صدحت الفنانة التونسية غالية بنعلي، في الحفل الغنائي المشترك الذي أحيته، مع المطربين الأردنيين رامي شفيق وثمين حداد، مساء الجمعة، على المسرح الشمالي في مدينة جرش الأثرية، ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون بدورته الـ37، بأجمل القصائد المغناة من روائع الفن الأصيل.
واستهلت بنعلي الحفل، بصوتها الرخيم، بأغنية “ألف ليلة وليلة” للسيدة أم كلثوم، معلنة تقديم وجبة من الأصالة والجمل الغنائية المتفردة، بالتعابير المعمقة بالمعنى والأحاسيس، فنقلت المتعة والطرب إلى الجمهور في قصيدة السهروردي “بكل صبح وكل إشراق”، إلى حالة من التجلي الصوفي الذي تسكن فيه السرائر في لحظات التأمل.
ووسط تفاعل الجمهور، واصلت بنعلي عروجها في مراتب الغناء الصوفي بقصيدة الحلاج “والله ما طلعت شمس ولا غربت”، لتنتقل بعدها إلى قصيدة الفيتوري المعروفة “الجنون الإفريقي” بأسلوبية موسيقية قاربت القوالب الموسيقية الإسبانية.
بنعلي، التي صاحبتها فرقة موسيقية مكونة من عازف الإيقاعات الشرقية الأردني عواد عواد، وعلى البوق والكونترا باص، وعازفان من بلجيكا، وعلى العود عازف من تونس، قدمت قصيدة الشاعر السوري علي الجارم “ما لي فتنت”، وسط فتنة الجمهور الذي يعي جيداً بالذائقة الفنية الطربية وتحسس معاني الشعر الأصيل.
وتعود الفنانة مرة أخرى إلى كلاسيكيات الغناء العربي في تنويعات من الطرب، بأغنية “يا مسافر وحدك” للموسيقار محمد عبدالوهاب والتي غنتها الفنانة الكبيرة نجاة الصغيرة.
وفي عودة إلى الغناء الصوفي، قدمت بنعلي قصيدة الحلاج “دع عنك ما راح ومن من ودعك”، وفي اطلالة على قصائد الصوفية لشعراء الزمن الحالي، غنت قصيدة للشاعر السوري موفق الحجار، لتنتقل بعدها إلى قصيدة الشاعر الأردني طاهر رياض “غاب عني” والذي كانت وعدته في سنوات سابقة، أنها ستغني إحدى قصائده في جرش.
وقدمت لوناً أصيلاً من فنون الغناء الطربي، وهو القدود الحلبية بقصيدة “هيمتني.. تيمتني” للشاعر السوري الشيخ أمين الجندي، والجمهور في حالة التجلي ينفرد عازف الإيقاع الفنان عواد بإبداعات إيقاعية موسيقية متفردة، ورد على الإيقاع الشرقي (الطبلة) ليرفع من وتيرة التجلي لدى الفرقة الموسيقي والمطربة التونسية والجمهور الذي هام وتتيم بفنون الطرب الأصيل.
وتواصل بنعلي الغناء مع قصيدة “دقيقة” القادمة من مصر، لتبقى بعدها في أجواء الكنانة بقصيدة الشاعر صلاح جاهين “ليه يا حبيبتي ما بيننا دايما سفر/ ده البعد ذنب كبير لا يغتفر” بتنويعاتها المختلفة، وأسلوبية الفنانة التونسية الأخاذة، وتختتم حفلها وسط تعطش الجمهور للمزيد وقد صعد إلى معارج التجلي، بأغنية من الموروث التونسي الذائع الصيت للفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق “لاموني اللي غيروا مني”.
وقالت بنعلي في تصريح له بعد انتهاء حفلها، إن حضورها في “مهرجان جرش”، يعني أنها استطاعت أن توثق بصوتها أجمل أغنيات التراث العربي، الذي تحرص على تقديمه لأبناء الجيل الجديد من الجاليات العربية المقيمة في أوروبا.
وأضافت “أسعى بكل طاقتي لأبقي حالة التواصل موجودة بين العرب وتاريخهم، وخاصة أبناء الجيل الجديد، فأنا أختار ماذا أغني، وأنهل من البيئات والتقاليد والشعر العربي، وأقدمها بصورة موسيقية تستهوي الناس”.
وانطلقت الأمسية الغنائية، بصوت الفنان الأردني ثمين حداد، الذي قدم بصوته الجميل تنويعات من الغناء الأردني الفلكلوري، إضافة لمجموعة من أغنيات الزمن الجميل، قبل أن يخطف الفنان رامي شفيق الجمهور، ويأخذه في وصلة من غناء بلاد الشام، ومنها: “يا هلا ويا مرحبا، حنا كبار البلد، ع العين موليتين”، كما استذكر تاريخ الفنان الراحل ملحم بركات، بوصلة من أغانيه قدم فيها أغنيتي “بدك مليون سنة” و”سلم عليها يا هوى”.
وفي ختام الحفل الذي قدمته الإعلامية إخلاص العتوم، سلم مدير السياحة والآثار في محافظة جرش فراس خطاطبة، بصحبة القائم بأعمال السفير التونسي لدى الأردن محمد علي بن حبيب، درع المهرجان للفنانة التونسية المتألقة.