هلا نيوز
جنديتان ملثمتان وتحملان البنادق ومعهما كلب هجومي، أجبرتا خمس فتيات فلسطينيات من نفس العائلة من مدينة الخليل، كل منهن على حدة، على خلع ملابسها والدوران أمامهما عاريات، هذا ما قالته الفتيات. وحسب قول هؤلاء الفتيات، فإن المجندات هددن بإطلاق الكلب عليهن إذا لم يمتثلن. في الوقت نفسه، اكتفى الجنود بفحص جسدي للرجال، ولم يجبروهم على التعري. جرت الحادثة أثناء اقتحام بيت، الذي حسب المعلومات الاستخبارية، كان فيه سلاح.
26 شخصاً، بينهم 15 طفلاً في أعمار 4 أشهر وحتى 17 سنة، يعيشون في ثلاث شقق لعائلة العجلوني في الحي الجنوبي في الخليل. في 10 تموز عند الساعة 1:30 ليلاً، اقتحم محيط البيت نحو 50 جندياً، حسب تقدير أبناء العائلة، وكان معهم كلبان على الأقل. نصف الجنود تقريباً انتشروا داخل الشقق وتجولوا فيها، بعد أن أيقظوا السكان بأضواء مصابيحهم والطرْق على الأبواب والتهديد بتحطيمها. حسب أقوال أبناء العائلة، كان معظم الجنود ملثمين، لا يرى منهم سوى عيونهم. أحد الجنود، الذي كان يبدو أنه القائد المسؤول والذي كان وجهه مكشوفاً، كان يرتدي سروالاً عسكرياً وقميصاً عادياً بكم قصير. من هو؟ الفتيات لا يعرفن.
في الساعة 5:30 صباحاً، خرج الجنود من البيت ومعهم الابن البكر حربي، الذي تم اعتقاله. قال أبناء العائلة إنهم علموا باختفاء كيس فيه مجوهرات اشتراها الابن محمد بمناسبة زواجه القريب. يقدر ثمن المجوهرات بنحو 40 ألف شيكل. ذهب الرجال إلى الشرطة في مستوطنة “كريات أربع” لتقديم شكوى. وهناك سمعوا أنه “لم تتم سرقة شيء”. ولكنهم صمموا على أنها سرقت. في اليوم التالي، اتصلت الشرطة بمحمد وقالت له: تعال لأخذ الذهب. لأن الجنود اعتقدوا أن الكيس يحوي رصاصاً. ديالا، زوجة حربي، قالت إنه بعد الاقتحام اكتشفت أن 2000 شيكل اختفت من أحد الجوارير، ولكن لم تتم إعادتها. الفتيات اللواتي طلب منهن خلع ملابسهن هن: الأم عفاف (53 سنة)، والابنة زينب (17 سنة)، والكنائن الثلاثة أمل وديالا وروان، في العشرينيات. وحسب قولهن، فإنه تم إدخالهن، كل منهن على حدة، إلى غرفة الأبناء الصغار أمل وعبد الله، الملونة بالأزرق والوردي وفيها دب من الفرو يحرسها. الأولى التي طلب منها الدخول هي أمل (25 سنة)، وقد أُجبرت على التعري أمام ثلاثة من أولادها الأربعة الذين استيقظوا للتو من النوم. أمل وصفت كيف أنهم كانوا يبكون ويصرخون خوفاً من البنادق ومن الكلب. وشاهد الأولاد كيف أن النساء اللواتي يرتدين الزي العسكري والملثمات يشرن بأياديهن وبلغة عربية ركيكة ويأمرن الأم بخلع ملابس الصلاة. هي خلعت الملابس وطلبن منها التعري، لكنها احتجت على ذلك وأشارت إلى البنطال القصير والبلوزة التي كانت ترتديها كي تشرح لهن بأنها لا تخفي أي شيء. عندها أطلقت المجندات الكلب الضخم، كما وصفت، الذي اقترب منها إلى درجة أنه كاد يمس بها. كل ذلك الوقت كان الأولاد يصرخون وهم خائفون. “أبعدوا الكلب”، توسلت للمجندات، “لأن الأولاد خائفون”. عندها اضطرت إلى التعري واضطر أولادها إلى رؤيتها وهي تمتثل لأوامر المجندات وتدور عارية أمامهم. وهي تبكي بسبب الإهانة والعجز. بوجه مكفهر، وهم يرتجفون، تم إخراجهم من الغرفة بعد نحو عشر دقائق. الفتاة الثانية التي تم استدعاؤها إلى الغرفة هي الأم عفاف. وقد أوجزت بالوصف، وقالت بأن المجندات أشرن لها بعربية ركيكة إلى خلع ملابسها، وارتدائها، والخروج.
