قررت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الخميس، خلال اجتماعاتها في الرياض، عدم وضع مدينة البندقية الإيطالية على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، خلافاً لما أوصى به خبراء المنظمة.
وأوضح بيان لليونسكو ومقرها في باريس، أن “لجنة التراث العالمي -التي تضم 21 من الدول الأعضاء تمثّل الدول الـ 195 الموقّعة على اتفاقية التراث العالمي- اتخذت اليوم قراراً بعدم إدراج البندقية وبحيرتها في قائمة التراث المهدد بالخطر”.
وأشار دبلوماسي لوكالة فرانس برس، إلى أن “هذا القرار يأخذ في الاعتبار التقدم” الذي تحقق “في الأيام الأخيرة، ولا سيما استحداث نظام لإدارة تدفقات الزوار اعتبارا من عام 2024”.
فبالتزامن مع مناقشة لجنة التراث وضع البندقية، قررت بلدية المدينة الثلاثاء على سبيل التجربة، اعتباراً من عام 2024، ضريبة قدرها خمسة يورو على السياح الذين يأتون ليوم واحد إلى المدينة الإيطالية التي تعاني جراء موجات السياحة الجماعية.
والهدف الرئيسي من هذا الإجراء، الذي أقره مجلس بلدية البندقية الثلاثاء، هو ثني الزوار الوافدين ليوم واحد عن المساهمة في ازدحام المدينة المشهورة في جميع أنحاء العالم بأعمالها الفنية وجسورها وقنواتها.
في عام 2024، ستشمل هذه الضريبة التي تُدفع حصراً عبر الإنترنت، 30 يوماً كحد أقصى يكون خلالها في العادة عدد السياح أعلى، خصوصاً في عطلات نهاية الأسبوع المطولة في الربيع وخلال فترة الصيف.
وفور إعلان اليونسكو عدم وضع البندقية على قائمة التراث المهدد بالخطر، سارع وزير الثقافة الإيطالي جينارو سانجوليانو إلى إبداء ارتياحه “لانتصار إيطاليا والمنطق السليم”.
إلا أن البندقية لم تصبح نهائياً في منأى عن التصنيف السلبي، إذ “كررت اللجنة مخاوفها من التحديات الكبيرة التي لا تزال تتعين مواجهتها للحفاظ على الموقع بشكل سليم، وخصوصاً تلك المتعلقة بالسياحة الجماعية ومشاريع التنمية وبالتغيّر المناخي”، مشددة على ضرورة “تحقيق المزيد من التقدم”.
وطلبت اللجنة كذلك من إيطاليا، “دعوة بعثة استشارية من مركز التراث العالمي (…) وتقديم تقرير في الأول من شباط 2024، بغية درس وضع الحفاظ على الموقع مجدداً خلال الدورة السادسة والأربعين للجنة خلال صيف سنة 2024”.
ويأتي الضوء الأخضر لهذا الإجراء، في وقت أوصت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في نهاية تموز الماضي، بوضع مدينة البندقية على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، معتبرة أن إيطاليا اتّخذت حتى الآن إجراءات “غير كافية” لمكافحة تدهور الموقع.
وظلت البندقية تؤجل اتخاذ تدابير جذرية لسنوات، ولا سيما اعتماد مبدأ الحجوزات الإلزامية وتحديد حصص على عدد الوافدين إلى المدينة للجم تدفق ملايين السياح إلى الوسط التاريخي المتخم بالزوار.
ولفت خبراء يونسكو إلى أن “التنمية المستمرة (في البندقية) وتأثيرات تغير المناخ والسياحة الجماعية تهدد بإحداث تغييرات لا رجعة فيها في القيمة العالمية الاستثنائية” للمدينة.
وتأسست البندقية في القرن الخامس وأصبحت قوة بحرية كبيرة في القرن العاشر، وتمتد على 118 جزيرة صغيرة. وأدرجت على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1987.
والبندقية واحدة من أكثر المدن استقطاباً للزوار في العالم، إذ يصل عدد نزلاء الفنادق فيها خلال مواسم الذروة إلى 100 ألف سائح، إضافة إلى عشرات آلاف زائر يومياً. وهو عدد هائل مقارنة بعدد سكان وسط المدينة البالغ 50 ألف نسمة وهو في تراجع مطرد.
أ ف ب