قالت أوكرانيا، الأربعاء، إنها فتحت الطريق أمام تقدمها نحو المناطق الجنوبية التي يحتلها الجيش الروسي وحتى القرم بعد سيطرتها هذا الأسبوع على بلدة روبوتين “الاستراتيجية”.
وفي العاصمة كييف، قتل شخصان صباح الأربعاء بهجوم روسي بالصواريخ والطائرات المسيّرة هو الأكبر “منذ الربيع”، بحسب السلطات.
من جهتها تعرضت روسيا لعدد من الهجمات الليلية بطائرات مسيّرة، واستهدفت إحدى هذه الهجمات مطار بسكوف في شمال غرب البلاد، وهو أمر نادرا ما يحصل، ودمّر طائرات عسكرية عدّة.
وأعلن الجيش الروسي من جانب آخر أنه أسقط عددا من المقذوفات فوق مناطق تقع في غرب موسكو وفي بريانسك وأوريل وكالوغا وريازان وكذلك في شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في 2014.
وعلى الصعيد العسكري، اعتبرت كييف أن سيطرتها على بلدة روبوتين الاثنين فتحت الطريق أمام الهجوم الأوكراني باتجاه المناطق الجنوبية المحتلة وصولا إلى القرم.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أمام دبلوماسيين فرنسيين خلال زيارته لباريس “من خلال ترسيخ وجودنا في أطراف روبوتين، نفتح الطريق إلى توكماك وأخيرا ميليتوبول وحتى الحدود (الإدارية) للقرم”.
وأكّد أنّ هذه القرية “ذات أهمية استراتيجية”.
وتعدّ توكماك وميليتوبول من المدن الرئيسة في الجزء المحتلّ من منطقة زابوريجيا، ومن المدن التي سيطرت عليها روسيا في أسابيع الهجوم الأولى في مطلع عام 2022.
ولكنّ الجيش الروسي لم يعلن حتى الآن انسحابه من روبوتين، متحدثا عن معارك عنيفة في المنطقة وحول بلدة فيربوف المجاورة.
وأعلن مسؤول منطقة زابوريجيا الذي عينته موسكو يفغيني باليتسكي، عبر تطبيق تلغرام، أنّ “منطقة روبوتين-فيربوف الرمادية ستكون مقبرة جماعية للقوات المسلحة الأوكرانية”.
واتّضح أنّ الهجوم الأوكراني المضادّ الذي بدأ في حزيران في الشرق والجنوب يواجه صعوبات جمّة ويتقدم ببطء أمام الدفاعات الروسية المتينة من خنادق وفخاخ مضادّة للدبابات وحقول ألغام ممتدة لمئات الكيلومترات، بخاصة في الجنوب.
وبعيدا عن خط المواجهة، استيقظ سكان كييف صباح الأربعاء على دويّ مضادّات الطائرات في مواجهة الصواريخ الروسية.
وأفاد مراسل فرانس برس في العاصمة الأوكرانية بسماع دويّ 3 انفجارات على الأقل في الخامسة صباحا.
وقالت لفرانس برس أوكسانا سولوفيوك التي تعيش بجوار أحد المباني المتضررة من الحطام “سمعنا انفجارات ورأينا ومضات من خلال النوافذ”.
أما يفغين أنانينكو فنزل بسرعة مع والده إلى الطابق السفلي عندما سمعا الانفجارات وصوت ارتطام الشظايا المعدنية بالمبنى الذي يسكنانه.
وقال: “لو سقطت مباشرة على المنزل، أشك في أننا كنا سننجو”.
وقال رئيس الإدارة العسكرية في المدينة سيرغي بوبكو على تطبيق تيلغرام، إن “الحطام المتساقط” أدى إلى مقتل شخصين وإصابة ثلاثة بجروح.
وأضاف “لم تشهد كييف هجوما بمثل هذه القوة منذ الربيع”، مشيرا إلى أن روسيا استهدفت العاصمة أولا بمسيّرات من اتجاهات مختلفة ثم بصواريخ أطلقت من قاذفات تو-95 إم إس.
وأضاف أنّ قوات الدفاع الجوي الأوكرانية دمرت “بالإجمال أكثر من 20 هدفا معاديا”.
أسلحة من كوريا الشمالية
وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض أنّ روسيا تجري محادثات سرية بشأن الحصول على أسلحة من كوريا الشمالية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إنّ هذه المفاوضات “تتقدّم سريعا”.
وشدّد كيربي على أنّ كوريا الشمالية، وعلى الرغم من نفيها، زوّدت روسيا العام الماضي بصواريخ لوضعها بتصرّف مجموعة فاغنر العسكرية.
