أعلنت حكومة الغابون حظرا للتجول وعلقت استخدام الإنترنت مساء السبت لدى إغلاق مراكز الاقتراع في إطار انتخابات يسعى من خلالها الرئيس عمر بونغو أودينمبا المنتمي لعائلة حكمت البلاد 55 عاما، للفوز بولاية ثالثة على معارضة اتحدت متأخرة.
ويتقدم بونغو ومنافسه الرئيسي ألبرت أوندو أوسا السباق الذي يخوضه 14 مرشحا للفوز بمقعد الرئاسة في البلد الصغير الغني بالنفط والواقع بوسط إفريقيا.
وكان عشرات الأشخاص ينتظرون أمام مراكز اقتراع في وسط ليبرفيل قبيل الظهر، فيما بدت معظم الشوارع التي ارتفعت فيها أعلام حزب بونغو الحاكم، شبه مقفرة على غير عادتها يوم السبت، على ما أفاد صحفي في وكالة فرانس برس.
بعد إغلاق مراكز الاقتراع، أعلنت الحكومة حظرا للتجول وعلقت استخدام الإنترنت بهدف “الحؤول دون انتشار الدعوات إلى العنف”.
وقال وزير الإعلام رودريغ مبومبا بيساوو للقناة التلفزيونية العامة إنه بهدف “الحؤول دون انتشار الدعوات إلى العنف (…) والأخبار الكاذبة، قررت الحكومة تعليق الوصول إلى الإنترنت حتى إشعار آخر على كامل أراضي (البلاد)”، مضيفا أن “حظرا للتجول أعلن في كل أنحاء البلاد وسيكون ساريا اعتبارا من الأحد 27 آب/اغسطس، يوميا من الساعة 19:00 حتى الساعة السادسة”.
ويرأس علي بونغو (64 عاما) البلاد منذ 14 عاما، وانتُخب رئيسا للمرة الأولى عام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو أونديمبا الذي حكم البلاد أكثر من 41 عاما.
وقبيل الانتخابات، أثار تسجيل محادثة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ضجة كبيرة. وجرت المحادثة بين أوندو أوسا وشخصية أخرى من المعارضة، وفق المنشورات، وسُجّلت بدون علم الرجلين اللذين تطرقا فيها إلى استراتيجيات مختلفة “لخلق صراع على النفوذ” وإيجاد دعم من دول أخرى.
واتهم بونغو الرجلين بالخيانة، وقال إن التصريحات تعكس خطة للسيطرة على الحكم بمساعدة “قوى أجنبية”.
وخلال مهرجان عشية الانتخابات حضره عشرات الآلاف من أنصاره في ليبرفيل، اتهم بونغو الرجلين بمحاولة “تدمير هذا البلد”، مضيفا “لن نسمح لهما بالقيام بذلك”.
واختارت أحزاب المعارضة الرئيسية أوندا أوسا، أستاذ الاقتصاد البالغ 69 عاما والذي كان وزيرا في عهد بونغو من 2006 إلى 2009، مرشحها المشترك قبل ثمانية أيام على الانتخابات.
وأصدر تحالف المعارضة هذا الأسبوع بيانا ينفي بشدة “حقيقة وصحة هذه المحادثة” واتهم الحكومة بـ”التلاعب المخزي”.
مشاكل صحية
أعيد انتخاب بونغو عام 2016 بفارق ضئيل لا يتجاوز 5500 صوت، ما دفع منافسه جان بينغ إلى اتهامه بتزوير الانتخابات.
وأثار إعلان النتائج حينها أعمال عنف في العاصمة ليبرفيل خلّفت خمسة قتلى، وفق الحكومة. وتقول المعارضة إن 30 شخصا قتلوا بنيران قوات الأمن.
في تشرين الأول/أكتوبر 2018، أصيب بونغو بجلطة دماغية بقي بعدها لمدة عشرة شهور من دون ظهور علني، ما دفع المعارضة إلى التشكيك بقدرته على إدارة البلاد.
ورغم استمرار معاناته من صعوبات في الحركة، قام في الأشهر الأخيرة بجولات في كل أنحاء البلاد وبزيارات رسمية إلى الخارج شملت حضور قمم عدة.
مع ذلك، مُنع الصحفيون الأجانب إلى حدّ كبير من تغطية الانتخابات، وندّدت منظمة “مراسلون بلا حدود” ومقرها فرنسا بـ”انتهاك التعددية الإعلامية”.
وشدّدت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة على “أهمية مراقبة الانتخابات” لضمان “انتخابات حرة ونزيهة وسلمية”.
وقال متحدث باسم الوزارة في بيان “يستحق جميع الغابونيين هذه الفرصة لاختيار مستقبلهم دون خوف من القمع أو الترهيب”.
المعارضة تحتج
في الأيام التي سبقت الانتخابات، اعترضت أحزاب المعارضة الرئيسية على تعديل في قواعد التصويت في الانتخابات التشريعية اعتبرت أنه ينتهك مبدأ فصل السلطات.
وينص التعديل على أن أي صوت يحصل عليه نائب محلي سيكون بشكل تلقائي صوتا للمرشح الرئاسي الذي اختاره النائب.
واعتبرت المعارضة أن التعديل سيؤدي إلى “تصويت غير عادل” ويصب في مصلحة الحزب الديمقراطي الغابوني الحاكم لأن أوندو أوسا غير مدعوم من حزب منفرد.
وكان أوندو أوسا صرّح لفرانس برس بأنه سيعمد في حال انتخابه إلى “حلّ البرلمان وإجراء انتخابات جديدة” للمجلس.
ووعد أوندو أوسا بأنّ المعارضة “الموحّدة” خلفه “ستطيح” ببونغو وحزبه وتضع حدا لـ”عهد عائلة بونغو” التي تمسك منذ أكثر من 55 عاما بزمام سلطة تعاني من “الفساد” وسوء الإدارة.
ويتمتع الحزب الديمقراطي بغالبية كبيرة في مجلسي الشيوخ والنواب.
وجاء احتجاج المعارضة على تغيير قواعد التصويت بعد جدل آخر قبل خمسة أشهر.
فقد أقرّ البرلمان تعديلا دستوريا ألغى بموجبه الحاجة لإجراء جولة ثانية من الانتخابات في حال عدم حصول أي من المرشحين في الجولة الأولى على أكثر من 50% من الأصوات.
وتعدّ الغابون من أغنى الدول الإفريقية من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عائدات النفط وقلة عدد السكان نسبيا. لكن وفق البنك الدولي، لا يزال ثلث السكان يعيشون تحت خط الفقر.
أ ف ب