حسب أقوال أبناء العائلة، تم في ذلك الوقت احتجاز أبناء البيت الآخرين في غرفتين داخل الشقة، النساء والأطفال وحدهم، والرجال وحدهم. وقف قرب باب كل غرفة جنديان أو ثلاثة مسلحين، ومنعوا أبناء العائلة من إصدار أي صوت. جاء بين حين وآخر، جندي وأبلغ الجنود الآخرين بشيء ما. أثناء احتجازهم، سمع أبناء العائلة صراخ أمل وأولادها. بعد ذلك صراخ الفتيات الأخريات. وسمعوا أيضاً ضجة التفتيش والنبش في الشقق الأخرى، والطرق وفتح وإغلاق الجوارير وصوت صراخ الجنود أيضاً.
التقارير التي تتضمن تجريد النساء من الملابس أثناء اقتحامات الجنود لبيوت الفلسطينيين، غير كثيرة. في 15 سنة من عملها في “بتسيلم” وثقت منال الجعبري، الباحثة في المنظمة في الخليل، نحو 20 حالة كهذه. ولكن حسب تقديرها، فقد ازدادت الشهادات عن تجريد كامل للنساء بواسطة التهديد بالبنادق في الأشهر الأخيرة. بشكل عام، النساء يرفضن إجراء مقابلات معهن والتحدث مع المراسلين عن هذه التجربة الصادمة التي مررن بها، قالت. لكن فتيات عائلة العجلوني وافقن على التحدث والكشف عن أسمائهن شريطة أن لا يتم تصويرهن.
الجعبري نفسها قالت إنه طلب منها خلع ملابسها بالكامل أثناء تفتيش ليلي جماعي أجراه الجيش في بيوت كثيرة في الخليل بعد قتل مستوطنة من بيت حجاي، في 21 آب. “لقد لفتت انتباهي الكاميرا التي كانت على جبين مجندة، فرفضت التعري. أزالت المجندة الكاميرا، وصممت على موقفي، وربما لأنني عضوة في “بتسيلم” فقد تراجعن عن طلبهن”، قالت. “لكن الجنود قلبوا كل أغراض البيت وتركوها محطمة، ولم أعرف كيف أبدأ في ترتيبها. هكذا فعلوا في بيوت أخرى وفي تفتيشات أخرى، وأيضاً في بيوت عائلة العجلوني”. في محادثة مع “هآرتس” الأحد، سمعت فتيات عائلة العجلوني من باحثة “بتسيلم” عن تجربتها الغضة. تذكرن: شاهدن أيضاً شيئاً ما على جبين المجندات اللواتي طلبن منهن التعري تحت تهديد البنادق والكلب. الآن أضيفت إلى صدمة التفتيش مسألة مزعجة، وهي: هل قامت المجندات بتصويرهن عاريات. في بداية المحادثة، لم تتذكر الفتيات بالتأكيد إذا كانت المجندات ملثمات، ثم تذكرن: “واضح أنهن كن ملثمات. عندما دخلت كل واحدة منا على حدة إلى الغرفة، قامت المجندات بتحريك القبعة التي كانت على رؤوسهن ووجوههن قليلا ًكي نرى أن لديهن شعراً طويلاً، أي أنهن نساء”، تذكرت ديالا والسلفة الصغيرة زينب.
أثناء المحادثة التي جرت معهن الأسبوع الماضي، كانت أمل الوحيدة الغائبة من بين الفتيات الخمس اللواتي تعرين. فقد ذهبت للشراء استعداداً لاحتفال الزواج. الحياة مستمرة، السنة الدراسة بدأت. عادت الابتسامة بالتدريج إلى وجوه النساء والأولاد. أخذت الجعبري إفاداتهن بعد يوم على التعري، في 11 تموز. وفي التقرير الذي كتبته على الفور، أحسنت وصف الصدمة والذعر اللذين شعرت النساء بهما ما زلن. ما زلن يشعرن بها حتى بعد مرور أسابيع. الأولاد استيقظوا ليلاً خائفين وتبولوا في الفراش. الفتيات شعرن بأن الجنود ما زالوا في البيت، والجميع يقفزون عند سماع أي صوت في الخارج.
في مرحلة معينة، بقي الأولاد وحدهم أثناء الاقتحام مع الجنود المسلحين في الصالون، لكن بدون الأمهات، اللواتي تم نقلهن بعد التفتيش إلى الممر القريب. الأولاد بكوا خوفاً. الجنود استجابوا بشكل جزئي لطلب الأمهات وسمحوا لهن بأخذ رضيعين. الجدة عفاف وأحد أحفادها قالا للصحيفة بأن الجنود حاولوا تهدئة الأولاد الذين بقوا في الصالون.
من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي جاء: “في إطار التفتيش، تم العثور على كيس أسود ومغطى بالسولوفان وتم أخذه مع السلاح الذي عثر عليه. تم فتح الكيس في غرفة التحقيق، ووجد أن الأمر متعلق بمجوهرات. في اليوم التالي للتفتيش، جاء شقيق المعتقل ووقع على أنها مجوهرات تعود للعائلة وأخذها. الادعاء بسرقة 2000 شيكل، لا نعرف عنه ولا نعرف عن أي شكوى بخصوص ذلك. إذا تم تلقي مثل هذه الشكوى، فسيتم فحصها كالعادة”.
عميرة هاس
هآرتس 4/9/2023