم بناء كلا السدين في السبعينات من القرن الماضي، من قبل شركة يوغوسلافية.
وبالإضافة إلى منع الفيضانات، فإن البناءين كانا مخصصين لري المناطق الزراعية وتزويد مدينة درنة بالمياه، بحسب تصريحات الشركة على موقعها الإلكتروني.
وعلى الرغم من المعرفة الجيدة للفنيين اليوغسلاف في هذا المجال، إلا أنه تم تصميم مجاري الفيضانات في ذلك الوقت باستخدام الأساليب الاحتمالية التي كان لها فهم ضعيف للغاية، لذلك كان السد بلا شك أصغر حجما.
يضاف إلى ذلك على الأرجح عدم استعداد السكان.
ولكن منذ ذلك الحين، قامت السدود بدورها كمخفف للفيضانات.
وحتى الساعة لم تعلن السلطات في الشرق الليبي رسميا عن عدد القتلى النهائي، لاسيما أن الآلاف ما زالوا في عداد المفقودين، لاسيما في درنة التي دفعت الفاتورة الدموية الأعلى في العاشر من الشهر الجاري، عندما اجتاحتها الفيضانات.
وقد أدت كثافة تلك السيول إلى تفجر سد وادي درنة الأعلى وسد أبو منصور السفلي، ما فاقم الكارثة ورفع عدد القتلى، خصوصا أن السلطات المحلية كانت حثت السكان على عدم الخروج من المنازل ليل العاشر من سبتمبر، فتفاجأت مئات العائلات بالمياه تدخل المنازل وتجرف كل ما اعترض طريقها، مخلفة مشهدًا يذكّر بساحة حرب طاحنة.
وإلى ذلك، تصاعدت منذ ذلك الحين الأصوات المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تلك الفاجعة، وإهمال صيانة السدين، خصوصاً أن خبراء حذروا قبل ذلك من تداعيهما.