وقال إنّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو توجّه مؤخّرا إلى كوريا الشمالية سعيا للحصول على مزيد من الذخيرة لاستخدامها في الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وتابع كيربي “منذ تلك الزيارة، تبادل الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين وزعيم جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية كيم جونغ-أون، رسائل تعهّدا فيها بتعزيز التعاون الثنائي بينهما”.
وفي الأمم المتحدة، قالت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان في بيان مشترك إنّ أيّ صفقة من هذا النوع ستشكّل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وأشارت إلى أنّ وفدا ضمّ مسؤولين روسا توجّه إلى بيونغ يانغ بعد زيارة شويغو لاستكمال المحادثات بشأن شراء الأسلحة.
ودعا البيان بيونغ يانغ إلى “وقف” هذه المفاوضات مع موسكو.
28 صاروخا
وتعرّضت مناطق أخرى في أوكرانيا، لا سيّما أوديسا وميكولاييف في الجنوب، أيضا لهجمات ليلية.
وقال سلاح الجوّ الأوكراني إنّ كل الصواريخ الثمانية والعشرين أُسقطت، وكذلك 15 من 16 مسيّرة مفخخة من نوع “شاهد”.
كما أوقع القصف على منطقة دونيتسك في الشرق قتيلين، وقال الجيش الروسي إنه استهدف “مراكز مراقبة واستخبارات” أوكرانية “بأسلحة عالية الدقة”، وإنه دمر جميع الأهداف.
وفي البحر الأسود، قالت موسكو إنها أغرقت عدّة زوارق عسكرية أوكرانية، بينما تستخدم كييف زوارقها وطائراتها المسيّرة لشنّ هجمات في شبه جزيرة القرم أو ضد السفن الروسية.
وسبق وأن أعلن الجيش الروسي الأسبوع الماضي تدمير سفن أوكرانية، لكنّ كييف نفت ذلك.
ولا يعترف أيّ من الطرفين علنا بخسائره العسكرية.
وتم استهداف الأراضي والقوات الروسية أيضا بهجمات بمسيّرات خلال الليل وصباح الأربعاء.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية تحييد مقذوفات أو تدميرها في سماء العديد من المناطق، في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم وفي ضواحي موسكو وبريانسك وأوريل وكالوغا وريازان. ولم تبلغ السلطات الروسية عن أي أضرار.
طائرات روسية مشتعلة
في المقابل، لم يأت الجيش الروسي على ذكر وقوع هجوم على مطار بسكوف أعلن عنه ليلا ميخائيل فيديرنيكوف حاكم هذه المنطقة الواقعة في شمال غرب روسيا على حدود أستونيا ولاتفيا وبيلاروس وعلى بعد نحو 800 كلم من أوكرانيا.
واكتفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بالقول إن “الخبراء العسكريين يعملون على تحديد مسار المسيّرات لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الأحداث”.
وإذا كان الهجوم لم يوقع ضحايا كما يبدو فإنّ مقطع فيديو نشره الحاكم أظهر حريقا كبيرا فيما سمع دوي انفجارات.
وذكرت وكالة “تاس” الروسية للأنباء نقلا عن أجهزة الطوارئ أنّ أربع طائرات إيليوشين-76 تابعة لقطاع الشحن العسكري تضررت من جراء الهجوم، في حين قالت وزارة الحالات الطارئة إن طيارتين على الأقل اشتعلت فيهما النار.
وألغيت الأربعاء جميع الرحلات في المطار على أن تُستأنف الخميس.
وإذا كانت المناطق الواقعة على حدود أوكرانيا وموسكو تستهدف بشكل شبه يومي بمسيّرات في هجمات ينسبها الجيش الروسي لأوكرانيا، فإن الهجمات المماثلة نادرة في شمال غرب روسيا، وهو ما يطرح سؤالا بشأن مدى مناعة الدفاعات الروسية ومنطلق هذه المسيّرات.
وسبق أن استُهدف مطار بسكوف بمسيّرات في نهاية أيار، والأسبوع الماضي استهدف هجوم مماثل مطارا في منطقة نوفغورود المجاورة، مما أدى إلى تدمير أو إلحاق أضرار بطائرة عسكرية واحدة على الأقل.
وعلّق مستشار الرئاسة الأوكرانية السابق ميخايلو بودولياك على منصة “إكس” قائلا إنّ “الحرب تقترب أكثر فأكثر من روسيا، ولا يمكن إيقافها”.
أ ف ب